[x] اغلاق
عندما داهَمَني النَّصيب
9/7/2014 12:37

عندما داهَمَني النَّصيب

بقلم: مارون سامي عزّام

قرعت أجراس الكنيسة في ذلك النّهار، معلنةً بفرح بريء دخولي إلى حلبة الزّواج وإلى جانبي... يقف زوجي مبتسمًا، ابتسامة رقيقة فيها رائحة انتصاره على ضعفي أمامه، ضعفي الذي لا يستطيع أحد إدراكه سواي وهو اللزام بأن أتزوّج بأية طريقة، لأُبطِل مفعول ذهني المشوّش فكريًّا... لئلاّ أبقى مستلقيةً لوحدي على فراش العزوبية البارد، لا يغطّيني لحاف الأمان.    

ليلة عُرسي استلقيت على فراش الزّوجيّة واستولى زوجي على قطعة جسدي برجولته المستفحلة!! مستسلمةً لرغباته... مُسلّمَةً له أنوثتي، بعد أن اعتقلتها شرطة شهواته الخفيّة بشراسة! دون أن يُراعي مزاجي في تلك الليلة، دون أن يداعب أحاسيسي ودون أن يستدرجني رويدًا رويدًا نحو أقصى درجات المتعة... أنهى مهمّته السرّية الخاصّة به وليست بنا كأي زوجَين متفاعلَين مع غرائزنا... لم يراعِني كأي امرأة تحب الملاطفة والعِشرة اللذيذَتَين، فهذه الخصوصيّات شطّبها من قائمة المقبِّلات الزّوجيّة الشَّهيَّة.

بقيتُ في ليلة احتفاله برجولته الرهيبة أقرع طبول الرّهبة من مشاهدها التي منعتني من سماع أي كلمة رومانسية. لا أنكر أنّي أحببت كثيرًا جلساته، منذ أول لقاء تمّ بيننا... كان سلسًا وأنيقًا. جاذبية كلماته الرقيقة، شدّتني نحوه، مع أن معرفتي به لم تكن مجهرية وغير دقيقة، بل معرفة سطحيّة، عبارة عن مجموعة من اللقاءات الاستفسارية عن حياته وطموحاته، أحلامه وآماله.

لقد كانت أجوبته على استفساراتي مختصرة جدًا، غير موسّعة، كأجوبة الامتحانات الأمريكيّة... دون أن يأخذ بعين الاعتبار قناعاتي واهتماماتي وبسبب ضغوطات "لوبي" أهلي الذي ملّ عبء وجودي كالنعجة الشّاذة بينهم!! قبلت به، لئلاّ يقولوا عنّي هذه المرّة أنّي أتمرّد على جواد نصيبي، أو أستبعد سعادتي، كي لا يُشاع عنّي بين النّاس أنّي أستهتر بالشبّان للمرّة العاشرة، لا أذكُر...

أعترف أن ثقتي بنفسي قد تزعزعت، بسبب مطبّات رفضي لمجالسة كل شاب رشّح نفسه ليكون زوجي، بحجة أني لم أجد معاييري المحدّدة في شخصيته!! ازداد يأسي أكثر عندما وصل عقرب ساعة عمري إلى منتصف الثّلاثينيّات وهنا خِفت أن أكون سَمكة أسبح في أعماق بحر لامبالاتي، أنتظر صيّاد النّصيب ليُلقي شِباكه مداهمًا وينتشلني منه رغمًا عنّي، لذلك اخترت هذا الرّجل، إلاّ أني لم أتوقّع أن يكون بهذه الفظاظة الأخلاقيّة والخشونة الزّوجيّة، لأنّي تفاجأت عندما خلَع عن وجهه قناع الوداعة، رغم أنه لم يبدو كذلك عندما تعرّفت إليه.

أرعبني هذا التّصوّر، خفت أن يغدو نصيبي ظلاً جانبيًا يرافق جهلي الأعمى ويحاكي تجاهلي المتعمّد لطالبي شفاعتي، لدرجة أنّي تخوّفت من بقائي هيكل امرأة لا روح فيه، كالدمى الجميلات التي يُلبسها أصحاب المحلات أجمل فساتين الموضة لجذب الزّبائن... بعد زواجي من ذلك الرّجل، انتهت صلاحيّتي كامرأة، لأنّي غدوت مكسورة الإرادة، هشّة الكبرياء، متعلّقة بقشّة خلاص من هذه العبودية المسمّاة قسرًا "مؤسّسة الزّواج"، التي من المفروض أن تُعتبر عنوانًا للضمان الاجتماعي والأسري...