[x] اغلاق
أرعبني كابوس حبيبي!!
5/11/2015 15:24

أرعبني كابوس حبيبي!!

بقلم: مارون سامي عزّام

ليلة عيد ميلادي، حلمتُ بكابوس مخيف؛ توقّفت أغصان الشجر عن الحركة. ازداد خوفي أكثر عندما رأيت كل شيء من حولي يتغيّر لونه بسرعةٍ رهيبة، من أزرق إلى زهري إلى أحمر، كألوان الألعاب النّارية... فأدركتُ أن نيزكًا غريبًا ضرب محيطي، لم أعرف مدى الضّرر الذي ألحقه، فتَعَطَّلت آلة الزّمن، بعد أن أطفأتُ في هذه الليلة قنديلاً آخر من قناديل عمري. 

أقلقتني ظلمة خوفي. بدأت فقاعات الذّهول تتفرقع على وجهي، فمسحتها حالاً، لكنّها لم تزُل نهائيًا، فقلتُ: "يا إلهي ما هذا؟!!". قبل ذهابي إلى النّوم، دخلتُ الحمّام وغسَلتُ وجهي للمرّة الثّانية، على أمل أن يزول أثر الفقاعات، لكنه بقي على وجهي.

بعد لحظات ظهرت صورة حبيبي على مرآة الحمّام، وخاطبتني بجملةٍ واحدة ما زلتُ أذكُرها: "فعلتُ ذلك لأنّك تجاهلتِني في هذه الليلة، فرغبتُ أن أفاجئَكِ بهبوطي على أرضِ وجودكِ مثل نيزكٍ، لأنبّهكِ إلى أنّني ما زلتُ موجودًا في حياتكِ"، أجبته: "ما أفظع تصرّفكَ الغريب".

بصراحة كدتُ أنسى اسمي من هول نيزك حبيبي... ارتجفتُ من صعقته في تلك الليلة، كأنّني سمعتُ صوت كرة جليديّة تتدحرج من أعالي الجبال. حقًا... اكتشفتُ أنّ حبّي له مثل كرة جليديّة كبيرة، تكبر يومًا بعد يوم، وقد ترتطم ذات يوم بسد رفض أهلي له، فتتفتّت إذا أخبرتهم أنّي على علاقةٍ به. بصراحة... لا أدري ماذا سيكون ردّ فعلهم؟!!

بقيتُ مرتعبة طوال الليل من نيزكك، ولم أغادر غرفتي إلاّ عند الصّباح. أريد أن أذكّركَ يا حبيبي بالأضرار التي أَحدَثَها نيزَكُكَ. أنسيتها؟ أم أنك ترفُض مُسبقًا تصديق ما سأقوله لكَ؟! انظُر بربّكَ كيف حطَّم جزءًا من قواعد تركيزي؟! انظُر كيف كَسَر إطار صورتنا معًا التي كانت مطبوعةً على صفحات عمري؟!! بعد أن هزّتها صدمة نيزكك بشدّة. أأدركتَ حجم الأضرار التي سبّبتها لي؟! حين اخترق نيزكُكَ عقلي الواعي، أصاب أغلى شيءٍ عندي وهو تفكيري السّليم، قُل لي ماذا دهاك؟! أجُنِنت؟!! لماذا شنَنتَ هذا الهجوم البربري عليّ؟!! هل من داع؟!!...

لأوّل مرّة أشعر أن حبّنا شديد البرودة. أيُمكن أن يبقى باردًا هكذا؟! دون أن نتكلّم عنه... دون أن نتخاصم على أمور تافهة... أو دون أن نتحاور حول مصير علاقتنا الغريبة، نضعُ عليها قليلاً من توابل الخصام، كي تكون لحبّنا نكهة أشهى.

بعد تلك الليلة شعرتُ أن أهلي يراقبونني بمرصاد صبرهم الذي يرصد تحرّكاتي لحظةً بلحظة. لذلك أخبرتهم أنّني على علاقة بك، وبسببك رفضتُ شخصًا آخر كان قد تقدّم لي، لكن سرعان ما اكتشفتُ أنّ ماسًّا كهربائيًّا أصاب ردود فِعل أهلي، كأنّني أيقظتُ دبًّا أبيضَ من سباته الشتوي.

هنا علمتُ أنّي فتحتُ على نفسي جبهة عذاب أخرى، غير عذابي بحبّك. استصعبتُ الدّفاع عنكَ في غيابكَ، لأني ارتبكتُ كثيرًا، ورغم ذلك، ما زلتُ متشبّثة بموقفي أمامهم، ولم أُسقِط حقي في أن أحبّك.

بعد أن اخترقني نيزكك كالسّيف، وبات لا خلاص لي منه، فرض عليّ أهلي بديلاً عنك، شخصًا آخر تقدّم لي، وحاولوا إلقاء حبّي لكَ في بئر الضّياع، ليبعدوني عنكَ بأيّة وسيلة. لكنّي عارضتهم بشدّة، أُقسمُ لكَ أنّه لا بديل عنكَ، حتّى ولو كان هناكَ بديلٌ آخر، فهو فِرية من خيال أهلي... فأسرِع قبل فوات الأوان وقُم بزيارتهم، وقَدّم لهُم مرسوم حبّك الرّسمي.

تشتّتت فعاليّات يومي، بين محاولتي الهبوط على أرض واقعي وبين التّفكير في تفسير هذا الكابوس. فهل سيتوقّف حبنا عن الخفقان يومًا ما، بعد أن تكاثرت كريات تمسُّكنا به؟! هل سيتحقّق كابوس تلك الليلة؟! كم أخاف على حبّنا من التَّهلكة.