[x] اغلاق
بعد حوالي سنتين من وجودها...القائمة المشتركة قائمة الخلافات وتباين المواقف السياسية
4/1/2017 11:42

بعد حوالي سنتين من وجودها...القائمة المشتركة

 قائمة الخلافات وتباين المواقف السياسية

الإعلامي أحمد حازم

الحديث عن القائمة المشتركة، والتي لم يتجاوز عمرها السنتين يطول كثيراً، ولكني في هذا المقال أردت فقط وضع النقاط على الحروف، خصوصاً وأن مركبات في القائمة المذكورة شهدت في الأيام القليلة الماضية تبادلات لاتهامات بشكل غير لائق، بسبب سلوكيات كان من المفترض الابتعاد عنها. هذه الاتهامات خلقت فجوة في المجتمع العربي بين مؤيد لجهة ومعارض لجهة أخرى. لكن مهما يكن حجم وتأثير هذه الاتهامات فإن المواطن العربي في النهاية هو الذي يدفع الثمن.

المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، انبثق عنه عدد من الأحزاب والحركات السياسية، والتي تتبنى مواقف معينة فيما يتعلق بالوضعين الداخلي والعربي، وقد استطاع البعض منها ومنذ سنوات طويلة الوصول إلى الكنيست. وهناك أحزاب غابت عن الساحة السياسية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وبقي فقط أربعة أحزاب سياسية ممثلة في الكنيست وهي: الجبهة الديمقراطية، التجمع الديمقراطي، الحركة الاسلامية(الجناح الجنوبي) والحركة العربية من أجل التغيير. 

وأذكر أن أعضاء كنيست عرب زاروني في بيتي في العاصمة الألمانية برلين في سنوات التسعينات، حيث كنت وقتها أعمل مراسلاً لأكثر من وسيلة إعلامية عربية، وكنا نتبادل النقاش حول الوضعين الفلسطيني والعربي. وقتها، سألت بعضهم عن سبب عدم توحيد صفوفهم في قائمة واحدة ، لأن تشكيل قائمة موحدة للأحزاب العربية تعتبر في غاية الأهمية للأقلية العربية في دولة تمارس سياسة عنصرية واضحة تجاه العرب. وكنت أسمع نفس الجواب وهو: (تباين المواقف) حتى أن أحدهم كان في منتهى التشاؤم (رغم ادعائه بالوطنية) حيث قال لي "مستحيل".

لكن هذا (المستحيل) تحقق فجأة، وظهرت في عام 2015 قائمة أطلقوا عليها (القائمة المشتركة) حتى أن كلمة "عربية" ظلت بعيدة عن اسم القائمة، لسبب سياسي غير مقنع للكثيرين جداً. وقد تم توقيع اتفاق بين الأحزاب والحركات العربية لخوض انتخابات الكنيست ولأول مرة في قائمة واحدة.  لكن ما الذي دفع بقادة الأحزاب العربية لجعل المستحيل ممكناً؟

بعد القرار الإسرائيلي برفع نسبة الحسم في انتخابات الكنيست، توصلت هذه الأحزاب إلى قناعة تامة بأنها لن تعبر نسبة الحسم إذا خاضت الانتخابات بمفردها، ولذلك لجأت إلى إيجاد وسيلة تساعدها في الحفاظ على  العضوية في الكنيست، الأمر الذي اضطرها (مرغمة طبعاً) إلى تشكيل قائمة مشتركة فيها ضمانة كبيرة للنجاح، وهذا ما حصل بالفعل. بمعنى أن القائمة المشتركة لم يتم تشكيلها بناء على رغبة وطنية بحتة من مركباتها، أو نتيجة توافق شعبي أو إجماع جماهيري حسب استفتاء عام كما تفعل المجتمعات الحضارية، بل كانت ولادتها أشبه بطفل أنابيب.

 وبما أن المجتمع العربي عندنا مجتمع عاطفي، فقد ارتاح نوعا ما لهذه الخطوة (الوحدوية بالإكراه) لسببين: أولهما نكاية باليمين الإسرائيلي،الذي شن حملة تحريضية هوجاء ضد المواطنين العرب خلال فترة التحضير للإنتخابات، وثانيهما على أمل أن تكون هذه القائمة بداية فصل سياسي جديد في المجتمع العربي لخدمة فعلية أكثر لهذا المجتمع.  لكن ما حصل في حقيقة الأمر هو العكس تماماً، فبعد حوالي سنتين على مرور انتخابات الكنيست الأخيرة لم يتغير أي شيء، ولم يلمس المواطن العربي أي إنجاز يذكر (من صنع القائمة). حتى لو كانت هناك إنجازات صغيرة معينة كانت تنسب دائما للجهة التي حققت ذلك وليس للقائمة بشكل عام. ولذلك ظلت الخلافات قائمة لغاية الآن، ( وكل يغني على ليلاه) في المواقف وكأن القائمة غير موجودة. بمعنى أن هذه القائمة المشتركة، جاءت مثل (زواج متعة) للوصول للهدف أي بمثابة جسر عبور للكنيست، وبدون شك هذا هو الهدف الرئيس.

أنا أفهم أن أي قائمة تخوض انتخابات يجب أن يكون لها مباديء وأسس موحدة فيما يتعلق بكافة القضايا محلياً وعربياً ودولياً، وهذا ما لم نلمسه في القائمة المشتركة. والخلافات المستورة والمرئية داخل القائمة (وفي بعض الأحيان نشر غسيل وسخ )، خير دليل على أنها قائمة مصالح مشتركة فقط لا غير. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك جدوى فعلية من هذه القائمة، وإلى أي مدى يستطيع المواطن العربي الصبر على   (قائمة المصالح المشتركة)  هذه؟