ولا يرقى الكلام لمستوى الحدث

من وحي  أمسية ملكة النيل

بقلم : سعاد عوض سواعد-شفاعمرو

كانت امسية معطرة بعبق الفل والياسمين والعنبر محلاة بطعم الرطب والشهد والسكر ، فزاد الحنين  لذاك الزمان اكثر واكثر فأكثر.....

فبعد ان ارهقنا الشوق لتلك الحقبة الزمنيه المتواريه وذابت نفوسنا حنيناً لتلك العمالقه واملاً بان يعود بنا الزمان الى حديث الروح وشمس الاصيل أتت تلك الامسيه بما تحملها من رقي وأصاله لتطمئننا بان تلك الكلمات الساميه والالحان الخالده اقوى من أن تُنسى وأرقى من ان تزج في ذاكرة النسيان فهي حية في عقولنا وقلوبنا ونفوسنا وغذاءٌ لارواحنا التي باتت كزهرات افقدها غياب الماءِ نضارتها فعادت لتزهو من جديد مع اول قطرةٍ إخترقت جذورها....

أتت تلك الامسيه برقيها ليصدح بها خيرة مطربينا وتسمو بها انامل امهر

عازفينا مخاطبين آلاتهم متواصلين معها جسداً وروحاً عازفين بدورهم على أوتار مشاعرنا لتخترق نغماتهم عمق اعماق قلوبنا فتنساب في ارواحنا كقطرات الندى على اوراق الليمون في اوائل نيسان تتدحرج بخفةٍ وسلاسه حياءاً من شمسه ما بين صبحها وضحاها فتلج عروقنا واوردتنا نعيشها بكل ما نملك من احاسيس ، نحتويها في كل جزءٍ منا لا بل في كل خليةٍ من خلايانا فتطربنا الى حد الثماله من غير خمر ، وتحملنا برقةٍ بالغه لتأخذنا بعيداً بعيداً هناك على ضفاف النيل ومقاهي بيروت حيث اجتمع المبدعون من مؤلفين شعراء وملحنين ليصقلوا كلماتهم والحانهم في قوالب تلك الحناجر نادره الوجود فيرقوا بها الى اعالي قمم الطرب الاصيل حيث نصبو في يومنا هذا الى الارتقاء لما وصله تلك العمالقه ، فنسأل انفسنا من اين كان الهامهم في ذاك الزمان وكيف استطاعوا ان يغدقوا في ابداعهم الى هذا الحد لِيٰخَلِفوا لنا مثل هذه الاعمال الرائعة الخالده ؟وهل غاب امثال احمد رامي الذي تعلم الفارسية ليترجم رباعيات الخيام لتتفوق ترجمتها على اصلها .. أولن يأتينا في يومٍ ما خلفاً للرحابنه ؟

فبوركتم ايها القائمون على احياء مثل هذه الامسيات وان دل ذلك فانما يدل على آفاقٍ واسعه وتوجهاتٍ سليمه متثبتة بعروبتها وعراقةِ تاريخها في ظل حاضرٍ أليم يتوق الى من يعود به لعصرٍ كان لنا به شأن كبير..

فكل الموده والتقدير للمركز الثقافي الاسقفي - شفاعمرو