[x] اغلاق
عن الغيمة في صندوق الغريب
18/5/2014 13:55

 

عن الغيمة في صندوق الغريب

محمد جمال صبح

 

 

الغيمة تقطف غابتها الآن ، تعد لحن جداتها أمام النهر ، و كل الرجال يخبئون حقولهم لجصاد قريب ، الغيمة كانت طفلة أيضا الغيمة التي هربت من مواسمِ الحصاد. بحلقةٍ واحدةٍ في أذنها تشدّ حقول الدهشة. أربكت خاصرة السماء. الغيمةُ التي شرخت الريح . أومضت للرعاة.

 

ما أشد حاجتها الآن لكتف الريح ، الغيمة تكتب الرسائل و تمسح عرقها كثيرا ، مامن مرآة كي تصفف الغيمة شعرها ، أو لترقص، أو تشعل وحدتها ، حين غادرت الغيمة بيتها ، تلعثم الفلاحون و بردت سواعدهم ، الفرسان أضاعوا أسماء جيادهم ، وكانت الغيمة صديقة العاشقات حين يقرأن السلام خلف النوافذ و في أحضان أمهاتهن ، الغيمة كعادتها وحيدة طيبة و ماكرة .

 

على قلقٍ تنسج ذاتها كل حينٍ بصوف الوحشة. في لحظة صدقٍ مُفرطة تفكك ذاتها رقصاً على وقغ الهواجس. يرعد الرقص قبل برق الغريب. والغريبُ؛ سؤالٌ في القصيدة لا يجيب. الغريب؛ قُبلةٌ مُستعجلة على مهلٍ تصير كما القهوة.الغريب يكسر فنجانه دائما. كي لا تقرأ الغيمة آخر النايات في هذي الحكاية.

 

لا تسأله عن غربته ، تنتظر أن ينام ، ككل العاشقات تسكب الغيمة قلبها في منامه ، حين تسقط أخر نجمة من قطار الليل تخلع عليه السلام و تبكي ، كان وحيدا ، أصبحت غريبة ..

 

لا تسألُ في الصباح عن أثر النجوم على جبينه أو يديه. أو ملحٍ سيلد بحرا على صدره. الغيمةُ تهيء فناجينها وتشق نصف ابتسامة. ولا تصغي لركوتها الأم... وترفع إيقاع ضحكتها كي يذوب الصدى.

 

يترك قلبه في صندوق ما ، أما الغيمة فتطلق خيولها ، تعال أيها الماء ـ و كن رفيقا بأبناء العطش ، لا تقول الغيمة إثمها ، لكن الغريب ، يترك صلاة على كل جدار ، الغريب وحين تعلقته الغيمة ، لم تكن الحرب قد انتهت كعادة كل موت ، لكنها أخدت في الصراخ ، اتسع الصوت فابتلع كل باب ، الغيمة تحمل حقلها و الغريب ، الغيمة تهرب دون بيت .. كذلك يفعل الغريب ..

 

تعلو، ثم تعلو، عواء ذئاب تتقمص الأشباح لتشدخ وجه القمر. تهوي ؛سبعين خريفا في مساءٍ واحدٍ تهوي. تعيد تشكيل الغيوم حجارةً ثم تهوي. من يصقل الصلصال في هذا الطريق إلى التبعثر؟. من يوقظ وجه السماء الشاحب؟. من يمنح قبلة هادئة؟ من يقطف هذا العواء؟كان التقاء الغيمة بالهاوية . نقرٌ على وترين. وتفككت ذراتها شهقةً شهقةً . طفت رويداً رويداً لتبحث عن سنارة الصوف , وصوف الوحدة .

 

للغيمة جدة تقرأ لها الحكايات ، و تشعل الحطب على باب النوم ، سقطت الجدة من حكاياتها ، صعدت الغيمة إلى رحلتها ، لطالما حاولت الغيمة قراءة الخشب ، لكنها في كل صفحة تنسى نارها ، والآن ستكتب الغيمة : لم يكن هناك شيء ، سوى الوحدة , لم يكن هناك شيء