[x] اغلاق
قراءة سريعة في واقع الفيس بوك
2/4/2015 16:09

قراءة سريعة في واقع الفيس بوك 
محمد جمال صبح

قبل أن نعرف الفيس بوك كانت الحياة و الواقع عمومًا أكثر إنغلاقًا علينا 
قليلون هم الذين كانوا يملكون الفرص في الحديث و التعبير اما الآن أصبح الغالبية العظمى لهم مُطلق الحرية في التعبير و الكتابة أيضًا 
بسبب هذا الإنفتاح المُفاجىء أخرج الجميع ما بجعبته من مشاعر و أحاسيس و أمراض أيضًا في نفس الوقت كانت متوطنة و مدفونة بفعل الكبت الهائل الذي كنّا نعيشه و لذلك أريد أن أتناول بعض النقاط الهامة و التي لا تُعبر إلا عن رأيي الشخصي وحدي و في نفس الوقت الحديث ليس مُعمم و لا مُوجه
حتى أتلافى سوء الظن و الإتهامات فأنا لستُ أفضل من أحد و لكنني أستغل مساحتي في التعبير دون تجريح و دون التعدي على حقوق الغير 
..

1- يدخل المستخدم العادي إلى الفيس بوك بغرض التسلية و تضييع الوقت و لكن مع الوقت يجد أن الجو العام مُلبد بالقصائد فيضطر ليس آسفًا أن يُواكب موجة الأدب العامة فيتحول من مستخدم عادي إلى "شاعر" 
بالطبع لن يحتاج إلا للبحث عن بعض الصداقات و المداومة بشكل مستمر في اللايك حتى يتحصل على مُعجبين و من ثم يؤسس مملكته الشعرية الضخمة و التي تتعاظم مع الوقت بشكل تصاعدي مع زيادة الأصدقاء و هكذا 
ليس صعبًا أن تتحول إلى شاعر بين يوم و ليلة لأن المعايير هنا مفقودة 
حتى و لو كتبت , أنت تجري و أنا أجري و أشنكلك بصباع رجلي ، هذا أيضًا 
من ضمن الكلام الذي سوف يوضع في الحُسبان 
فأهل الأدب للأسف مدفونين تحت أنقاض الفيس بوك و السفهاء تُسلط عليهم الأضواء

2- المرأة في مجتمعنا تُعاني الأمرين فلا انها تستطيع التعبير عن نفسها بشكل طبيعي و لا هي قادرة على الخروج من سجن العادات و التقاليد 
و العيب و الحرام و ما شابه فعندما تدخل المرأة العربية إلى الفيس بوك تنبهر بما تُمارسه من حريات بشكلٍ مُطلقٍ هنا و بدون وصاية و هذا ما يستغله الشعراء الأفاضل بطريقة مُثلى فمن بعد الكبت يأتي الفرج و لكن في صورة وهمية بواسطة القصائد و الكلام المعسول فبعد أن كانت البنت أو المرأة المتزوجة تُعاني من الضغط و إهمال الزوج , تدخل إلى هنا فتجد الإحتفاء 
و الغزل و المُلاطفة و المرأة بطبيعة الحال بشر بحاجة إلى الإهتمام و الحنان 
و هو ما يكون مُتمثلاً في شخصية الشاعر الفارس صاحب الفرس الأبيض
و الذي سوف يخطفها من ركام المنزل إلى عوالم الأحلام حتى و لو كان الثمن خسارة حياتها الزوجية فالكثيرات هنا مستعدات للخسارة بشكلٍ لا يُصدق 
و حتى بعد معرفتها أن ما تصبو إليه مجرد وهم و خيال لا تتوانى في أن تُكمِل ما بدأته لأنه لذيذ و جميل و مُمتع على غرار الواقع يحتاج و يحتاج و يحتاج .

3- يؤسفني و لأول مرة أقولها انني لاحظت أن الكثير من الأصدقاء الشعراء يُستثارون أو يتهيجون مما تكتبه بعض الأصدقاء بمعنى انه يقرأ ما تكتب و يبدأ في الربط ما بين كلامها و بين أعضاء جسدها خاصة عندما يكون محتوى المكتوب فيه ما تيسر من نهديها أو فخذيها أو أردافها طبعًا سواء كان بطريقة مباشرة أو بطريقة مبطنة سواء محازًا او ما شابه 
نعم يحدث هذا و أنا أكيد أن الكثير من الصديقات يتعرضن لهذه المواقف سواء علنًا أو في الإنبوكس عندما يبدأ الشاعر في التقرب منها مستغلاً ما كتبت طبعًا و كأنها عاهرة أو غانية

4- الكثير من الشعراء هنا و سامحوني على إستخدام لفظ الشعراء في كل النقاط لأن المكان ليس به سوى الشعراء لأن الكتابة هو الفعل السائد على الفيس بوك و طبعًا لا يوجد راقصي باليه أو لاعبي كرة قدم أو مطربين 
فبالتالي أنا مضطر للحديث عن الغالبية العظمى و هي الشعراء 
الكثير من الشعراء هنا يتعاملون مع الصديقات و كأنهن ملكية خاصة 
و كأنه هو شهرياء و كل ما ملكت يمينه من صديقات من حقه مصاحبتهن 
و ملاطفتهن و الدخول إلى حايتهن بطريقة أو بأخرى 
الأنانية المُفرطة التي يتعامل بها الرجل مع المرأة هنا و هذا ما يدفعه إلى مهاجمة أي رجل آخر يشعر انه أفضل منه 
بمعنى أصح التعامل بطريقة انني لي الحق في كل النساء , كلهن بدون إستثناء و هذا أيضًا موجود و ملموس وواضح للعيان

5- الإنبوكس , هذا الصندوق الخفيّ العجيب و الذي مستعد عن التنازل بداخله أعتى الرجال عن هيبته ووقاره و إحترامه , طبعًا إحترامه الذي لا شك فيه
على الصفحة العامة فـ شتان ما بين الرجل أو الشاعر عمومًا فيما يكتب على صفحته الشخصية و بين شخصيته عندما يقفز إلى الإنبوكس
تارة تجده عاشقًا ولهانًا و تارة تجده داعرًا يقصد باب الجسد بدون أي حرج 
و كأن المرأة بإنتظار إشارة من اصبعه حتى ترتمي على سرير غرائزه
و للأسف الكثيرات وقعن في هذه الورطة و لكن أخريات فطنّ إلى هذه الحيل الدنيئة و لهذا انتبهوا إلى الإنبوكس و انتبهوا إلى البدايات اللطيفة ففي أغلب الأحيان تخفي أكثر مما تُظهر و لكل ذئب طريقته في الإيقاع بالفريسة طبعًا

6- يمتلك الشاعر مُخيلة مرعبة و هي التي تُساعده على الكتابة و لكن 
من ناحية أخرى يستخدم مخيلته هذه في إختلاق القصص فعند البدء في علاقات غرامية تسمع أمور مُختلقة و خاصة إذا كان الشاعر متزوج 
مثل, أنا متزوج و لكنني لا أُخالِط زوجتي و لا أُجامعها و أبحث عن الحب الحقيقي أو عندما يتقمص الشاعر شخصية المريض و يبدأ في سرد رواية 
مُبكية تبدأ بأنه مريض مرض خطير و أيامه في الحياة معدودة و غيرها و غيرها 
و قصص أخرى تنتهي بتصريحه أنه بحاجة إلى المال من حبيبته الفيسبوكية 
و التي طبعًا لن تتوانى للحظة في أن تُساعد فارس أحلامها الشاعر

7- عندما أكتب كلمة ما فأنا أحب أن أقرأ ردًا عليها لا يخرج عن سياق الكلمة 
و لكن الغريب هنا أن الكاتب عندما يكتب شىء ما يجد أسفل النص ردودًا عجيبة و غريبة لا تمت للنص بصلة و لكن سرعان ما يتخطى حالة الدهشة اللحظية و للأسف يرد على الصديق و الصديقة بنفس الطريقة 
يعني أنتَ عم تستهبل لكن أنا راح أستهبل 
قليلون هم من رأيتهم يفصلون في هذا الأمر و لكن الغالبية يواكبون الهبل 
بطريقة تُساعد في إنتشاره فلا تستغربون هذه الأمور لأنها سوف تحدث 
و تحدث و تحدث طالما أن هناك فيس بوك و هناك أناس لا يحترمون الكلمة 
و لكن يُسخفونها بطريقتهم في مسايرة الأبله و ما شابه

8- الكثيرات يتعرضن لمواقف مفجعة على الإنبوكس و خاصة عندما تضع المرأة صورتها الشخصية من بعدها يدخل "الفحل" إلى الإنبوكس و يبدأ معها مسرحية سخيفة ربما تكون مفهومة و ربما تكون كارثية 
كأن يستعرض عضلاته و عضلات لسانه و يبدأ في تحليل ملامحها 
مثل أن يقول : أنا حاسس أنك حزينة , عيونك بها كلام للآن لم يُقال و هكذا
طبعًا كلها مُقدمات بشكلٍ أو بآخر الغرض منها الوصول إلى قلب أو جسد صاحبة الصورة على حسب رغبة "الفحل" و الغريب أن أغلب الرجال هنا يتعاملون بمبدأ انهم أذكياء بشكلٍ مُطلق ولابد أن تنطلي حيلته على المرأة مهما كانت ذكية و هو ما لا يحسب حسابه و لهذا يتعرض في النهاية إلى صفعة مُدوية على "قفاه" خاصة عندما يستخدم حيلة قديمة أو عندما تكون المراة واعية و مُلِمة بكل هذه الألاعيب المُستهلكة

9- كل ما سبق ذكره ليس معناه أن العالم تحول إلى غابة هائلة أو أن الخير قد انقرض و على غرار كل هذا أعرف قصصًا جميلة و مُشرفة و علاقات هنا انتهت بالزواج عندما أخذت وقتها و طريقها السليم بعيدًا عن التطويل و التحايل
و الخداع فليس الشر مُطلق إلى هذا الحد و ليس الخير مفقودًا إلى هذا الحد
كلنا بشر و كلنا نُخطىء و ليس معنى أن الجو العام مملؤ بالشرور أن نفقد الأمل في حياة و مجتمع سوي و لكن عليك أن تعرف ما لك و ما عليك 
و بالطبع الصح واضح و الخطأ واضح و كلنا نمتلك عقولاً قادرة على التمييز و التفريق ما بين هذا و هذا

10- أعتب على الكثير من النساء اللواتي يقعن بسهولة عندما يعتبرن أن الأدب سوف ينجيهن من البراثن و الانياب اللامعة فوارد جدًا أن يكون الرجل في أفضل صورة من وقار و هيبة و أدب و إحترام و لكن ما يُخفيه مرعب 
و دائمًا ما أُشكك في علاقة الرجل بالمرأة هنا فغالبًا ما تنتهى بغرض و أضع هنا ألفيّ خط تحت كلمة غرض , قلة قليلة هم من يحترمون مسمى الصداقة ما بين الرجل و المرأة و البقية الباقية يتحايلون سواء طال الوقت أو قصر في الوصول إلى الصديقة أو التي كانت صديقة قبل أن تنصب شباكك حولها 
الأدب لن يحميكِ , لن يحميكِ فالغالبية هنا يستخدمون الأدب نفسه الذي تحتمين فيه حتى يصلون إليكِ سواء كانت الطريقة مباشرة أو مُبطنة و هذا ما سوف تكتشفينه مع مرور الوقت و أنا اكيد أن الكثيرن صُدِمن في قامات هنا 
مع إستمرارية المعرفة و القرب سواء كان عن طريق القصائد أو الإنبوكس أو على الهاتف و أخخ من الهاتف هذا كارثي و الله العظيم كارثي 
فقد رأيت بأم عين في أحد الرسائل شخص يشتكى من الكتابة و يطلب من الصديقة رقم هاتفها حتى يتحدث إليها بأريحية و طبعًا من هنا تبدأ قصة جديدة لا أعرف نهايتها و أنتم تعرفون فربما سمعتم أو عاصرتم أو قيل لكم 
خراب هذا الفيس بوك خراب عندما تفتح الأبواب على مصراعيها و لا تضع لنفسك و لمن هم حولك خطوطًا حمراء في التعامل و في تأطير المعرفة

11- أُحِب هذا الفيس بوك حبًا جمًا بالرغم من كل هذه الكوارث التي تُمارس بإستمرار بين أرجاءه و لكنني تعلمت فيه الكثير و الكثير و أدين للفيس بوك في أمور شتى سواء على المستوى الفكري أو الشخصي 
و مهما أعيب عليه فأنا لا أعيبه هو نفسه و لكن أعيب مَن يستخدمونه بطريقة مُفجعة تترك لنا هذا الأثر المخيف في تعاملاتنا و في علاقاتنا 
و في النهاية أُحِب أن أشكر الصديقات اللواتي يكتبن أن الخاص مُغلق و ممنوع الدردشة فبهذه الطريقة فتحتِ على نفسكِ أبواب جهنم لأن الممنوع مرغوب 
و كل مَن تمتنع عن عن الدردشة سوف تتعرض للسب و الشتم و التجريح 
و الإتهام بالغرور و في نهاية المطاف البلوك من الصديق العزيز المُنتقم

هامش ..

أُحِب جميع الأصدقاء دون إستثناء حتى الكارهين منهم لأن الكراهية 
تقتل صاحبها وحده فأنا أريد أن احتفظ بما في قلبي من لامبالاة سواء كُرهت
أو العكس و الحياة لا تحتمل الوقوف عند مَن كرهني أو بغضني و لكنها سوف تتوقف كثيرًا عند مَن أحترمني و احبني و طبعًا لن أوصيكم بدون أي أغراض ..