[x] اغلاق
عندما يبكي الرجال
15/5/2014 11:06

عندما يبكي الرجال 

بقلم المحامي هشام عزات خطيب- شفاعمرو

في ذكرى رحيل بطل من فلسطين, من الشرق, في ذكرى رحيل الاب والأخ والصديق والانسان مروان نايف خطيب

اعذرني, فقد سمحت لنفسي الوقوف أمام نعشك من دون رقابة وبدون منافس, سمحت لنفسي أن أفتح عيناي كي أراك من قريب وأنت لا تراني!

هل أنت غاضب علي؟ لا تريد أن تكلمني! أم أنك لا تراني؟

هل تسمح لي بالبكاء ولو للحظة

أم أنك ترفض لقاءي من قريب!

يا حبيب العين

لست أنا شاعر رثاء

أو كاتب قصيدة

لكني أنسان ربما أكون انسان!

في حضرتك تعبت من البكاء

ولم أعد أستطيع الوقوف, حاولت جاهداً لكني كُنت ضعيفاً, خفيف

 الحركة, لم أسمع شيئاً, سوى نبضات قلبي التي توقف للحظات وقت الحادثة.

أنا لا أجيد القراءة والكتابة

ولا حتى لغة التعبير

أنما أعرف تماماً أنك اسطورة من بعيد

قصة غريبة من زمن لا يعود

ومن ذكريات مريضة باتت شبه مستحيلة

نم يا حبيبي, كي انشد لك لغة الخلود

لغة الحب, البساطة والبطولة.

أنت ايها الساحر الشجاع,

لقد قتلتني البراءة في عيناك

والتواضع في كلامك

والسماحة في أعمالك

كأنك لست من البشر

وكأنك مخلوق آخر من زمن آخر

لماذا عرفتك في زمن غير الزمان

وفي وقت أصبحت فيه المشاعر أحاديث عابرة

نم يا حبيبي

فقد حصلت على كل العلامات

امتياز في الحنان, ممتاز في المشاعر وجيد في الحياة..

ان موتك خسارة لكل متواضع

وحسرة لكل من عرفك من قريب

يا حبيب العين, أنت فقط حبيب

يقولون أنك مريض

وقلت لا

يقولون أنك مغادر

وقلت ربما

يقولون مات الحبيب

قلت مستحيل

أنت الحضن الدافئ

والممر الذي تعبره سفن هذا الاسطول

في البحر, كانت صورتك لا تفارق الأمواج

وكنت تجلس فوق الماء

تغني اغاني هذا الصباح

ليتك تعود, كي اصارحك بكل ما هو جديد!

ليتني أراك كي اقول لك ماذا فعل بي الموت من جديد!!

اريد لقاءك ولو للحظات معدودة

فهنالك أسرار قديمة وجديدة

اريد ان اصارحك بها,

هي تلك الأسرار التي تعرفها

ربما نسيتها !!

اريد أن أقول لك ماذا فعل البعد عنك

انتظرتك ولن أتوقف عن ذلك

تماماً وقت أن انتظرت أمي

سنوات طويلة, لكنها لم تعود!

أيها الحبيب, الذي يرقد أمامي

لا تجعلني أكلم نفسي

منذ زمن أصابني الجنون وليتني أعود مجنوناً

أو طفلاً يلعب في الحارة الصغيرة

هذه الحارة التي عاش بها كل الأحباب,

أنت وامي.

ما هذه القساوة , أنت لا تكلمني أو حتى تعبرني!!

ليتني أعود الى حضنك يا خالي

كي أقول لك ما فعل البعد عني

كي أخبرك عن امي وعن بستان الرمان  عن زيتونة فلسطين وعن حقول الذرة والحمضيات!

نم يا حبيبي

يا أعظم الرجال,

كيف حال امي, هل رأيتها , هل كلمتها!!

وهل من جديد!

أنت أيها الملاك الراقد

هل من جديد!!

هل تذكرني!

لقد ذابت عيناك من البكاء على امي؟

وها أنا أبكي على فراقك, أيها الغالي!

أنت ايها الصامد, أرجوك لا تبعد عني

 ولا تتركني أقاتل لحظاتي.

في مثل هذا اليوم

صنعت لك الدنيا تمثالا من الحنان

أيها المعذب , أنا هو المعذب, اليوم ومنذ عشرات السنين

ليس حظي هو أنت, بل أنت هو حظي!

أيها الراقد أمامي , لك مني كل الاحترام

أيها الراقد أمامي

أنت هو الحب وانت الصبر والسلوان ,

أنت الكبير وأنت السيد

أنت العزيز وأنت الحبيب

أنت الذي لا ينام

وأنت الذي انتظره من بعيد

أنت كل ما هو لذيذ

وأنت العشق ولحن الخلود

أنت هو المثال والقصيدة

والاسطورة الشعبيه

أنت النبع وأنت كل شيئ جميل

أنت البحر والمحيط

أنت العزة والكرامة والعيش الكريم

أنت الذي انتظره من بعيد

أنت كل الصبر وكل المواقف

أنت الحازم وأنت سيد الاشياء

أنت البقاء يا أعز الرجال

أنت بطل فلسطين وأنت الحريه

أنت القريب وأنت البعيد

وأنا هو الشخص المريض

الذي ينتظر لقاءك من قريب

ليتك تعود

كل أخبرك عن حال الناس وهموم

المستورين

ليتك تعود

كي اخبرك عن حالي وعن أحوال الجميع.

أنت هو الحبيب, ولذلك أهديك رسالتي المتواضعه وهي لك.

"بعد التحية الى امي الحبيبة

من ابنك المخلص اليتيم-

بعد أيام ستلاقين خالي وسوف يأتي اليك حاملاً معه هموم الأرض والناس, أرجوك يا امي أن تلاقيه وأنت تستقبليه أحسن استقبال وأن تحضنيه وتحافظي عليه جيداً وأن تسمعيه الى النهاية,فالأخبار ليست جيدة,

أنا ابنك الذي ينتظرك منذ سنوات طويلة

لقد عدت أنتظرك من جديد

أرجوك يا أمي أن تصارحينني

هل ستعودين؟! هل سنلتقي يوماً ما

اني انتظر الجواب من سنين

واليوم انتظره من جديد.

الوداع- ابنك المخلص"

قالت لي حبيبتي أماني يوماً من الأيام , عن حال خالي وعن مرضه وعن شجاعته الكبيرة

وقلت لها أنني احبه الى الأبد

أحبه وسيبقى حبي له حتى آخر يوماً في عمري. احبه والموت لن يبعدني عنه فقد رحل جسده لكنه باق في احساسي ما دام قلبي ينبض في صدري.