[x] اغلاق
أنا وأنت والمطر، قصة خريف
12/2/2015 21:56

أنا وأنت والمطر، قصة خريف

بقلم :محمد جمال صُبح

ككل مساء خرجت، أتتبع مسالك الطريق الوعرة، ألاحق ما تيسر لي من عصافير وصور، كانت السماء رمادية، لم يكن هنالك شيء يغري بالمساء سوى احتمال المطر، ثم أنه باغتني، رذاذ كما أحبه، كدت أطير من أرضي لسماءك السابعة، كان في عنقي مرساة تبحث عن بحرها، تفتش عن وطن، أتذكر أن أولك جاء في الربيع وأجملك مات في الخريف وبقيت بقايا الصور، بقايانا، فتات وغبار الطريق ، تعبت ألملم بقايا الصور، كلما نسيت حلم ليلة الصيف تلك، ذكرني بها الخريف، ربما لأنه خرج من رحمه، ثم أنني عطشت وذكرتني الزجاجة الفارغة بقلبك وعدت و ابتسمت، لا شيء يستحق إنحناءك، ذاك طوق الياسمين.

أكثر ما تشبهني أجواء الخريف، متقلبة، عاصفة، صحوة، غائمة، ماطرة أو مجدبة، أنا والخريف صنوان لبعض، كلانا يسقط في المساء، ولا أذكر منك سوى تلك التقطيبة التي تتوسط جبينك اللجين، لو أنك بقيت ماءا للفضة فقط. لا شيء لدي منك الآن، فأستعير من العناصر ما يذكر بك وأهذي، يا أنت، ثمة أشجار في الخارج تتعري للخريف غير خجلة أو وجلة، ثمة أشجار تموت في البرد واقفة، ثمة أنت، غدا عندما يتوغل الشتاء أكثر، ستكوني وليمة للريح الجنوبي البارد، سيعوي كثيرا خلف نافذتك، ستحكمين الغطاء جيدا حول جسدك النحيل ويبقى قلبك بارد.

ويعود المطر من جديد، كلما مر ، رفعت وجهي وقبلت الغيمة التي بعطرك جاءت، وطرقت الريح زجاج النافذة، قلت:

تفضلي، لطالما كانت نافذتي مشرعة على الحنين وضوء القمر.

وفرحت فرح طفل بالرذاذ، ثمّ توقف، فرحي بالمطر مسروق مسروق، خالجني شعور مقيت بأن ثمة ما يحدث في الخارج، غيمة يراودها المطر عن نفسها وتتمنع، فاصرخ في المدى، تبا لقلبك الحجر، أمطري، غيمة خريفية قاسية القلب، لأنك خطيئة عصية، ما زال القلب بك يرغب، وتعبت منك ومني وقطفتك من فوق الجدار قصة بلا بداية أو نهاية، قصة ضائعة في المدى، يا ضياع أصواتنا في المدى والريح.