[x] اغلاق
هلا... قناة مُلتزمة أم متأزّمة؟!!
3/4/2014 13:21

 

هلا... قناة مُلتزمة أم متأزّمة؟!!

 

بقلم: مَارون سَامي عَزّام

في ظل الانقلاب المرتقب الذي قد يحصل في سلطة البث، طبعًا بعد موافقة الإعلامي الألمعينتنياهو،على الإصلاحات الجذريّة المطروحة، لأنه المسؤول المباشر عنها، فهذا الخبر "العاجل" كان له أولويّة التغطيّة الصّحفيّة الكاملة، بينما أخبارنا الإعلاميّة تبقى أضواءها خافتة جدًّا، ولا تُثير ضجّة إعلامية، ودائمًا خارج التغطيّة الإخباريّة للصّحافة الإسرائيليّة، حتّى قناة "هلا"، لم تُغيّر إطلالتهاالإعلاميّة الفريدةالتي لا تشبه أي قناة،بل أصبحت أسوأ من بداية ولادتها، بالفعل "أحيّيها" على انطلاقتها المتجدّدة نحو فضاء الاستهتار بمليون ونصف عربي يعيشون في هذه البلاد، لأنّ هذه القناة قد انطلقَتلتسد الفراغ الإعلامي المرئي الذي يعيشه الوسط العربي.

مع افتتاح قناة "هلا"، قبل قرابة عامَين، توسّمت خيرًا، لأنه كان حافِلاً بالبرامج الحواريّة الخفيفة، وفقرات الطّهي التي رافقت هذه البرامج!! والفقرات الترفيهيّة المحليّة وغيرها، وحتّى عرضَت مسلسلاً عربيًا، وحينها كتبت مقالاً كدعم للقناة، رغم تحفّظاتي العديدة عليها، وذكرتها في مقالي. ولكن بعد فترة، بدأ البث يتشوش رويدًا رويدًا، إلى أن حُجِبَت فجأة عن الشّاشة الصّغيرة، ولا أدري لماذا!! فاعتقدتُ أنها أفلسَت، أو ربّما نشأ خلاف بين الشّركاء، أو أنّهم يعيدون حساباتهم، لكي تنطلق "هلا" بحلةٍ جديدةٍ، لتُبهرنا بمضامينها الرّاقيّة!!

فوجِئت أنّها عادت إلى السّاحة الإعلاميّة بصورة مغايرة لم أتوقّعها صراحةً، إذ اكتشفت أنها تعمل حسب خطّة برامجية ملتزمة بطبقة معيّنة من المجتمع العربي، وهي الطبقة المثقّفة فقط،أمّا بقيّة شرائحه ملغيّة كليًّا،ليس لها أيوجود على جدول برامجهاالضَحل الذي لا يُنعش المشاهد العربي، الخالي تمامًا من أي برامج فنيّة أو ترفيهيّة مُسليّة تلائم جميع أفراد العائلة... لدرجة أنه لا يحتوي على أي نشرات إخباريّة.

دورة برامج قناة "هلا"، للأسف الشديد جدًّا، تجري في جِسمٍ إعلامي عاجز ماليًا، يُعاني من شلل توجيهي عام، ما زال يكرّر نفسه يوميًّا، بشكل ممل،الترفيه الوحيد الذي تقدّمه لنا قناة "هلا"، هو ترفيه غربي، بِعَرض أغانٍ لمطربين أجانب في ساعة متأخّرة من الليل،فأي فن عربي أو محلي، لن يمُر على شاشتها، على اعتبار أنه "فن هابط"،لا يليق بمستواها الرّفيع! على اعتبار أنها ملتزمة بشعار "تلفزيون هَجَر بلدنا"،وليس بشعار "تلفزيون من بلدنا"!! فمن العيب أن تتباهى بهذا الشعار...من المخجِل أن تحمل الجنسيّة العربيّة المحليّة، فهذه سياسة تمويهيّة، وتهرّب من السّلوك المهني، وأستغرب لماذا مجلس البث الفضائي الإسرائيلي، لا يفرض على القناة غَرامات ماليّة، لخرقِها بنود الترخيص الذي حصلت عليه!!

نجمة برامج قناة "هلا"، والتي تأخذ مساحة واسعة من ساعات البث، خاصّة في الفواصل التي تفصل بين برنامج وآخر، وأيضًا في ساعات الليل والصّباح، هي البرامج الوثائقيّة الغربية، التي اشترتها من القناة الألمانيّة DW،شِبه العربية، فعِوَض أن تُعرّف الجمهور العربي وخاصّة الجيل النّاشئ على المعالم الأثريّة لبلاده، والتّاريخ العريق للقرى والمدن العربيّة،وعاداتها وتقاليدها، للأسف الشّديد قناة "هلا"، تُرحّب بالجمهور العربي قائلةً: "يا هَلا ومرحبا بالثقافات الأجنبية"، حتّى جعلتهينفر من هذه القناة الغريبة.

من المفروض أن تكون قناة "هلا"، قناة تجاريّة لها مشاهديها، تشجّع المعلنين العَرَب خاصّة على عرض إعلاناتهم فيها، لأنهم يعانون من نقص في هذا المجال،فمن المتعارف عليه أن أي قناة تجارية يملكها أحد المستثمرين،يضخ إليها الأموال لاستمراربثّها، إضافة إلى جذبها لشركات الإعلانات،وهذا يدلعلى أهميّةالقناة، واحترامها لذوق المشاهد، الذي سيزيد من بقعة انتشارها، فمن جهة تستفيد القناة ماديًا، فتزدهر اقتصاديًا، لتستطيع إنتاج البرامج أو شراء مضامين جديدة، ومن جهة أخرى الشركات المعلنةتنجح بالترّويج لمنتجاتها من خلالها.

كل هذه الأمور غير معترف بها في قناة "هلا"... لأنها برأيي متأزّمة اقتصاديًا، فكيف سيتجرّأ المعلنون العرب على عرض إعلاناتهم فيها، وهي ماتزال تعيش في قفر إعلامي؟!فما دامت لا تهتمبأذواق الجمهور، تتنكّر لقضايا الجماهير العربية السّاخنة، فلن يعترف أحد بوجودها، لن يتعرّف أي مواطن عربي على برامجها، لأنها مدّت بينها وبينه جسر الاغتراب، تسير عليه وحدها،وسائل الإعلام الإسرائيلي تتجاهلها، والمحليّة والإلكترونيّة أيضًا، ألم يكن من الأجدر لقناة "هلا" أن تبقى مُشفّرة؟!