التضحية مطلوبة منا جميعًا

بقلم: مارون سامي عزّام

بدايةً، كل عام ومدينتنا شفاعمرو، تبقى رمزًا للتضحية في سبيل بقائها صرحًا للتآخي، وعنوانًا للتعاون والطمأنينة، يجمع طوائفها تحت مظلة الوحدة والمحبة، فمن هنا أتوجّه لبعض كبارنا العاقلين أن يقدّموا للجيل الجديد أضحية تربويّة، كي يفهم معنى العمل الخيري، في مثل هذه الأيام... كي تخرج إنسانيّته من وكر لا مبالاته... يجب أن يتمتّع الجيل الخليوي، بنخوةٍ أخلاقيّة، وأن يضحّي من وقته، في سبيل مساعدة الآخرين بأيّة وسيلة مُتاحة هذه هي ساعة امتحانه الحقيقي مع الآخرين.

الواجب التقليدي يجعلنا نحتفل بعيد الأضحى. ليس فقط عن طريق ذبح خروف، لنأكله حامدين شاكرين الله تعالى على نِعَمِهِ العظيمة، إنما يجب أن نذبح الجشع وتنكّرنا لعمل الإحسان، لكي نستطيع أن نضحّي بذاتنا، عندها سنشعر براحة نفسيّة عظيمة، أننا استطعنا أن نوفّر للآخرين جوًا معنويًّا حقيقيًا، ليشعروا أن هناك من يضحي من أجلهم.

هناك فئة من الأمهات النّاشطات اجتماعيًّا، لا يُكرّسن من وقتهن "الثّمين" في سبيل تربية أبنائهن تربيةً صالحة، وذلك لانشغالاتهن بأمورهن الخليوية الشخصيّة والمهنيّة، على حساب الانتباه لتصرّفات أولادهن، كما لا يستطِعن تحمّل مسئولية العناية بالأطفال، عناية لائقة. الأم رمز من رموز التّضحية على مر التّاريخ، لذلك مطلوب من بعض الأمّهات "المنهمكات" بطقوسهن العصريّة اليوميّة، أن يُضحين الكثير من الوقت، يتوجّب عليهن أن يبذلن جهدًا تربويًّا إرشاديًّا في سبيل رعاية أطفالهن، رغم صعوبة الأمر، ورغم ضيق الوقت.

لذلك عيد الأضحى المبارك، هو عيد التّضحيّة الذّاتيّة من أجل الآخر، يحثّنا على مراعاة احتياجات العائلات المحتاجة، التي تعيش تحت خط الفقر، من أجل يشعروا بأن هناك من يسعى لأجلهم، كي يحيوا عيشًا كريمًا، آمنًا اجتماعيًّا، فيشعرون بالقيمة الحقيقيّة للتضحية التي قام بها أهل الخير. إذًا التضحية ببعض المال، سيُساهم في تعميم فرحة العيد.

في عيد الأضحى المبارك، مطلوب أن نُبيد آفة التّفرقة التي تنخر في عقول المتخلّفين فكريًّا، لتكون التضحية من أجل العيش المشترك في مجتمع يصبو للكمال العقلي، هكذا تتكوّن معالم الأخوّة والمحبّة بين النّاس، وربما يتبلور الوفاق السّياسي بين الفرقاء السياسيين، إذا أدركوا جيّدًا أنه من أجل الحفاظ على وحدة البلد، يجب يُضحّوا بعروش مواقفهم... وكلّ عام والتضحيات في سبيل وفاقنا بخير.