القدرة على تحمل ضغط العمل

بند مهم وواضح بأي اعلان لطلب موظف ..( القدرة على تحمل ضغط العمل)  ...كل مرة كنت اقرأ اعلان الوظائف و اقرأ     هذا البند كنت اشعر انه بند تافه وغير مهم ... كيف لا نتحمل ضغط العمل  و ما يحيط به من اجواء حافلة  بالحركة و الاوامر و التنفيذ بل كنت اظن ان العمل بدون ضغط و حركة لن يكون عملاً مثيراً  يلائم شخصيتي كانسان يحب الحركة و التفاعل و الانجاز .. أكثر ما اكرهه حين اعمل ان اجلس على منضدتي و اشرب القهوة و الشاي و الزهورات و اتابع الفيس بوك او اتأمل الناس من النافذة بلا حركة او عمل و اشعر بنعاس جارف و ملل قاتل و اتخيل الكرسي كسرير دافئ يثير لدي الرغبة بالنوم او اتمنى ان اضع راسي على الكرسي و اغرق في احلام يقظة تنسيني ما حولي .. احب ان احلم في بيتي و غرفتي و  يحيط بي ما احب من اجواء و موسيقى و كتب و قصاصات ورق تشعل بداخلي مقومات حلم اليقظة المثالي

المهم نعود للعمل و الضغط المرافق له .. ما دعاني لكتابة هذا الكلام هو اني كما المعظم يعلم قد استلمت عمل جديد بمكتب جديد مع مدير جديد ... مربط الفرس هنا ( المدير الجديد ) حين كنت في عملي السابق و مكتبي السابق و عند مديري السابق تعلمت المعنى الحقيقي من ذلك البند المبهم الذي تبين فيما بعد انه خطير جدا و مهم جدا

كان مديري شخص شرس كئيب مستبد ... صارم حد التعاسة و عصبي حد التوتر .. كان يحب ان تنجز الامور بوقت قياسي باتقان خيالي و لا مجال للبطء او الخطأ ... في البداية اصابتني حالة تحدي اني اريد ان اثبت نفسي و اظهر مهارتي بالمجال الذي احبه الاكثر ...الذي حجز التذاكر على برنامج الكتروني على الكمبيوتر و كانت لدي الطاقة اللازمة لتحمل ضغط العمل 

كان اول شهر محفز جدا .. عملت بكل نشاط و ابدعت بما افعل كي اتلقى كلمة استحسان واحدة من ذلك المدير الكئيب ... و قلت سأثبت له و للجميع و لكل من يضع ذلك البند  بتلك الاعلانات ان من مميزات العمل هو  تحمل الضغط ... المهم  بالطبع لم اتلق  كلمة استحسان لكن بالمقابل لم اتلق كلمة عتاب او ذم فايقنت ان مديري متكبر و لن يعترف بمهارة احدهم بالعمل ... مرت الشهور و كانت معي موظفة طيبة تعمل معي و لشدة غروري بنفسي لم اكن انتبه لما تتعرض اليه من مضايقات و اساءات نفسية من المدير حتى ثارت ذات يوم و  القت الاوراق و امسكت حقيبتها و غادرت فوجدت نفسي لوحدي برفقة وحش مادي لا يعرف الرحمة ...

بدت الامور تنكشف و بدأ المدير يكشر عن انيابه الحادة و بدأ العمل منذ الصباح حتى العصر في حالة توتر كاملة ... مهما فعلت و مهما انجزت لا يفرح و مهما ابدعت او تفننت حتى بالعمل لا يضحك و استمر بسماع كلمة اعمل اشتغل انجز ... ضغط ضغط ضغط .. بدات ارى الديك ارنب و باتت الامور متشابكة و بت اكره الاوراق و الحجوزات و من يتصل ليؤكد حجز و من يأتي للمكتب ليطلب تذكرة .... اخاف من الخطأ و انام ليلا و احلم بكوابيس اني ارسلت احدهم لتركيا عوضا عن الصين و ان التذكرة لم تصدر بموعدها و ان المدير غاضب و استيقظ صباحا على صوت المنبه فاظن انه المدير يتصل ليصرخ او يعاتب او يقول اعمل اعمل اعمل

اصل للمكتب و انا مرهق اراجع التذاكر عشرات المرات و في كل مرة و رغم تيقني من صلاحيتها اجدني انقبض و اتوتر حين يراجعها المدير التعيس و حين ارى حاجبيه قد اقتربا من بعضهما البعض اصاب بحالة نرفزة و عصبية و افقد بهجة اليوم و جمال الصباح  حتى جاء يوم فقدت به رغبتي في العمل و الانجاز و الابداع و تمنيت النوم حتى ساعات متأخرة و ان يرن هاتفي النقال ولا اجد رقمه يحزن شاشتي ... و ذات يوم استيقظت و ذهبت و دخلت المكتب و امسكت اوراق بيدي كما فعلت زميلتي السابقة و رميتها على الطاولة فقط للتأكيد و قلت له جملة لا انساها كما لن ينساها هو كذلك : اذا بقيت في العمل سأقتلك

و خرجت و حين قابلتني اشعة الشمس بالخارج ابتسمت و ركضت حتى وصلت البيت و ارتميت على سريري و نمت و استمريت بالنوم ل 3 شهور كاملة حتى اشتقت مجددا لضغط العمل و الانجاز و الابداع  فخرجت لمكتب جديد و مدير جديد و كانت اول جملة قلتها له حين المقابلة : جئت لأجربك و ليس لتجربني و خلال شهر اذا وجدت ان ضغط العمل لديك لا يحتمل يفتح الله عمي ...

و اليوم اكملت اسبوع و حتى الان لم اجد الا عمل اشكر عليه و ووجه صبوح و ابتسامة طيبة و الاهم من كل هذا خزانة مليئة بالشوكولاته و البسكويت و ما لذ و طاب من المحفزات التي تساعدك لبدء يوم عمل نشيط خالي من الضغوط :)

و نصيحة مجرب : صدقوا كل ما تنشره تلك الاعلانات من شروط و تاكدوا انه  لايوجد دخان بدون نار

محمد جمال صبح