[x] اغلاق
التغيير
22/5/2014 20:31

               التغيير 

حنان عباس دياب

مدربة تنمية بشرية وبرمجة لغوية عصبية- مركز إدراك

اذا أردت التغيير فلتكن أنت البداية، ولتكن أنت التغيير الذي تريده.

عندما تغيّر نظرتك عن الأمور التي تحيطك فسترى أنها تتغيّر حسبها وحسب الطاقة التي تبثها.

إذا أردت تغيير العالم فابدأ أولاً بتغيير نفسك، وعندما تغيّر نفسك وكل فرد يغير نفسه تصلح الأمة.

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾   (سورة الرعد، أيه11)       

       

التغيير يبدأ من الذات وليس من الأخر، وليس من تغيير البيت والبلد والدولة والمكان والزمان والخ...  فأنت تستطيع أن تغيّر بيئتك من خلال السيطرة على تغيير نفسك وتغيير نظرتك إليها ومعاملتك معها، حيث أن التغيير يعمل كالأشعة، فعندما تغيّر مجالاً ما في حياتك للأفضل فستلاحظ أن هذا التغيير يتوسع لتغييرات أخرى ويحسن جودة حياتك.

عندما أتكلم عن التغيير فماذا أقصد بذلك؟

لكلمة التغيير معنى كبير وأهميه أكبر فلماذا يتوجب على الإنسان أن يغيّر

وماذا عليه إن يغيّر في حياته؟

للتغيير مجالات عديده ووجهات نظر مختلفة وما أتطرّق إليه  اليوم هو التغيير في المجال الذاتي أو في الحياه الخاصة من أجل الإرتقاء والتطوّر والنجاح في الحياة، وللنجاح أيضاً نظرات وتعريفات مختلفة، ولكي تكون إنسان ناجح عليك وبشكل دائم أن تجري بعض التعديلات في مجالاتك المختلفة، كالتواصل مع ذاتك ومع الأخرين في عائلتك، عملك، مجتمعك، كالتعامل مع أمور الحياة اليومية، مع الضغوطات والصعوبات، حل المشاكل والأزمات، تغيير أو تطوير علمك، عملك، سكنك، علاقاتك... والعديد من المجالات الحياتية. هذه التعديلات قد تحتاج للتغيير وقد تكون نفسها التغيير وتحتاج أيضاً لتطوير المهارات الذاتية والإيمان بالمقدرة.

التغيير كلمة سهلة ولكن فعلها ليس سهل ويرافقه مخاوف، تحسّبات، وشكوك عديدة ، وتكون هذه المخاوف والشكوك أحياناً طبيعية وفي مكانها وأحياناً زائدة عن حدّها وأحياناً أخرى لا مكان لها، فهي ناتجة عن قلق من عدم نجاح التغيير المراد، أو عن الخوف من الفشل أو عن عدم الإيمان بالنفس أو عدم إستغلال القدرات. فلذلك نفضل سواءً بوَعينا أو بلا وَعينا  أن نبقى في المكان المألوف والآمن، فنخشى المغامرات ونخاف من المجهول. 

قد يكون التغيير تهديداً للفرد ومع ذلك فهو فرصة رائعة  لرفع الوعي ولإكتشاف قدرات ومهارات كامنة داخله ولتوسيع آفاقه لإمكانيات أخرى، أو إلقاء الضوء على أساليب وإستراتيجيات حياتية مختلفة ومتنوعة، لكن، يتشرط عليه أن يحدّد له هدفاً واضحاً وواقعياً، ماذا يريد أن يغيّر ولأين يريد أن يصل وماذا يريد بالمقابل؟ وأن يسعى لتحقيقه مع عدم الإستسلام، وأن لا يدع مخاوفه تتغلب على طموحاته ورغباته.

التخوّف يسبب الإرهاق ويعيق التقدّم ، لكنه طبيعي ويجب أن نحترمه ونعترف بوجوده لأنه جزء  لا يتجزء من مرحلة التغيير والوصول للهدف، وله أهميته في التطوّر، حيث يفرز الجسم هورمون الأدرنالين  الذي يؤدي إفرازه في الدم إلى تغيّرات فسيولوجية وكيميائية حيوية ومذهلة والتي تهيئ الجسم لقوى بيولوجية رهيبة للتغلب وللدفاع عن الإرهاق النفسي بأشكاله المختلفة ( الخوف، الغضب، التوتر، القلق، الهرب، الإمتناع والخ). إذن وجود التخوّف يساعدنا على التغلب على الصعوبات فإذا كان كل شيء سهل ومريح فكيف سنتعلم ونتطور ونتغيّر؟

أعرف الكثير من البشر الذين يخافون من التغيير رغم أنم على دراية أنهم غير راضين عن وضعهم، عملهم، وحياتهم بشكل عام . إذن يريدون من ناحية معينة التغيير في أحد مجالات حياتهم أو في مجراها، ومن ناحية أخرى يخافون ولا يجرؤون حتى على التفكير في ذلك، وهكذا يبقوا عالقون مكانهم  مكتّفو الأيدي ، مقيّدو الأرجل وغالباً يكثرون من التذمّر ووضع المسؤولية على الأخرين عن وضعهم.

أحياناً، وليس بالشرط ،أن يؤدي التغيير إلى التحسّن(خاصةً إن كان غير مدروساً)، ولكن  تذكّر أن التحسّن دائماً ينتج من التغيير.

لكي تتغير وتغيّر عليك أولاً بالنهوض والتحرّك ففي الحركة بركة، وكما قال الفيلسوف العظيم سقراط :

لكي نحرك العالم علينا أولاً أن نحرك أنفسنا.  

إذا لم تصنع التغيير بنفسك وتبحث عنه وتحضره لحياتك فلا تتوقع ان يأتي هو اليك.

تغيير حياتك هو من إختيارك والحياة إختيارات (سواءً كانت جيدة أم لا)

فإختر كيفية إدارة حياتك وقرر مستقبلك لأن المستقبل كالقطار في إتجّاه واحد، والمهم هو ليس من أين أتيت، إنما لأين ستتوجه وكيف ترى مستقبلك. فماذا تختار أن تركب القطار أم تبقى عالقاً على سكة الحديد؟