[x] اغلاق
تبريرات العلمانيين لانتشار ظلامية داعش
30/10/2014 13:11

تبريرات العلمانيين لانتشار ظلامية داعش

 زياد شليوط

ربما لم أدهش كثيرا، وأنا أتابع برنامجا حواريا على فضائية عربية، حينما سمعت أحد الملتحين السلفيين، يدعي ويقول أن ظهور داعش والحركات المتطرفة الارهابية الأخرى –طبعا هو لم يطلق عليها هذه الألقاب- انما نتج عن استبداد النظام السوري، وما عاناه الناس هناك من بطش واعتقالات وقمع للحريات وغيرها من الادعاءات التي نسمعها ليلا نهارا، من ألد أعداء الديمقراطية والحرية والتعددية، يا للغرابة! واستغربت جدا كيف أن المحاور لم يوجه له سؤالا حول أعداد الشباب الذين يأتون من بلاد الحرية والديمقراطية والتعددية والتسامح من دول أوروبا والغرب عموما، لينضموا للتنظيم الظلامي المدعو "داعش"، كيف يفسر لنا التحاق شباب من بلاد يتنعمون بديمقراطيتها وحريتها، بداعش وأمثالها من التنظيمات الارهابية والدموية؟!

كدت أنسى ذاك الملتحي والبرنامج الذي ظهر فيه، إلى أن فوجئت وأنا أستمع إلى تلك الأسطوانة المشروخة إياها، لكن من انسان يفترض به أن يكون متنورا وديمقراطيا وتقدميا وعلمانيا، دهشت منه وهو يردد حرفيا ما ردده قبله ذاك السلفي، ولم يكن هو الوحيد انما سمعت وقرأت لعدة أشخاص مصنفين على هذا الفريق، يرددون ما يقوله السلفيون والظلاميون، ويتفقون معهم بهذا الشأن حصرا.

بعيدا عن الفذلكات والهرطقات الفلسفية أصرخ بربكم يا دعاة الديمقراطية، هل لكم أن تشرحوا لنا لماذا يقدم شباب وفتيات في عمر الورد، من دول أوروبا التي لا يمكنكم نعتها بالاستبدادية والقمعية وسالبة الحريات، لماذا يأتي آلاف الشباب من هناك الى سوريا ويلتحقون بكل فخر واعتزاز وبرغبة قوية بحركة داعش الظلامية، كما تنعتونها والارهابية والتكفيرية والرجعية، هل يمكنكم تفسير اقدام عشرات الشباب المسلم ممن يعيشون في اسرائيل، والذين يردد أهلهم صباح مساء "الله يخليلنا اسرائيل"، وينعتونها بواحة الديمقراطية والبحبوحة والعيش الهنيء، لماذا يترك أولئك بلاد "النعيم" ليذهبوا الى الجحيم راضين مقتنعين؟! كيف لمن يتفاخر و"ينفش ريشه" أمام اخوانه في الدول العربية بأنه يعيش بحال أفضل مما يعيشون فيه، أن ينتقل ليحمل السلاح مع فكر ظلامي متعصب ليحرر سوريا بينما القدس والأقصى بجواره، ويغض النظر عنهما؟

والأمر الآخر الذي يتجاهله، وربما يخفيه المتفذلكون عنا وعن عامة الجمهور استمرارا في حملة التضليل والتشويه المعادية للنظام السوري العلماني المنفتح المتسامح، وهو أن تنظيم داعش لا علاقة له بما يسمونه الاستبداد وقمع الحريات في سوريا. لأن هذا التنظيم الظلامي لم يكن له وجود مع بداية التحرك المعارض للنظام السوري في ربيع 2011 ، وبالتالي لا علاقة بالحريات مع ظهور هذا التنظيم والتحاق مئات المحاربين به. بل أن داعش ظهر أولا في العراق وبعدما رأى أن الظروف مناسبة قرر الدخول الى سوريا أيضا. ولو اكتفى "المحروقون" على الديمقراطية بالاشارة الى انضمام الشباب الى المعارضة السورية احتجاجا واعتراضا على نهج النظام الحاكم لكان ذاك الادعاء يحتمله العقل العادي أما أن يربطوا بين الاحتجاج على الاستبداد وانضمام الشباب لداعش، لتبرير هذا الفعل الاجرامي  فهو الأمر العجاب بعينه. فهل نفهم من ادعاءات أولئك أن "داعش" هو تنظيم ديمقراطي ليبرالي منفتح تعددي، يشجع الاداب والفنون من رسم ونحت ومسرح وسينما وأنواع الثقافة عامة؟ حقا إن شر البلية ما يضحك، لو كان بالامكان أن نضحك في مثل هذه الظروف المأساوية!

هل لكم أن تشرحوا لنا هذه الظاهرة المتمثلة في ممارسة الجهاد فقط على أراضي سوريا والعراق، بينما المزاودون على نظام الأسد والذين استهزؤوا به بأنه لم يطلق رصاصة واحدة طوال 40 عاما باتجاه اسرائيل، يواصلون دعم تلك العصابات التي وصل بعضها الى الحدود الاسرائيلية على الجولان، وتوقفوا هناك كالتلاميذ المطيعين في عدم تجاوز الحدود المسموح لهم باللعب ضمنها؟ لماذا لا يقوم هؤلاء "الثوار" الأشاوس، بالانقضاض على "العدو" الصهيوني وتحرير الجولان من براثنه واعادته الى الوطن الأم حيث يحق الجهاد؟ لماذا يتركون هذه القطعة الغالية من سوريا خارج الجهاد؟ تفضلوا أطلقوا نيرانكم أيها الأبطال، أيها الأسود الفعليين، أطلقوا رصاصة باتجاه اسرائيل ان كنتم أبطالا أو محاربين أشداء أكثر من الجيش العربي السوري؟ هيا أثبتوا أن الأسد "أسد على لبنان وفأر في الجولان" كما رددتم طويلا وردد وراءكم الكثيرون دون وعي أو ادراك؟ أثبتوا لنا أنكم أسودا في الجولان مثلما أنتم وحوش داخل سوريا والعراق؟ أم أنكم وحوش في سوريا و"زواحف" في الجولان، لا تجرأون على الخروج من أوكاركم وجحوركم التي أعدها لكم أساطين الاستعمار الغربي؟ أين أبطال ما يسمى بالجيش الحر، الذين أشبعونا مهاترات وشعارات وقد باعوا أرواحهم واراداتهم للغرب الاستعماري. شاهدنا وسمعنا عبر شاشة التلفزيون الاسرائيلي، ربيبتهم وصديقتهم ومعشوقتهم، وعناصر منهم يصرحون أن جل ما يبتغونه اسقاط نظام الأسد والعيش بجيرة حسنة مع اسرائيل. ويتفاخر أحد أقطاب المعارضة السورية بزيارته العلنية لاسرائيل والتفائه بعض المسؤولين الاسرائيليين علنا ودون خجل. فهل هذا هو الجيش الذي تدعمه بعض القوى الوطنية والقومية للأسف، وترى فيه "معارضة معتدلة" كما يراها الغرب. أم هذه هي المعارضة التي بنوا عليها الآمال في الاصلاح ونشر الديمقراطية وتقويم الاعوجاج السياسي؟ هل توافقون أن تضعوا أيديكم بأيدي نظام تستلمه معارضة، أولئك هم أقطابها وتلك هي ممارساتها وذلك سقف مطالبها؟

كنت أنتظر من كثيرين أن يتراجعوا عن موقفهم المعادي للنظام السوري، بعد كل تلك الموبقات لنظام داعش والنصرة وكل التنظيمات الارهابية الدموية، وبعد انكشاف دور وحقيقة ما يسمى بالمعارضة السورية وافتضاح أمر ما يسمى بالجيش الحر؟ ماذا ينتظر الذين ظلموا سوريا دولة وشعبا وجيشا، أينتظرون انهيار سوريا بالتمام ليتباكوا بعدها على ما كان؟

(شفاعمرو/ الجليل)