[x] اغلاق
قصّة كبيرة حول حبّة قهوة صغيرة نحن نشرب القهوة كلّ صباح، لكن ما الذي نعرفه عنها؟
19/4/2016 8:01

قصّة كبيرة حول حبّة قهوة صغيرة

نحن نشرب القهوة كلّ صباح، لكن ما الذي نعرفه عنها؟

عدا عن كون القهوة منتجًا، فهي متعة وتجربة بحدّ ذاتها، القهوة شغف وحاجة. ما هي قصّة القهوة؟ كيف وصلت إلينا وكيف تحوّلت لمشروبٍ ذي شعبية على صعيد العالم كله؟

 

عن الماعز وحبوب القهوة

إكتُشِفَت القهوة قبل 1000 سنة تقريبًا في أثيوﭙـيا، حتى لم تكن مشروبًا يوميًا هناك، بل اقتصر استهلاكها على كهنة الدين الأثيوﭙـيين. لقد اعتادوا مضغ حبوب القهوة خلال طقوس ومراسم العبادة، حيث اكتشفوا أن حبوب القهوة تُساهم في بقائهم يقظين.

لا أحد يعرف كيف بدأ الكهنة يستهلكون حبوب القهوة، لكن الأسطورة تقول إن راعي ماشية أثيوﭙـيا لاحظ بأن الماعز التي يرعاها كانت تأكل حبوبًا تبدو كحبوب الكرز فتمنحها نشاطًا. ذات الراعي، قام بجمع حبوب الكرز العجيبة كوقودٍ لناره. الرائحة الطيّبة التي كانت تنبعث من تحميصها تحوّلت إلى جرأة غيّرت الحضارة البشرية، ككل شيء آخر في التاريخ: تجرّأ البشر على إدخال حبوب القهوة المحمّصة إلى أفواههم. وهكذا بدأت القهوة بالإنتشار في أرجاء المنطقة.

 

في عام 1300 تقريبًا، بدأت القهوة التي اقتصر استهلاكها في أثيوﭙـيا، بالوصول إلى اليمن، وهناك غيّروا طريقة إستهلاكها من المضغ إلى الشرب. وصول وتنقّل الحبوب جاء بعد احتلال الإمبراطوريّة الإسلامية للمنطقة، حيث قام المسلمون بتبنّي القهوة كمشروب بديل للكحول وهكذا وصلت القهوة إلى شبه الجزيرة العربية.

رغم أن القهوة المحمّصة تجوّلت في شبه الجزيرة العربية، إلا أن اليمنيّين احتفظوا بأسرار زراعتها لأنفسهم. فقد فهموا القوّة الإقتصاديّة في زراعة النبتة الأكثر طلبًا وقرروا الاحتفاظ بهذا المصدر لأهداف تجاريّة. كلّ من ألقي القبض عليه أثناء تهريبه للقهوة غير المحمّصة نال عقابًا قاسيًا، بدءًا من قطع الأعضاء وحتى عقوبة الموت، وبسبب هذه العقوبات – حُفِظَ السرّ في اليمن لمدّة 400 عام.

 

 

 

وصول القهوة إلى أوروبا

إستمرّت الحروب في الإندلاع ومعها تغيّرت الأنظمة الحاكمة في مناطق مختلفة. في القرن الـ 15 إستولى العثمانيون على مساحات واسعة من آسيا وأفريقيا وصولا إلى اليمن. بعد الاحتلال، أصبحت القهوة مطلوبة في جميع أرجاء الإمبراطوريّة ووصلت لاحقًا إلى أوروبا. توقّف المقاتلون العثمانيون على مشارف مدينة ﭬـيينا أثناء هزيمتهم، وهناك تركوا أكياس القهوة المحمصة خارج أسوار المدينة، التي بقيت جزءًا من المملكة الـﭙروسيّة، وهربوا.

الأكياس أثارت فضول سكان المدينة وبدأوا باستهلاك المشروب. بسبب اختلاف الطبقات الاجتماعية والمدخولات، فإن من كان باستطاعته السماح لنفسه باستهلاك القهوة وشرائها من اليمنيين – هم أبناء طبقة النبلاء. ومن يعلم، ربّما هم من بدأوا بعادة "القهوة والكعكة المخبوزة" حيث أنهم كانوا يقدّمون القهوة مع الكعك المخبوز في المناسبات الإجتماعية.

في نفس الفترة، الهولنديون، والذين كانوا تجّارًا رئيسيين وأصحاب نفوذ في سوق التوابل المزدهر في منطقة الشرق، نجحوا في رشوة أحد الحجّاج ليقوم بتهريب بذور القهوة من اليمن إلى هولندا. وقام الهولنديون بزراعتها في أرجاء الدولة ومن هناك تم نقلها إلى أماكن أكثر إتساعًا وملاءمة لزراعتها، في مركز أمريكا وجنوبها، وكذلك فعلت دول أخرى، مثل: الـﭙرتغاليون زرعوا بذور القهوة في البرازيل، الإسـﭙـانيون في مركز القارة  والفرنسيون في أفريقيا. القهوة أصبحت معروفة ومطلوبة في جميع أرجاء العالم.

 

من مشروب تقليدي إلى مشروب شعبي على مستوى عالميّ

إذًا، لا يمكننا أن نعرف بالضبط ما هو السبب الذي جعل من القهوة مشروبًا محبوبًا لدى الجميع: الطعم المميز، الرائحة والنكهة الطيّبة والرائعة؟ أم دوره في المساهمة باليقظة والنشاط هو ما جعله مطلوبًا؟

على الرغم من صعوبة فهم سر سحر هذا المشروب، لكن يمكننا أن نعرف بأن للقهوة قصة مميزة تأثرت بالتغييرات السياسية التي حدثت.