[x] اغلاق
ما بين التّرَدُّد والإقتناع... هُوّة عميقة...!
31/8/2013 0:28


ما
بين التّرَدُّد والإقتناع... هُوّة عميقة...!

نانسي مزاوي شحوك


شخصيّتك المتَميّزة المُصنّفة في درجة مُحدّدة من الأعلى إلى الأسفل، المُتراصّة بين المراتب، ما هي إلّا عبارة عن مجموعة خيارات مُتنّوّعة، إما أن تملك حُريّة إختيار الأشياء، أو ينهالُ عليك الأمر كَفرضٍ وجَب عليك تأديته، أو كعقيدة لا مناص منها. يوضَع المَرء في مَفرَقٍ مُتَشعِّب، سَهل كان أم مُعَقّد، واضح كان أو مسلكه يغط بالضباب، عليه أن يُنَشّط فكرَهُ قليلاً كي يصل للإقتناع التّام بأن اختيارَه هو الصّواب. إذا ما لبث واحتار أو اغتاله التّردّد ..أمامه حل من تلك الحلول: إمّا السّقوط في حُفرة بعيدة القعر تُدعى "الحيرة"وحينها لن يَقتنع، أو أنه يرضى بالأمر الواقع ،أو يتراجع، أو تَتَقَنّع فِكرهُ أجنحة القناعة التّامة، التي تجعله يُحَلّق من فَوق تلك الهُوّة للوصول لبر الإقتناع الكامل والأكيد. التّراجُع، الحيرة، التّخَبُّط والتّوهان، هم من صفات الإنسان المُترَدِّد! فكم تكون المشاعر قاسية ومُحبطة حين تجد نفسك مُرغم على تَقَبُّل قناعة مُعيّنة، في الوقت الذي تكون من أعماقك رافضاً الفكرة بتاتاً. شُعور الفَرد بالتّردُّد، وأنا أتَحَدث عن التّردُّد عامةً عن كل ما يجولُ في عُقولنا من خيارات إن كانت حياتية، زوجية، دراسية، عملية، حتى قرارات في اختيار أبسط الأشياء كالطعام واللباس، على المرء أن يملك الحُريّة التّامة في ما يميل اليه، بعيداً عن تأثير المُحيطين، كي يصل دوماً للإقتناع الصَائب، حيث يمتقع وجهه غبطةً وبهجةً من شُعورِهِ بالنّصر والطّمأنينة عند وُصوله للبرّ الصّحيح، بعد أن كان المَوج قد تَخَبّط به جهات مُختلفة، حتى رسى في الأمان والنّجاح لتَوفُّقه في اختياره. فالمُتَردِّد كمن غرق في عُمق الحيرة، يعلو ويهبط، مُختنقاً مُنتعشاً، حتى يصح خروجه من هذا المأزق، أو سقوطه في مأزقٍ أكبر وهو السَقوط غَرقاً في القعر. المُقتنع يعي تماماً في عقله الباطن أنّه إنسانٌ واعٍ وسعيدٌ، تضيقُ به الدّنيا وتخلو من كل الشّوائب والأشواك التي اقتلعها بدءاً من درب التّردُّد، رامياً إيّاها في الهُوّة الجوفاء، مُنتصراً على العقبات، مُتجاوزاً كل الهاويات.فأن تضَع ذاتك في دائرة التّردد ليس بالأمر المنهي، الخطأ أن يرتديك التردد كرداءٍ شائك ينهش جسدك ويعمي بصيرتك عن ما هو حسن وملائم لك. درب الإقتناع هو مسارٌ أخضرٌ يانعٌ، كمن تزهو من حوله الورود، وتحوم فوق رحيقها الفراشات.كأن الرَّضا يمتلك مسامات روحك، وينتعش عقلك بالهناء، ويفتخر كبرياؤك بنفسك لأنه راضٍ كل الرضا عن خياراتك المُوفقة المُقتنَع بها. فحَلِّق عالياً فوق تلك الهُوّة، لتلمح الأمور بوضوح وكأنك تعيشها عن كثب...فإما أن تهوى من الأعلى، وإما أن تُلغي كل الفكرة من جَوفِ دماغك، أو أنك تحط أخيراً على أرض الإقتناع المُحَتم.