[x] اغلاق
براعم لا بُدَّ أن تُزهِر
29/7/2013 11:16

براعم لا بُدَّ أن تُزهِر

بقلم: مارون سامي عزّام

دائمًا ألتقي بعددٍ من الفتيات والشبّان، ويقولون لي أنّهم كتبوا خواطر جميلة، إلاّ أنّهم لا يرغبون بنشرها في صحيفةٍ ما، إذ يدّعون أنّهُم يحبّون الاحتفاظ بها لأنفسهم، رغم تشجيعي الدّائم لهُم، كي يرسلوا موادهم إلى إحدى الصُّحف الأسبوعيّة، ولكنّهم تغاضوا نصيحتي، وادّعوا أنّهم يخافون أن يُهملها المحرّرون، عِلمًا أنّ بعض محرّري اليوم، باتوا يشجّعون الأقلام الشّابّة الواعدة، مع الحفاظ على مستوى راقٍ وعلى جماليّة لغويّةتُبهِر المحرّر، تمنحه شعورًا أن هناك جيل من الكتّاب سيُزهِر ذات يوم وسيتألّق في سماء الأدب، من هنا يُعطي المحرّرمادّة الهواة التي بين يديه، أولويّة النّشر.

إنّ معرفة اللغة نحويًا وإملائيًا، يوفّر على المحرر الأدبي، مشاق "التمحيص" والتدقيق في المادة المرسلة إليه، من أجل أن يبقى مقبولاً ومفهومًا عليه أولاً والقارئ ثانيًا، وأهم شيءالابتعاد قدر الإمكان عن التمادي في ركوب حصان الخيال الجامِح...لئلاّ يلقي بفكرتهم في متاهات تعبيرية غامضة، تُربِك فِكرهم... يعجزون عن إيجاد مخرج منها، تُدخِل القارئ في مسارات مبهمة، لا يفهمها، فيضع المادّة المنشورة في الصحيفة جانبًا. 

يجب أن يتساءل هؤلاء الهواة: "منذ متى نخجل بالذي نكتبه؟!"، هذا التساؤل يجب أن يولّد لديهم شحنات إبداعيّة أوّليّة، لتضرب قلوب أفكارهم النّائمة، التي تعاني من فوبيا الانتشار، مع أن كار الكتابة غير سهل بالمرّة، ويحتاج إلى جديّة أكثر، وألاّ يأخذ هؤلاء الهواة، فكرة الكتابة على أنّها فقط للهو!!... روعة الإبداع تحتاج إلى ذكاءٍ حاد ومتّقِد جدًا، وتجديد دائم في الأفكار وتجميل النّص، ودراية كافية بالموضوع الذي يكتبون بصدده.

الخجل الذي يجعل إبداع هؤلاء الشّباب والفتيات "يغُص" من نغمة كلمة، يكون ناتجًا عن عدم معرفة اللغة جيدًا، رغم أن بعضهم أخبرني أنّهم يُطالعون، ويبقى السؤال ماذا يطالعون؟!إذا كانوا يقرأون المجلاّت والصّحُف،هذه لا تعتبر مطالعة، وأسمّيها قراءة ترفيهية، لتعبئة مخزون أوقات فراغهم، من خلال القيام بقراءة سياحيّة في مناطق التسلية التي يحدّدها مزاجهم، وتحدّدها لهُم معالم الإنترنت أو الإعلام الفنّي المقروء!!.

الهواة الخجولون يبحثونعن كل قطراتالقراءة، عبر نصوص الإنترنت، وليس عبر قراءة الأدب الغزير نصًا أدبيًا أو تثقيفيًا، للأسف هذه القراءات النّصيّة الإلكترونية، لا ولن تروي ثقافة الهواة الضّحلة، وما أقصده هو الثقافة التي تساعدهم على بلورة أسلوب خاص بهم، وليس بالضرورة أن تكون متعمّقة جدًا في كل المجالات، حتّى تضعهم القراءة على أولى خطوات الانطلاق في ميدان اكتساب الخبرة الأدبية قبل اكتساب إعجاب القرّاء.

لا أدري لماذا يتجنّب بعض الهواة الاقتراب نبع القراءة الأدب الرّاقي الذي ينضح بالإبداع الدّائم، مع العِلم أنهمبحاجةٍ ماسّة إلى أن يغترفوا من نبعه، ليُنير مخيّلتهم وهج ما أسمّيه "فن التعاطي مع الكلمة"... ولكي يرتوي بستان الأدب، من واحة عطائهم الذي آمل أن يستمر، لتُثمر أرض هذا البستان ببراعم شابّة، لا بُدَّ أن تُزهر يومًا ما.