[x] اغلاق
شفاعمرو تولد من جديد مع أيام الميلاد المجيد
30/12/2013 11:25

شفاعمرو تولد من جديد مع أيام الميلاد المجيد

زياد شليوط

يعجز اللسان أو القلم، يقف الحرف حائرا، حتى الصورة تتراجع.. الدهشة تعقد اللسان.. المفاجأة تحير القلم.. الفرحة لا تستوعبها الكاميرا.

فكرت واحترت، فالحدث أكبر من أي كلام أو وصف، إنه ليالي شفاعمرو الميلادية في السوق القديم.. من أين يمكن أن تبدأ؟ في وصف السوق وقد عادت اليه الحياة.. في نقل مشاعر الأهالي، التي ارتسمت على وجوههم البسمات العريضة ونظرات الدهشة والاعجاب.. أو أحاديث الذكريات كل يروي ذكرياته هنا كان الحلاق الذي يجلسنا على كرسي خشبي ويدلف الى المقهى المجاور لينهي لعبة النرد أو الشدة ويعود ليكمل لنا قص الشعر. هنا دكان أنيسة ومن لا يعرفها، لكن هنا الى جانبها دكان الدراجات الهوائية حيث منه ينطلق الأولاد في جولات جذلى، وهنا دكان الملبوسات والى جانبه محل الحبوب، هل تذكر؟ وهنا دكان الخضرة وهذا دكان الدجاج، أسماء تخرج من عب التاريخ وقميص الذاكرة، فتستعيد ما كتبه الأستاذ الياس جبور في كتابه " من شذى بلدي" حيث يكتب " فالمرحوم أبو شفيق حنا الديك وكان يحترف من المهن والحرف ما يفوق الوصف والخيال ومنها كي الطرابيش، وقلع الأسنان.. والمروشي الذي كان يسبغ على السوق جوا من المرح والسرور بنكاته و"مقالبه" البريئة التي لكم يكن ينجو منها أحد!!.

وتستحضرك أسماء من تركوا بصماتهم في السوق هذا يسألك وذاك يتذكر معك.. يا ألله ما هذا هل نعيش في حلم، عادت شفاعمرو تعيش ماضيها بشكل جديد، الأسماء ما زالت تعيش في الذاكرة والوجدان، العواطف والحنين للماضي ما زال يعشش في قلوب السكان من مختلف الأعمار والأجيال. وأرى أن أمنية أبي جبور وأبناء جيله والأجيال التي تلت قد تحققت، حيث تساءل وصرخ في كتابه "هل من يعيد إلى هذا السوق عزه القديم؟.. وهل من يعيد إلى شفاعمرو أيامها الحلوة؟"

لقد رأيت الفرحة تقفز من عيون المئات الذين تجولوا في السوق القديم يذرعونه شرقا غربا وبالعكس، واعذروني ان قلت من أبناء جميع الطوائف الشفاعمرية، انصهروا كلهم في السوق القديم طائفة واحدة، شعبا واحدا والكل يلتقي ويبادل الآخر السلام وعبارة "كل عام وأنتم بخير"، يتردد صداها عند كل حجر في أبنية السوق ومع وقع كل خطوة يخطوها شفاعمري أو شفاعمرية على أرض السوق، هذه هي شفاعمرو التي نتوق اليها ونحلم بها ونتمنى العودة لأحضانها الدافئة. يتوقف المربي والصحفي صديقي حاتم حسون ليسرد لي ذكرياته وعيناه تشعان بنور الشبان الصغار، ويلتقيني صديقي الفنان سعيد سلامة معانقا وكأنه يولد من جديد مع الفرح الطفولي، وأرى صديقي وأخي المربي يوسف شحادة صديق الطفولة وابن حارة الزقاق أرى في عينيه فرح الطفل البريء الذي يبحث عن ذكرياته السعيدة وأولى خطواته ووالدته المرحومة أم يوسف ترافقه في أنحاء الحارة، وألتقي صديقي وزميلي المربي يوسف صبح وزوجته برفقة الصديق والزميل، مدير عام البلدية عمر الملك ونستعيد الذكريات والأسماء والأماكن ثانية وثالثة ولا نمل أو نشبع. وألتقي في اليوم الثالث المربي وصديقي وأخي الدكتور كمال شوفانية، فيتحدث باعتزاز واكبار عن هذا المشروع الذي أعاد الفرحة للشفاعمريين و لا يكتفي بهذا بل يخبرني وبفرحة غامرة أنه وفي كلمة الصباح أمام طلابه في المدرسة، تحدث عن هذه المبادرة الرائعة لرجال الدين ودعا الى الامتثال بهم في العمل المجتمعي والبلدي. هذا ناهيك عن إشادة رئيس البلدية الأستاذ أمين عنبتاوي بهذا العمل الجبار وشكره لكهنة الكنائس الذين بادروا ووقفوا وراء هذا المشروع الرائع.

حقا ماذا يمكن ان يقال بعد، المشاعر جياشة وتتفاعل في داخلي، لكني أتوقف بين العبارة والعبارة لأجد نفسي عاجزا عن نقل ما يشعر به القلب وما يتفاعل في قلوب أبناء بلدي. ولا يسعنا هنا إلا القول بورك من بادر وخطط لاعادة الحياة لسوق شفاعمرو القديم. بوركت السواعد التي أعادت للسوق القديم في شفاعمرو رونقه وجماله.

 

كما لا يسعنا إلا أن ننشد مع شاعرنا الفلسطيني محمود درويش "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" أو نردد مع الملائكة في أيام الميلاد المجيد "..وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة"