[x] اغلاق
قُوّة ضَعف رَهبتِهم..تخلق معنىً آخر للإحترام
2/12/2013 12:54

قُوّة ضَعف رَهبتِهم..تخلق معنىً آخر للإحترام

إحترام الآخر بالمعنى الجاهلي الصّائب هو أن أحني له قُبّعتي تَبجيلاً، تعظيماً وتقديراً مِنّي على استحقاقِهِ لهذا الإهتمام الرّاقي، النّابِع من الإقتناع الواعي بـأنّه عليك التّمسّك به قُدوَةً ومثالاً، لأنّه فعلاً جدير بهذا الوفاء الذي من المفروض أن يُتبادل بين الأفراد...

الإحترام المُتَحضِّر، الذي يُفرَض علينا مِراراً، نَلمِسُهُ لِوَهلة كَفَرض لازِم وواجب تأديتُه كي تستمر المُعاملات والمُداوَلات في حلقات الوصل بين النّاس.ليس محبّة ومودّة، بل خوف ورعب يتشبّث بالأعناق.

أن أحترمَ الشّخص المُقابل لأني أهابُه، أخاف من سلطته، واحترامي له يتجرّد من المعاني القيّمة والمبادئ، يخلَق للإحترام معنى مُغاير يُبقي عليه للأسف بنفس الحُروف التي لم نعُد نُميّز صوابها من الخطأ، يَخلق بين النّاس أقنعة ووُجوه مُتلوّنة لا تمت للحقيقة بصلة، أقنعة مُرتسمة بالبسمة المُزيّفة، قُلوب نابِضة بِخفقات آلية لا شُعور بها ولا حياة...

ولكن...هل يا ترى أصبح هذا المعنى مُتَوَغّل في سمات أطباعِنا اليوميّة؟ ألم يعد للأقتناع بشخصية الآخر كيان؟ هل أحترم الشّخص المُقابِل فقط لمصلحتي الشخصية الأنانية؟ أأُملي عليه احتراماً لِمُجَرّد تَربّعة فوق السّحاب، مُعتقداً أنّه يرمقني من الأعالي بنظرة جُهنميّة تُشعِل قُلوبنا بالرعب، ليَتحوّل حينها الفرض الأناني للإحترام لغير مُتبادل؟ أم أنّه ما زالت الكنوز المدفونة من الزّمن الماضي حيّة تُرزق، ولكن يتّعسّر على الجيل الصاعد الحفر والهلاك للحصول عليها مُجدّداً، لإطلاق العلاقات الوديّة سابقة العهد إلى الحياة من جديد؟  لعلّنا نجد مُتنفّساً آخر نَعبُر من خلاله لشخصيّة الآخر براحة واحترام حق يَنبُع من مَشاعِر صادقة تستدعيك رغماً عنك  لأعادة ما مضى من زمنٍ فات، لتسترجع الأخلاق والحُب والصفات الحَسنَة كمعنى أدق لاحترامك للآخر، بدل من تشويشه بِشُعور الرّهبة والخَوف، الذي يُعكّر صفو قُلوبنا دون سبب مُقنع، يجعل من الآخر يعلوك في الجاه منصباً أعلى، لتبدو أمامه كالأبله التافه،والسماح له برمقك بنظرة الإحتقار والضغينة.؟؟؟

إحترامي للفَرد شئ، ورهبتي منه موضوع يختلف كُليّاً...

الإحترام المُتَبادَل الصّادِق بمعناه الحرفي والمعنوي، ينم عن شُعورٍ مُتَبادَل يحمِلُهُ كلا الطّرفين، عن اقتناع تام بأن أنا والآخر بذَلنا ونبذُل كل الجُهود لِنُطوّر شخصية نامِية، مُتَفهّمة، ومُحِبّة اتجاه الغَير، والتي تجعل منهُم راضين كل الرّضا عن ذاتِهِم أوّلاً ثُمّ عنا، لأن الظُّلُم بينَهُم خارج نطاق اللعبة، والذي نجده بعيداً بين النّاس التي تتصنّع القُوّة، والآخرون يُسَخِّرون من أنفُسِهم لأرضاء هذا النّوع التّافه، الذي لن يأتي عليهم بالفائدة مهما أذلّوا رؤوسهم انحناءاً للأسفل.

والنتيجة؟ أنّنا اليوم نعيشُ في دوّامة فَزَعٍ رهيبة، تُعطي للرّماد المُتطايِر الأسوَد حقاً أعظم منه، حقاً غير مُستَحق يَجعله يفردُ جناحيه بعَرض السماء، وكأن النّاس قّد خُلِقت ملكاً له، مفروض عليها "احترامه"، مع أنّه في الواقع لا شئ.

نَعيشُ في مطَبٍ أجوَف مَن يهوي في أعماقِه يَنكسِرُ انزلاقاً، ويتألّمُ وجعاً...

 

فنحن كبشر، علينا احترام النّاس من حولنا، اعطاءهم المحبة والثقة المُستحَقة، طيبة القلب نغدقها عليهم بغزارة، إلى أن تستغيث الكرامة في وجهنا ذات مرة، وتُوضّح لنا الصورة العمياء التي نزحف اتجاهها صَوب الخّطأ، وتُشير لنا بالبنان على أن الإحترام قَد خُطَّ له معنى آخر من قُوة ضَعفِ رهبتِهم....فإما أن يكون الإحترام ممزوجاً بأسمى المعاني والمُفردات، وإما أن يُفَتت رماد رهبتِهِ في شظايا النار ويتلاشى في طريق اللاعودة.