[x] اغلاق
بين الالتزام والانتماء والتجنيد
6/6/2014 10:05

بين الالتزام والانتماء والتجنيد

بقلم: تهامة نجار

احتدم النقاش مؤخرًا حول المخطط الحكومي البغيض لتجنيد المسيحيين في البلاد الى صفوف جيش الدفاع الاسرائيلي في ظل استمرار الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والتمييز العنصري البغيض تجاه الاقلية العربية في البلاد في شتى المجالات الحيوية ، حيث انه اقل ما نصف به هذا المخطط هو الفتنة بعينها ، اذ ان هذا المخطط يهدف حتمًا الى تدمير وحدة الاقلية العربية في البلاد وانتزاع المسيحيين من رحم عروبتهم وزجهم في مصاف "الولاء" من خلال وهم الحقوق والافضلية العرقية عن غيرهم من اهلهم ...

ان هذا المخطط والترويج له من قبل من غرر بهم يعتبر مجمل شامل  لتعريف مصطلح "الوقاحة" حيث يعتمد مشروع التجنيد على ثلاث حجج اساسية يتسلح بها المندفعون وجب بحثها بتعمق قبل الخوض بالبحث عن عامل التجنيد وواجب المواطن تجاه دولته .

الاساس الاول هو التشكيك بالشراكة الحقيقية بين المسيحيين والمسلمين في البلاد من خلال الانتماء القومي الاساسي لهذه الشراكة وابراز عمق الخلاف اثر تعرض المسيحيين لتحريض خطير اللهجة من قبل بعض المتطرفين في عدد لا بأس به من المناسبات الذين يدعون الاسلام دينا  وهو براء منهم , براءة الذئب من دم يعقوب .

ان الشراكة الحقيقية التاريخية بين المسلمين والمسيحيين في البلاد تثبتها قواعد اساسية راسخة تبرز معالمها بطيب العلاقات الاخوية بين الاغلبية الساحقة للشعب الواحد والالتزام بالندية الحقيقية في جميع مجالات الحياة دون ابراز التفوق العددي للواحد على الاخر في جميع مجالات الحياة في جميع القرى والمدن المختلطة في البلاد وكذلك المشاركات الجماعية في المناسبات الاجتماعية المختلفة فيها يتلاشى الدافع الديني وتنمو المشاعر القومية كدافع اساسي لاظهار عمق وقوة الوحدة .

الاساس الثاني هو التلويح ب "التجربة الدنماركية " عذرًا..."التجربة المعروفية" كرافعة اساسية لحقوق الدروز في البلاد وتميزهم عن غيرهم من ابناء الاقليات من خلال رفع مستوى معيشتهم وتحقيق نقلة نوعية في حياتهم العامة والفردية من خلال "المشاريع العظيمة" التي تحظى بها القرى المعروفية التي "صقلتها" نحو مجال اكثر المدن تطورا في البلاد .والحقيقة المرة ان المعروفيين يعتبرون اليوم ضحايا التجنيد الذي جلب لهم الويلات وحقق لهم نتائج سلبية على جميع الاصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والادارية والتطويرية برز من خلالها تفوق الشاب المسيحي والمسلم على الشاب الدرزي في المستوى التعليمي والثقافي والاداري حيث حرم الشاب المعروفي من حق التعليم الجامعي ايام خدمته كما حرم من فرص اقتصادية في الفترة الأوفر حظًا في حياته .

الوهم الاكبر هو الوعودات العرقوبية بمنح المسيحيين مقدار تفوق في الحقوق والخدمات عن غيرهم من الاقلية العربية في البلاد الامر الذي حرموا منه على مدار عمر الدولة من سنوات قهر وتمييز .

مما لا شك فيه ان الاوضاع السياسية في الدولة والوضع العام في المنطقة تنزع شرعية الدولة عن امكانية مطالبة الاقليات المحرومة من ادنى حقوقها المدنية والتي لا تزال تبحث عن هوية من تجسيد الانتماء والولاء في مشروع التجنيد وغيرها والأجدر بالدولة ان تبحث عن مخارج لازمتها التاريخية مع اقلية ابرزت الوفاء والانتماء فنالت التمييز والجفاء .

لن اسمح لابني ان يخدم جيشًا لا يزال يقهر شعبه ..لن اسمح لابني ان يحمل سلاح الدمار لقتل اخيه الانسان حجة الدفاع عن الوطن, وان اكثر ما يحتاج اليه الوطن هو الهدوء والطمأنينة والسلام .

ان جيش المسيحيين هو جيش سلام وليس جيش حروبات وان سلاحنا هو التقوى والمحبة والتسامح وقهر روح الانتقام فينا والدعوة الى الخير ورسالتنا واضحة المعالم هي التضحية من اجل رفاهية العالم وسلامته ونعدكم اننا لن نتنازل قيد انملة عن هذه المبادئ الراسخة فينا مهما تمايدتم بمخططكم واننا على استعداد ان نضحي بجميع مقدساتنا من ابنية اثرية حجرية مقابل عدم سفك قطرة دم طفل فلسطيني او مواطن اسرائيلي  في صراع اهوج على شبر ارض تدعون قداستها وتسكب هي عليكم لعنتها لانكم دنستم حرمتها .

 ابانا الذي في السموات ليتقدس اسمك لتكن مشيئتك بصد مخطط التجنيد عنا بقوة قدرتك وجبروتك وان تمنح الداعين السلام الداخلي ونور البصيرة لتحقيق السلام المنشود الكفيل باعفائنا من هذا الخطر المحدق بأولادنا من مشروع تجنيد جائر لا يليق بجوهر ايماننا واخلاقنا