[x] اغلاق
في رثاء العمة الغالية ام الدخيل ..
7/3/2014 9:47

في رثاء العمة الغالية ام الدخيل ..

ثقافة الأمومة والطيبة والكرم الأصيل...

"كاللؤلؤة ساطعة في حي باب الدير" هكذا استهل الأب الموقر اندراوس بحوث رثاءه للعمة الفاضلة ,متممًا سيلاً جارفًا من كلمات الثراء والمديح بأخلاق وطيبة وسيرة تلك الإنسانة العظيمة التي ضحّت بحياتها من أجل تنشئة وتربية وإعالة عائلتها وخدمة مجتمعها.

"امرأة فاضلة من يجدها " كلمات القس فؤاد داغر من الكتاب المقدس , والذي جمعته بالعمة ام الدخيل صداقة حميمة وأمومة مستفيضة .

 

لقد غمرتني العمة الغالية بعطفها وحنانها منذ ولادتي في من اختارت إسمي "تهامة" ,الذي أحبته ورأته مميزًا عن غيره من الأسماء والذي استقته من اسم ممثل في مسرحية مصرية اذاعية, الامر الذي أغضب جدتي حينها التي رفضت الاسم جملة وتفصيلاً ولكن دعم والدي لعمتي في انتقاء الاسم كان له الفضل الاكبر في حسم القرار

وكانت لي بمثابة الأم الغالية والرفيقة الحنون فقطعنا سوية اشواطًا في مواجهة هذه الحياة حيث ترعرعت بأحضانها واعتبرتني ابنها البكر المميز فتقاسمنا الطعام والشراب والمسكن والملبس في حياة مشتركة مميزة من خلال حب أمومي جارف, حتى فقدت القدرة على التمييز بينها وبين والدتي فعشت أنعم بوالدتين "تتنافسان" على مأكلي ومشربي وحياتي فعشت أتلذذ ,مستمتعًا, بفطورين وغذائين وعشائين وعطف والدتين في حالة من الهيمان والحب الجارف على مدار سنوات طوال.

 وكانت لحظة وفاة والدي من أصعب وأشقى لحظات حياتي وحياة إخوتي ووالدتي , حينها غمرتنا العمة الغالية والعم ابو الدخيل بوافر العطف والحنان على مدار سنوات طويلة في محاولة مستميتة لتعويضنا فقداننا الأليم ,فوصلا الليل بالنهار وسهرا الليالي الطوال الى جانبنا ليطمئن قلبهما  على تربيتنا وسلوكنا وحياتنا ,وذلك على حساب اولادهم الاطفال الذين طالموا احتاجوا هم كذلك الى عطف ورعاية والديهما.

"التحمت" العمة الغالية في ربيع حياتها بالناس من خلال اللقمة اللذيذة والاستقبال المميز والكرم الحاتمي  في مطعمها العامر في حي باب الدير وبيتها الدافئ, فأحبها القاسي والداني محبة الأم الحنون فتناولوا طعامها بشغف وتناولوا معها كذلك أطراف الحديث الشيق الممتع في طيبة قلب وأمومة فياضة ، حيث وقع خبر وفاتها كالصاعقة على محبيها وجاءت جنازتها مهيبة ،حزينة شعر من خلالها الناس بحسرة الفقدان الأليم .

ان صفات الأصالة التي ميزت العمة الغالية كانت إرثا غاليًا من أم جبّارة فاخر بها الشفاعمريون وعرفها القاصي والداني, الجدة الغالية –عليا "نجار" مشيعل والتي اشتهرت بجمالها ورفعة أخلاقها وصلابتها , حيث شكلت قلعة شامخة للذود عن أهالي المدينة في المحن والسراء والضراء , فشاركت في عدة معارك جنبًا الى جنب الرجال الأشداء الأقوياء دعمًا وسندًا وكانت المرنمة الاساسية في الأفراح والأتراح وأول مصنعة  ل"جودل" العرسان والعرائس ..

لم تنكر يومًا أم الدخيل فضل والدتها على تربيتها وتعليمها أسس الكرم والعطاء والنخوة والطيبة والأصالة لا بل أكدت دائمًا أنها من صلب ذلك الهرم ساعية الى إعادة أمجاد والدتها, معترفة انها لن تستطيع ان تدرك انجازاتها يومًا بينما اكتفت دائما بشرف التجربة .  

يعتبر رحيلك عمتي الغالية نقطة تحول كبيرة في حياتنا فكما ان شيئا لم يعوضنا على فقدان والدتنا المرحومة ,أم جبران, والتي تركت فراغًا لا بل فجوة عميقة في حياتنا ,هكذا فإن رحيلك عمّق هذه الفجوة وترك ندبات عميقة من شدة الحسرة والألم كالوشم محفورة في حياتنا وعلاقاتنا الأسرية .

واليوم ونحن نخوض تجربة الرحيل والفقدان الأليم ,عزاؤنا في إيماننا الساطع , ورجاؤنا بمخلصنا يسوع المسيح ...فليكن ذكرها مؤبدًا

تهامة نجار