[x] اغلاق
التأمُّل
2/11/2015 7:19

 

التأمُّل                     

 زهير دعيم

الحياة تركض وتعدو، ونحن نعدو خلفها نُمسك بفستانها الليلكيّ احيانًا  وأحيانًا يفلت منا ، فنروح نلهث خلفها ونلعن الزمن والانترنت والاختراعات التي لا تُعدّ ولا تُحصى، ونلعن " المينوس" هذا العجز المالي بل الفيروس الخبيث الذي استعصى على كلّ المبيدات، فَنخَرَ في الميزانيات والحسابات وبات همَّنا الأكبر، يرافقنا في أثناء العمل والطعام وحتّى في أثناء قيادة السيّارات، فنقود السيّارة بصورة تلقائيّة وعقولنا مشغولة ابدًا به، نضرب اخماسًا بأسداس ، وتحاول جاهدةً ان تجد منه مُنفلتًا او مخرجاً....ولكن هيهاتِ فهو كالأخطبوط  يُحكِم قبضته مع مرّ الزمن  بل ويزداد تشبّثًا بك .

   قرأت لعشرات الادباء من العرب والأجانب وأحببت معظمهم، كلّ في اختصاصه وإبداعه، ولكنَّ دستويفسكي الروائي الروسي العبقريّ ترك بصماته في كلّ حِسٍّ من إحساسي، أما جبران – هذا الرجل  من لبنان -فقد سرقني منذ أيام  شبابي الأولى ؛ سرقني من ذاتي ، فصرتُ أنام  على همساته، واصحوَ على صرخاته، يُبلسم هنا ويضمّد هناك وينكأُ الجروح .

  كان جبران يقرأ ويكتب ويرسم ويتأمّل ، وكان يقضي ساعةً في كلّ يوم في صومعته (العُليّة) لوحده في صمت  السّكينة، يتأمّل ويناجي نفسه وربَّه ، ويعطي لروحه أن تسبح  في الآفاق أنّى شاءَت ، تُرفرف في الأجواء والأودية .

  انّنا اليوم في هذا الزمن المتسرع  والمتصارع في حاجةٍ ماسّةٍ إلى أن نُعطي نفوسنا  ولو نصف ساعة فرصة للارتخاء  والتأمّل والتحليق  ضاربين المشاكل والهموم  عرض الحائط .

ألا ترون معي أن قلوبَنا ما عادت تحتمل ضغط الحياة ؟!

  الا ترون معي انّ أعصابنا أضحت تُفلتُ منّا لأقل سبب ؟!!

  الا تستحق هذه النفس –الروح- ساعةً تركن فيها للراحة  والسّكينة  لتجدّدَ نشاطها فتعود وثّابةً تعالج  المشاكل بحكمةٍ اكبر وشجاعةٍ اصلب ؟

الا يستحق جسدنا ان يسترخي ويناجي ربّه والأحلام والآمال ؟!!

دعونا  نأخذ بنصيحة دستويفسكي وجبران وطاغور . وهيّا نعطي دقائقَ لنفوسنا لتستريحَ من الهموم – فالهمّ يضربه الغمّ- فلربما اضحينا  عباقرة ..

من يدري فالشرق مصدر الوحيّ والعبقرية والاحلام الزاهية ...والتأمّل الروحيّ