[x] اغلاق
إنما الأمم الأخلاق... من يفهم هذا؟
12/7/2016 20:01

إنما الأمم الأخلاق... من يفهم هذا؟

الإعلامي احمد حازم

أنا أعتز وأفتخر بانتمائي العربي  وخصوصا بفلسطينيتي، فتاريخنا العربي، بما فيه التاريخ الفلسطيني، مليء بالأحداث التي تدعو فعلاً إلى الاعتزاز بها، والتاريخ لا يكذب، لأنه مرجع لكل بني البشر عرباً وغير عرب. وقد تعلمنا أن التربية الصحيحة ينجم عنها سلوكيات لائقة وحسنة مع الآخرين ومع البيئة التي يتعايش الانسان فيها،  لأن السلوكيات هي بالدرجة الأولى تربية في الأساس، لكن سلوكيات غالبية المواطنين العرب، والتي نعيشها كل يوم،  كما لاحظتها في الشارع العربي، هي وللأسف سلوكيات فوضوية إستهتارية، لا  تدعو الى الافتخار بل إلى الاشمئزاز.

توجد أمام بيتي محطة باص، وأردت الذهاب ذات يوم إلى وسط البلد في الناصرة. وفي محطة الباص رأيت منظراً يثير الاشمئزاز والسخط، فقد أقدم صاحب سيارة على ركن  سيارته أمام المحطة، لدرجة أن الأشخاص منتظري الباص، لا يستطيعون الجلوس على المقعد المخصص لهم في المحطة بسبب السيارة. وعرفت من أحدهم اسم صاحب السيارة ورقم هاتفه فاتصلت به  وقلت له بأدب، ان ما فعله مناف لكل السلوكيات واختراقاً للقوانين، وليس من المنطق إيقاف السيارة بهذا الشكل.

كنت أتوقع من صاحب السيارة الإعتذار على فعلته، لكنه كان في منتهى الوقاحة وقلة الأدب، حيث أجابني: " أنا بدي أصف سيارتي وين ما بدي.. وما حدا إلو عندي إشي". نعم.. هكذا كان رد صاحب السيارة، ضارباً بعرض الحائط كل معايير الأخلاق والتصرفات اللائقة.

حادثة أخرى مماثلة، عشتها في ساعات الصباح أمام مبنى الـــ "مشبير". فقد رأيت سائقاً شاباً يوقف سيارته في المكان المخصص لباصات البلد،  وكنت وقتها أنتظر الباص الذي يقلني إلى بيتي. ذهبت إلى السائق الشاب ونصحته بعدم إيقاف سيارته في مكانها، لأن الموظفين الذين يحررون المخالفات لن يتركوه وشأنه، لأنهم منتشرون في الشارع. وبدلاً من أن يشكرني على نصيحتي، نظر إلي مستغرباً وقال لي:" يا عمي انت ما بتعرف أنا مين.. اللي بعملو المخالفات بعرفو السيارة وصاحبها.. واللي بكتب مخالفة بتنكسر إيدو". فشكرت هذا الشاب على المعلومة المهمة التي سمعتها منه، واعتذرت أنا من الشاب على عدم معرفتي به وبسيارته وبعائلته، ولحسن حظي وصل الباص الذي انتظره.

صورة معاكسة ومغايرة تماماً، عشتها في الناصرة العليا. فقد كنت مع أحد الأشخاص لإتمام معاملة في وزارة الداخلية، وفي طريق العودة، أكمل الشاب شرب ما تبقى من علبة عصير كانت معه، وظلت العلبة الفارغة في يده، حتى وصلنا الناصرة العربية، ففتح النافذة ورمى العلبة على الشارع. فسألته لماذا لم يفعل ذلك في الناصرة العليا، فقال بكل برودة أعصاب: " يمكن حدا يشوفني ...وهاي بهدلة وفيها مخالفة". تصوروا أن هذا الشاب أخذ بعين الاعتبار إمكانية أن يتعرض  للمحاسبة، وحسب ألف حساب للمحيط اليهودي، ولذلك تصرف خوفاً وليس احتراماً للقوانين.

والسؤال الذي يطرح نفسه دائما: لماذا لا يتصرف العرب ــــ أو بعضهم ــــ في محيطهم، مثلما يتصرفون في المناطق اليهودية. والمفروض منطقياً وأخلاقياً أن يحافظوا أيضا على بيئتهم واحترام القوانين فيها.

الانسان يتم تقييمه من خلال سلوكياته وأخلاقه ولا يمكن أن  يكون المرء محبوبا بين الناس إذا كانت أخلاقه سيئة، فبحسن الخلق يرتقي المرء إلى قلوب الناس. فلنحسن أخلاقنا وسلوكياتنا أينما كنا. ولكل الذين يمارسون سلوكيات مرفوضة ، أقول: " عيب... والله عيب"