[x] اغلاق
لقاء على هامش الذّاكرة
27/5/2013 12:23

لقاء على هامش الذّاكرة

بقلم: مارون سامي عزّام

عندما تبادر إلى فكري عنوان "لقاء على هامش الذّاكرة"، تذكّرت لقاءًا بفتاة قتلت بعفويّتها وجرأتها ساعات مللي، فأردتُ أن أُذكّرها به، لعلّها تتذكّره، لكنّي لم أعرف اسمها ولا هي عرفت اسمي. لقد كان لقاء لبضع دقائق، استفسرت منّي عن بعض الأمور، وذهبت. اليوم جعلتُ تلك الفتاة، التيوضعتها على هامش ذاكرتي، تخضع من جديد لإرادة ذاكرتي، من أجل أن أستعيد لها ذلك المقطع القصير العابر.

لا أريد القول أنّني أُغرمتُ بها، لأنّه كان لقاءًا استفساريًا لبضع دقائق، وأنا... كعادتي لم أُوجّه مسار تفكيري نحو تبنّي نظريّة "حب من أوّل نظرة"، لأنّي خفت أن يكون بحوزتها عملة حب تتبادلها مع آخر، فلم أرغب أن أكون متطفّلاً بأسئلتي، أو لحوحًا لأستدرجها، لأفهم إنْ كانت على علاقة بشخصٍ ما، لأنّ هذا الأمر لا يعنيني... ولستُ من الأشخاص المتسرّعين، الذين يُهيّئون صورةَ حُبٍّ من لقاءٍ خاطفٍ كهذا.

لماذا أجعل من نفسي دخيلاً غير مرغوب فيه في حياتها؟! وما أدراني بخفايا مشاعر تلك الفتاة؟!... تركَ هذا اللقاء أثرًا إيجابيًّا علي، ولا أدري لماذا طرق جمالها قلعةَ تكَبُّري؟! رغم أنّه ليس من السَّهل أن تُعجبني فتاة بهذه السُّرعة وبهذه البساطة... نسيت أن اليوم يصادف الذّكرى الثّانية لذاك اللقاء الهامشي.

صراحةً لم أجرؤ أن ألعب معها دور العاشق المحتال، ولا احبُّ أن أضع نفسي في مقام العابث بمشاعر الفتيات، لأنّي أرفض هذا الأسلوب الرّخيص. لهذا السّبب لم أضعها لم أضعها في أولويّات سلَّم ذاكرتي، لكنّي بقيتُ محتفظًا بعقب سيجارِ ذلك اللقاء، ولم أرمِهِ في منفضة النّسيان، واليوم بات هذا اللقاء يُرافقني، حتّى إذا التقيتها أُذكّرها به.

همَّشت تلك الفتاة أهمية تلك الدقائق العابرة، وابتعدَتْ... مع أنّني أعتبرها أجمل دقائق عُمري، لأنّها دمَغَت جمالها في ذهني، فمن تكون؟!... من أين أتت؟!... لماذا وجَّهت سؤالها إليَّ؟! لا أدري!!... أسئلة بسيطة وصغيرة، لا تستدعي منّي كل هذا الاهتمام، إلاّ أنّها بالفعل مُحيّرة، والإجابة عليها باتت أصعب، ويحتاج تحليلها إلى استخدام المنطق السّليم.

بدأت تبلّلُ مراح خيالي قطرات هطلت من غمام ذاكرتي، وأخذ هطولها يشتدُّ، كلما أمعنتُ في التفكير بها، ولكنَّ رياح الواقع العاصفة كانت أقوى منّي، فقذفتني بعيدًا، حتى ارتطمتُ بأرض الواقع الصلبة، فحَمَلتُمن ما تبقّى من عقب سيجار ذكرى هذا اللقاء، وجلستُ خلف طاولتي أنفث دخان الأوهام، بينما راحت يدي تعبث بالقلم لتخطَّ هذه السطور...