[x] اغلاق
حينما يثرثر الصمت
2/7/2014 9:59

حينما يثرثر الصمت

بقلم سعاد عوض سواعد - شفاعمرو 

مياسةُ القدِ والاسمَ مفتولة الهدب متقنة الرسم اختارت ان لا تختارَ فصمتت هنا وهمست هناك ، غير انها وفي سكاتها ما انفكت عن القراءه فألمّت بالكثير .. تكلمت حواسها وأبدعت اناملها رسوماً كادت تنطق عوضاً عنها وسكبت سطوراً على صفحات دفاترها العطشى لترويها بكل ما جاب مخيلتها الصغيره من حلو الكلام وروعة التعبير ...

 هي  قطعة من جسدي قطنت روحي واستوطنت نفسي  الى  حين تتوقف عروقي عن الاجتهاد آلاف المرات كل يوم لتمنحني نعمة الحياه...

هي التي علمتني أن للصمتِ لغةٌ حينما تتعطل لغة الكلام ....

كانت هناك كل يوم قصه تسردها بعينيها الصغيرتين وشح الكلام لتترك لي عناء التخمين والتحليل وتوقظ بي رغبةً ملحه في الكتابه فتجتذبني بقوة ٍ الى اوراقي وأقلامي ...

وذات شتاء وفي يوم كانوني بارد بدأ الظلام يدخل مهرولاً الى نهاية يوم هو قاتم كالليل ، وبدأت السماء تجود بامطارها الغزيره بلا حسبان ،وهبّت رياحٌ شديدةٌ غير آبهة برقةِ نبتتها الجميله الغضه القابعه بسكونٍ على شرفة المنزل...

جلست كعادتها في ركن حجرتها حيث اوراقها البيضاء تنتظرها بلهفه لتبعث بها الحياة بالوانها المتناسقه مدونةً اشكالاً وآفاقاً جميلة من نسج خيالها الواسع وفكرها المتألق..

بقيت صامةِ كعادتها ترقب نبتتها وعيناها

لا تفارقان تلك النافذه المطله على الشرفه وكأنها تحتوي بهم تلك النبتة  الضعيفه اللتي زرعتها بيديها الغضتين لتغدقها عناية وحمايه...

كم من المرات سألتها وقلبي يعتصر ..ماذا بك يا صغيرتي ولماذا كل هذا الصمت؟ ليتني استطيع ان ادخل اعماق قلبك مثلما انت متوجةُ في اعماق قلبي ومتربعةٌ على عرشِ روحي علّني أجد أجوبةً  لأسألتي ..ما الذي جعلك تصمتين ؟ والى متى ؟... ولكنني كنت دائماً على يقين بان الفرج آت لا محاله !! ولم يخذلني قدري ...

ولست ادري كيف تقتحم تلك الذكرايات مخيلتي وتتسلل منها لتطفو على سطح قلبي ويأخذني شاعر المرأه نزار قباني أيقونة أشعار الحب الى رياض شعره لتلج نسائمه في عمق ذاتي ...

وتتسلق قصيدته  "اختاري" أعلى قمم جبال أفكاري ...قولي انفعلي انفجري لا تقفي مثل المسمار ...لا يمكن ان ابقى ابداً كالقشة تحت الامطار... فأنت يا نزار وأنت ايها المطر تأبيان الّا أن تأخذاني الى حيث وددت ان أبقى أبد الدهر.... وما كان أحوجني أن أقول لها آنذاك .. قولي ...ويكفي ان تقولي...

انتطر منك اجابة ايتها الصغيرة الغاليه وبدلا من الاجابه ارى في عينيك الف سؤالٍ وسؤال....

وكم من امريء اضناه الكلام أما أنا فأضنانيَ الصمتُ !!!

واشتدت الرياح ونظرت بدوري من النافذه لأرى حرباً الهيه تدور خارجاً وامطاراً غزيرةً وكأن ابواب السماء قد فُتحت على مصراعيها ، ورياحاً عاتية ًًتخطو كسارقٍ محترفٍ  يود ان يلتقط بطريقه كل ما استطاع قبل ان يكشف امره..

أما هي فبدت مرتبكةً حائره ترنو الى نبتتها بعطفٍ شديد وهمست في اذني :

ماما اريد ان اخرج..

الى اين يا عزيزتي الا ترين وتسمعين ما يدور خارجاً ؟

اريد ان انقذ نبتتي . أومأت لي بالحاحٍ شديد ، ولم تترك لي خياراً..

نظَرَت الى نبتتها وسارت بضع خطوات اخرى نحو الخارج والمطر يهطل دون توقف ،بدأت تقفز وتقفز فتبللت بكاملها واصبح شعرها الطويل الجعد يقطر ماءا وكانها تغتسل بذلك من عبء الكلام الذي بداخلها لتنظف الغبار المتراكم عليه منذ ان قررت ان تصمت وهي طفلة لم تكمل ربيعها الرابع !!

اما انا فوقفت ارتجف برداً ، خوفاً وحيرة،  وفجأة أضيئت السماء بوميض برقٍ رهيب لم اعهد مثله من قبل فعادت هي بخطواتٍ سريعه الى الشرفه ، انحنت لاهثة مبللة ، التقطت نبتتها في طريقها الى الداخل وعلى وجهها ابتسامهُ المنتصرين..

وفي تلك الليله كانت غايةًً في السعاده  ، وذروهً في الثرثره .... على اوراقها المبعثره....

اليها ... غاليتي وقرة عيني في يوم ميلادها ...وعقبال المئه كالعشرين ...

وهي الآن عذبةُ اللسان فصيحةُ الكلام..

 

ولكنني ما زلت الملمُ أوراقاً مبعثره!!!

1
.
نوال ماضي
4/7/2014
لا شك ان ميس طفلة نادره، نادرة بكل مواهبها وبهدوئها الدي يترجم لكل لغات العالم بصيغ تتحول الى لوحات تعبيرية مؤثرة جعلها الله من المبدعين والمميزبن في هدا المجتمع . والى اختي الغالية سعاد اطال الله بعمرك لتبقي سندا لها ولتتحفينا بخواطرك ومقالاتك المعبرة