[x] اغلاق
حرق بيوت الله... خرقٌ للتّسامُح
31/8/2013 0:23

حرق بيوت الله... خرقٌ للتّسامُح 

بقلم: مارون سامي عزّام

المتطرّفون الذين يُقحمون المساجد والكنائس في صراعاتهم السياسية المريرة مع السلطة الحاكمة، سواءً في مصر أو في أي دولة عربية، هم أعداء الدّين سواء المسيحي أو الإسلامي. هاتان الديانتان عانقتا التّسامح منذ آلاف السنين... اعتنقتا مذهب المسامحة، المبني على بنية فكرية حضارية سامية جدًا.

هذه الأعمال التخريبيّة الهمجية، لن تقضي فقط على نسيج التعايش الهَش بين المسلمين والمسيحيين في العالم العربي عامّةً، بل سوف تُغلق جميع مداخل النّقاش الفكري المتحضّر بينهم.لذلك التعقل في مثل هذه الأمور مطلوب وهو الصّواب بعينه، فالانجرار وراء مصطلحات ومفردات غوغائيّة، سيؤدي أيضًا إلى التّدهور نحو حرب طائفية دموية عقيمة.

الغَلَبة في تلك المعركة الطائفية السياسية الدّائرة في العالم العربي، تحت "رعاية" ما يسمى بالرّبيع العربي، لن تكون لأي طرف من الأطراف. الجماعات المتطرّفة، تريد إخراج جِن التعصّب المذهبي من قمقمه، كي تفكّك الترابط الأخوي والرّوحي السّائد بين المسلمين والمسيحيين، عَبر الدّعوة إلى الاقتتال، من خلال بعض القنوات الدّينية، التي تتكاثر مثل الخلايا السرطانية بقوّة، عَبر شبكة الإنترنت، الخالية من الرّقابة.

صمت رجال الدّين في العالم العربي ومحليًا مخيف جدًا، لأن تفجير المساجد والكنائس، هو تفجير للتسامح الدّيني، وهذا ما تبتغيه فعلاً هذه الجماعات المتطرفة، وتريد استهداف سلسلة التفاهمات بين رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية، الذين يحافظون على تلاحمها منذ فجر التّاريخ، من خلال جَسر هوّة الخلافات.

تفجير المساجد هو تفجير للفتنة بين جميع الطوائف الإسلامية في العالم العربي، من أجل أن تبقى متناحرة كالقبائل، وترسيخًا لعقليّة التخلّف...تفجير الكنائس هو كمين غربي، لخلق فوضى دينية في العالم العربي، حتى يقول الغرب لمسيحيي العالم العربي أن العرب لم ولن يتغيّروا وما زالوا إرهابيين!... مع أن هذه الأعمال المشينة، هي خطّة أمريكية، خطّط لها الرّئيس السّابق جورج بوش الابن، الذي وضع حجر الأساس للفيلم التّشويقي "الرّبيع العربي"بعد حربه على العراق عام 2003، عندمافشِلَ في فَرض ديموقراطيّته على العالم العربي!واليوم نشاهد تطبيق السيناريو الإمبريالي على أرض الواقع.

إنّي أتساءل،أين غابت أصداء التّنديد الشديدة؟!! لماذا تراجَعَت عربيًا ومحليًا الهبّات التضامنية الاحتجاجيّة كالتي شهدناها في السّابق ضد أي عمل إجرامي؟! لماذا لم تبادر إذًا أي مؤسسة عربية أو محليةإلى مسيرة احتجاجية واسعة، عندما مزّق النائب الفاشي بن آريه الإنجيل المقدّس؟!... لماذا لم تُنظّم حتّى مظاهرات شعبية، ضد ما حدَث ويحدُث اليوم في المناطق الفلسطينية من اعتداءات شبه يوميّة على المقدّسات من قِبَل غلاة اليمين الإسرائيلي؟!

نسيَت الأمة العربية وجماهيرنا، أنّهُم يعيشون في حوضٍ شرق أوسطي آيل للانفجار في أي لحظة،أصبح تفاعل بعض الشخصيات المحليّة مع الأحداث مجرّد فتات كلمات شجب يرمونها كمهدّئ، منعًا للحساسيّات الدينية،وباتت خارج نطاق التغطية الاحتجاجيّة،أليس هذا تعتيمًا مؤسّساتيًا اجتماعيًا مُخزِيًا جدًا؟!