[x] اغلاق
في رثاء الأخ المحامي توفيق قرطام ...
4/1/2017 11:42

في رثاء الأخ المحامي توفيق قرطام ...

بقلم المحامي سليمان سلامه

لم أكن أتخيل أبدا" أن أكتب فيك رثائا"  ولكن من حقي عليك ومن حقك علي ان أكتب شيئا" من سيرتك الطيبة.

وهذه ليست أول مره اُفجع برحيل أخ وأي أخ انت يا توفيق .

لم تكن رحلة حياة توفيق سهلة بل كانت شاقة وتحمل خلالها الكثير من الصعاب والآلام .

ولم يهن توفيق امام المتاعب وانما واظب على الدرب بلا تردد ودافع عن رؤيته الاجتماعية والسياسية بقوة , وظل الواثق من سلامة الرؤية والنهج وحسبه  انك اتفقت معه او اختلفت , لا تملك الا ان تحترمه ليس لسبب غائب وانما لان له شخصيته المؤمنة باحترام الرأي والرأي الآخر .

كان توفيق ديموقراطيا" ومشاكسا" ولمشاكسته طعم مختلف , يثور فتعتقد أنه خرج عن طوره وسرعان ما يستعين بطُرفة فيلطف الأجواء المشحونة ويُبرد القلب.

أعتقد ان كل من عرف توفيق شخصيا" اتفقوا معه واختلفوا معه , عتب عليهم وعتبوا عليه , لكن من منا لا يفتقد توفيق اليوم ؟ من منا لا يشتاق لمناكفاته المحببة وسخريته اللاذعه وروحه الطيبه الأصيلة؟

من منا لم تهتز جوارحه عندما تلقى الخبر المشؤوم وبكى بحرارة؟

توفيق انسانا" من طراز مختلف وأخ من طراز مختلف وصديقا" من طراز مختلف.

لم يساوم في القضايا الوطنية , الامور محسومة لديه والرؤية واضحة ومن المؤكد ان لنشأته وتربيته والبيئة الاجتماعية الكريمة التي ولد فيها وتربى دورها البارز في صياغة ذاته الانسانية.

له حضوره, دمثا" , خلوقا", جريئا" ولم لكن متعاليا" أو متكبرا" , ان من مواطن القوة في شخصية توفيق انجذابه المغناطيسي الى عامة الناس.

توفيق الاب المثالي , نعم الوالد هو ونعم الزوج هو , فقد أدي واجبه خير اداء تجاه تربية وتنشئة اولاده , وربى على الشعور بالمسؤولية وحب الوطن , والتضحية والشجاعة في الرأي,  والصدق في القول.

لقد كنت احد هؤلاء الذين عرفوه عن قُرب واجزم أن كثيرين غيري في بلدنا الطيب يحفظون لتوفيق عهد محبة واحترام وتقدير.

لقد كان توفيق محاميا" مميزا" وقد ابدع في دوره المهني وكان من العاملون الصامتون.

لقد كنت شاهدا" على اهتمامه ومواكبته لعشرات القضايا تخص سجناء سياسيين من المناطق المحتلة وكذلك عايشت عن قُرب اهتمامه بقضايا انسانية وحالات مرضية لاطفال من عائلات محتاجة من المناطق المحتلة, حيث واكب وعمل جاهدا" وبشتى الوسائل احضارهم الى المستشفيات للمعالجة واجراء عمليات جراحية عندما تقتضي الحاجة , وقد جند لمهامه هذه جنود مجولين لدفع تكاليف العلاج , وهذا كله كان يشكل بالنسبة له مصدر راحة نفسية حيث كان ينبع ذلك من ذاته ولم ينتظر اجرا" مقابل ذلك.

ليس كل اخ لك ولدته امك ! فهنالك اخوة تلدهم لك الايام والمواقف.

 الوداع أخي ... كم تُؤلمني هذه الكلمة وكم أكرهها.