[x] اغلاق
... وانفجر الصمام أخيرًا
9/2/2017 8:51

حول مسلسل "يوميّات جميل وهناء"

... وانفجر "الصمام" أخيرًا

بقلم: مَارون سَامي عَزّام

مسلسل "يوميات جميل وهناء"، هذا المسلسل الكوميدي الذي جعل كل من العالم العربي ومجتمعنا العربي "يشهرق" من الضحك من صغيره إلى كبيره، إلى حد أنه أصبح حديث الجميع. الشعبية الكبيرة التي حظي بها المسلسل، لم نشهدها منذ أيام مسلسلات الثنائي، دريد لحام ونهاد قلعي. ما هي إذًا العناصر الفنية التي تؤدي إلى نجاح أي عمل تلفزيوني؟ الذي أدى إلى نجاح هذا العمل، هما عنصران: الأول الأداء المحترف للممثّلين، هو الذي جعل العمل متكاملاً، والثاني: الحوار الملتزم بالفكرة، المبني على عدم الاستهتار بأهمية العمل وجودة إخراجه...

... هذان السببان جعلا مسلسل "جميل وهناء" يحقق نجاحًا عربيًا ومحليًا، والفضل يعود للمخرج هشام شربتجي (مخرج مسلسل "شوفوا الناس وقسم من سلسلة "مرايا" للفنان ياسر العظمة في بداياتها)، وأسلوب إخراجه مميز ومعروف، إذ يعتمد على إدخال عناصر كوميدية فيها إثارة وتشويق من ناحية بناء الشكل التعبيري لكل شخصية، وإسناد الأدوار التي تلائم ملامح كل ممثل، ووظّف المخرج هشام شربتجي خبرته الإخراجيّة، في مسلسل "يوميات جميل وهناء"، الذي قام بدور "جميل" الفنان أيمن زيدان وقامت بدور "هناء" الفنانة نورمان أسعد.

كتب هذا المسلسل الكاتب الدكتور زياد نعيم الريس، الذي ركز على جانب اجتماعي غير محسوس عمليًا لدى المجتمع، وهي ظاهرة غيرة الزوجة العمياء على زوجها. فمن أجل أن تتفاعل الغيرة مع غريزة حب الاستطلاع التي داخل المُشاهد، أدخل المؤلّف عليه "صمام الأمان" الذي تمحورت حوله قصّة المسلسل، والفنان أيمن زيدان عمل بشتى الطرق، بمساعدة صديقه " وسيم" الذي قام بدوره الفنان حسام تحسين بيك.

حصل "الانفجار" المنشود أخيرًا، بعد أن شاهدت زوجها "يخونها" مع سكرتيرته أمل، التي لعبَت دورها الفنانة "شكران مرتجى"، فبعد المصالحة بين جميل وهناء، بدأت غيرتها تتفاقم إلى أقصى حد، نتيجة "خفة عقلها"، بعد أن كانت في البداية غير مهتمّة لأمور زوجها الخارجية، وقد أدّت دورها ببراعة فنية، واتسم بكثير من "خفة الدم والنغاشة". لم يكن هدف جميل خيانة زوجته "هناء"، أو القضاء على تماسك أسرته، إنما أرادها زوجة غيورة، حتّى تهتم بأبسط أموره الشّخصيّة عامّةً، لتكون رقيبة عليه وعلى تصرفاته.

كانت الفنانة نورمان أسعد بمثابة العقل اللاواعي الذي كان يحثّ جميل في البداية أن يمتلك جرأة الحديث مع زميلاتها في العمل خاصّة عندما كان يلتقي بهنّ، دون أن يتلبّك، يعني "مش لخمة"، تريده أن يكون زوجًا حديثه لبق، منفتح مع السّتات، متحرّر من الخجل، التي قيّد لسانه، هذا ما جعلها مطمئنّة على أخلاق زوجها، رغم تحذيرات حماتها لها، طوال المسلسل، ولعبت دورها القديرة "هالة شوكت".

إذا أردنا التكلم عن الجانب العلمي للمسلسل عامة ولصمام الأمان خاصة، لوجدنا أن الكاتب لم يأت به من فراغ، إنما هو مصطلح علمي، مأخوذ من مجال علم الاجتماع، ويعني العامل النفسي الرادع الذي يمنع الإنسان من الانحراف اجتماعيًا، ولتوضيح الصورة أكثر على القراء... مثلاً ممارسة كافة انواع الرياضة، تعتبر صمام أمان ضد العنف، لأن الإنسان يفجر هذا الكبت النفسي الذي بداخله من خلال لعبة كرة القدم، والركض وإلخ... إذًا جميع هذه الفعاليات الرياضية فيها قليل من العنف الحرَكي الرّياضي.

تفسير قضية الصمام هو الحلقة المفقودة التي لم يستطع الجمهور فهمها، لذلك عندما انفجر صمام الأمان، شعر جميل بارتياح كبير، لأنه بدأ يشعر بالأمان النّفسي الذي افتقده، بعد شعوره بأن زوجته معزولة تمامًا عن خصوصيّاته، ولكنّها بعد أن اكتشفت "خيانته"، أصبحت وصيَّةً على أفعاله، تتحكّم بتحرّكاته، بتشديد خناق غيرتها عليه. الغيرة بالنسبة لجميل أصعب صمام أمان فكري، استطاع أن يُفجّر مركز الطمأنينة، الموجود في عقل زوجته "هناء"، واهتمامها بتصرّفات زوجها، ولَّد في جميل حالة شخصيّة فريدة، إذ جعل زوجته ترتقي إلى مرتبة "الزّوجة المسئولة"، يعني المؤلّف منحنا شعور، أن قضيّة "تفجير الصمام"، كانت واضحةً للغاية في المسلسل، ليبرهن مدى أهميته الاجتماعية ليس فقط بين الزوجين إنما أيضًا في العلاقات الأُسريّة.

عندما بدأ يشعر جميل أن هذا الصمام بدأ يشد خناقه الرقابي عليه، أخذ ينفر من غيرة زوجته، إلى أن طلّقها، والمغزى الآخر من وراء الطلاق، أن تشديد رقابة الأهل على أبنائهم، سينتج عنها عملية عكسية تمامًا، بمعنى ستضعهم تحت ضغط نفسي كبير، ممّا يدفعهم إلى ترك منازل أهاليهم، فتتفكك الروابط العائلية. هذا ما حصل في مسلسل "يوميات جميل وهناء"، وينطبق على جميل المثل القائل "كنت هادي البال شريت لحالي حمار"...! ربّما تكون فكرة المسلسل مبالغًا فيها دراميًّا، لكن في الكوميديا، دائمًا هنا تضخيم للأحداث.، لتفجير طاقة الكبت الدّاخلي.