[x] اغلاق
العقل في إجازة خمس نجوم!!
6/8/2013 19:49

العقل في إجازة خمس نجوم!!

بقلم: مارون سامي عزّام

منذ اعتصام الطلاب في خيّمة العطلة الصيفية التي ظلّلتهم بالرّاحة!! أقسَم غالبيتهم ألاّ يقتربوا من شيءٍ اسمه "كِتاب"، كأنه تحوّل إلى مَحضَر اتهام في الشُرطة... قطعوا على أنفسهم عهدًا ألاّ يحملوا قَلمًا، لأنّه تحوّل إلى أداة شاهِدة على مصيرهم العِلمي، بعد أن دوَّنت ما كتبوه من أجوبة خلال فترة الامتحانات، فاسترخى بعض الطلاّب في منتجع الترفيه التكنولوجي، ولَم يقوموا بأي حراكٍ ثقافي، ولم يبادروا إلى أي تحرّك تثقيفي ذاتي، غير جماعي.

نفسيّة الأولاد والشبّان الصّغار كانت متوتّرة من نتائج امتحاناتهم الأخيرة، فبعد أن اطمئنّوا على نتائجهم المذهلة!! أَدخَلوا عقولهم في سُبات صيفي طويل، لا تتغذّى بتاتًا، يعتقدون أنها تغذّت بما فيه الكفاية من عِلم!! وآن الأوان لعقولهم أن تستجم قليلاً في مصيف الإنترنت، بعيدًا عن أي حاجز ثقافي، يقفون عنده، ليستجوب معلوماتهم!

تكاثرت خلايا الانبساط والمرح في أجسام الطلاب الثّائرة حيويةً، بعد أن مرّت بفترة خمول خلال دراستهم المضنية لامتحانات نهاية السّنة، وارتاحوا من تصَفُّح الدفاتر والكُتُب، واليوم باتوا يتصفّحون صفحات الإنترنت متنوّعة المضامين بلهفةٍ وشوق! وكأنّهم خرجوا من أرض عبوديّة جهاز التربية والتعليم.

كما ارتاح مع الطلاّب حَرَس ذاكرتهم من حراسة أفكارهم، التي كادت تهرب من معتقل تركيزهم، بعد أن قضوا مع زملائهم أوقاتًا في ميدان السّهر، واليوم أجد معظم الشبّان الصغار يعقدون جلسات الباربكيو مع أصدقائهم في ميدان الاستمتاع بالحياة، تتخلّلها جرعات كحولية، آخر موضة أخلاقية!! عدم تنشيط خلايا الدّماغ، تؤدي بها إلى التشنّج خلال العطلة الصيفيّة، وهذا ما قاله حديثًا علماء النّفس، فهي مثل عضلات جسم الإنسان، لأن المواد التي تَعَلّمها الطلاب، مسحتها ذاكرتهم، وغدت ذكرى أليمة للبعض! فمن خلال ممارسات ثقافية مسليّة غير مملّة، تتحرّك خلايا الدّماغ الخاملة، ومراجعة المواد العلمية، لمدّة ساعة أو ساعتين أسبوعيًا، تجعلهم يسترجعون ذكريات ما قد درسوه، وهذا الأمر مفيد جدًا للجميع وحتّى للأطفال الصّغار.  

لا شك أن تفكير الشبّان والأولاد الصّغار يعيش الآن فترة نقاهة اجتماعية، يقضيها في مخيّمات التواصل الاجتماعي الترفيهيّة!! وبعد أن أبحرت عيون الشبّان والفتيات في قوارب الدراسة بشكل جدّي، وجدّفت رموشهم بكل عزمها، نحو شاطئ التخرّج! باتت اليوم عيونهم تُبحر على متن يَخت فخم اسمه "يوتيوب"، يبحثون في محيطه الواسع، عن "كنوز" المسلسلات والأفلام! كما يشاهدون أجمل الحوريّات المطربات، فيشارك بعض هؤلاء الشبّان الصّغار "الفيس بوك" بعضًا من كنوزهم... لأنهُم يعتبرونه رائدًا اجتماعيًا، أو حتّى نجمًا عالميًا، ولجوئهم إلى تلك المواقع الحديثة، هو بهدف نسيان "عذابات ومشاق" القراءة!!

هذا الجيل المتجدّد دائمًا!! تطوّرت تصرّفاته، حسب التطوّر التكنولوجي... ارتقت أخلاقهم الحميدة، حسب رُقي اكتشافاتهم الحديثة!! التي كنّا نجهلها، حتّى الأهالي لم يعُد بمقدورهم إدراك مفاهيمهم الشبابيّة!! هذه جلطة تربويّة، لم تنجح نصائح الآباء أن تخثّرها، أصبحت القراءة بالنّسبة للشبّان الصغار خصمًا لدودًا لهم، وبعضهم يقول أنهم لا يحبّذونها!... بحجّة أن طيّات الكُتُب تُبعدهم عن عجائب العالم الخارجي!  

اعلموا أيها الطلاب أن العطلة الصيفية ستنتهي قريبًا، وبدأ العد العكسي لافتتاح المدارس، كي يتحرّك دولاب السّنة الدراسية الجديدة بنشاط. فبعد أن "هَيّصتو وشفتو وجه ربكو"، يجب أن تُحضّروا حقائكم المدرسيّة، كما أتمنّى أن يكون النّجاح حليفكم الدّائم في كل خطوة مستقبلية تُقدِمون عليها.