[x] اغلاق
تخيّلوا أن نتنياهو اعْتُقِل في لندن
9/2/2017 11:19

تخيّلوا أن نتنياهو اعْتُقِل في لندن

جدعون ليفي "هآرتس

 ترجمة: أمين خير الدين

      يوم الاثنين من هذا الأسبوع جرت القُرْعة: أُعْلِنَت دولة الأبرتهايد الثانية، دولة إسرائيل. وفي ساعات الظهر في لندن لم يوافق رئيس الحكومة على حلّ الدواتين،  وبذلك أشار نتنياهو بصراحة إلى نهاية هذا الحل. وفي مساء ذلك اليوم  صوتت الكنيست على قانون النهب،  وأشارت إلى النظام الجديد الذي تؤسّسه تحت غطاء هذا القانون. بهذا إسرائيل أعلنت ما عندها، بشكل واضح وقاطع: دولة واحدة من البحر إلى النهر، وشُرطة – أبرتهايد. شعبان أحدهما فوقي، والآن لا أحد يستطيع أن يدّعي أن البُصاقَ مطرٌ، وأنّ هذا البُصاق يستحقّ الردّ، وعلى الردّ أن يكون عمليّا.

    جميل أن تستنكر ألمانيا، وجميل أن يصوت "المعسكر الصهيوني" ضد هذا القانون، وردّ تريزا ماي وفردريكا موغريني مُشجّع، لكن هذا لم يعُد يكفي، نهاية الكلام الفارغ، كفى ضرائب كلام أجْوف، انتهت اللعبة. يجب إيقاف هذه العربدة، وستوقف بالعمل. لن يجدي أيّ إعلان بالشجب، إسرائيل تدوس، مع تصفيق أمريكي، بالغمز، أو بالصمت. ولن تفيد محكمة العدل العليا  كمهدئ للألم الوطني، سيجد اليمين طريقه للالتفاف عليه.

    من المشكوك فيه أن إسرائيل قد تعمقت في إدراك خطر هذا القانون: ابتداء من الآن تُسمح السرقة من العرب. حاليا فقط أراضٍ، ومن الأرض المُحتلة، لكن ليس هناك مِن  يضمن أن يكتفي القانون بذلك،  لماذا يُسْمح بسرقة الأرض ولا يُسمح بسرقة السيّارات،  الحلي وليس النقود؟ ما الفرق؟ ولماذا يُسْمح بقتل العرب  فقط  في الأرض المحتلّة؟ إنّهم دون البشر وإسرائيل تتثاءب.

     في العالم، غير المعرض لعمليّة شطف الأدمغة التي تجري هنا، يدركون معنى هذا القانون: معناه نهاية الديمقراطية الإسرائيليّة، ولا أقلّ من ذلك، في المرّة السابقة  التي قام بها نظام  يُفرّق بين شعب وشعب، عِرْق وعرق، عرف العالم كيف يتعامل معه. أيضا كان لحكم البيض في جنوب أفريقيا حُجج وتفسيرات كثيرة، دينيّة وأمْنيّة، لكن العالم لم يقتنع بهذه الأكاذيب. وممنوع أن يقتنع العالم بالأكاذيب هنا. واجبه. وليس حقّه، أن يتحرّك. يجب ألاّ ينتظر حتى يتمّ  ضمُّ الأّرض المحتلة. ثمّة دولة عنصرية تقوم في القرن أل- 21 – وليست أيّة دولة، إنها بؤبؤ عين العالم -  ولذلك قد لا يتحرّك.

     الاتحاد الأوروبي ألغى لقاء، ومنظمة   BDS أحرزت نصرا، خاصّة في هذه الأجواء. هذا لا يكفي، وإلاّ كيف سيشعر مَنْ يُنشد العدل أمام تنفيذ الجريمة؟ هو يتمنى أن يُقاد مرتكب الجريمة إلى المحاكمة. وعقوبة هذا النظام الجديد تقرره فقط محكمة العدل الدوليّة في لاهاي.هذه مُهمّتها، وهذا واجبها. وهي المكان الذي يُقَدّم فيه المجرمون للمحاكمة.  وراء كلّ جريمة مُجْرم. وإلاّ ماذا قصد الأمين العام للأمم المتحدة  انطونيو غوتيريش عندما قال ستكون لهذا القانون:عواقب قانونيّة بعيدة المدى على إسرائيل.

     ما يُفْهم على أنه حلم أو كابوس يجب أن يصل إلى ما يلي: تخيّلوا أن نتنياهو يُعْتَقَل في لندن( ويتمنى التحقيق معه بشأن السجائر)، وأبيغدور ليبرمان يُسَلَّم للعدالة من مينسك، ونفتالي بينت يتأرجح في سجن فيدرالي، والسفير الجديد المُعَمَّد في نيويورك يفقد حصانته، ويُمْنَع  قائد المنطقة من النزول من طائرته في فرنسا. تخيلوا كل غطارسة اليمين الذين يشعرون اليوم أنهم اعتلوا قمّة العالم، تخيّلوا أنهم لا يجرؤون على المرور في مطار بن غوريون الجوي.  

     ليس ثمّة تشفٍّ بأحد، لكن ثمّة تطلُّع إلى العدل. مِنْ يؤسّس نظاما ظالما فاضحا بعنصريّته يجب أن يكون هناك من هو مسئول عن عمله وعليه أن يدفع الثمن، حتى لو كان بشكل شخصيّ، فقط الخوف من العالم يوقف هذا اليمين من أن يسنّ قوانين أخرى،  فقط الخوف من العالم تعيد إسرائيل إلى مصافّ الشعوب. قد يدّعي اليمين  أن التّوجّه للعالم "ليس ديمقراطيّا"، سيكون من الصعب تخيُّل نُكْتَةٍ أفضل من ذلك،  سقولون "الأكثرية تُقرّر" وسيكون أيضا من الصعب تخيل نكتة  مُحزنة أكثر من ذلك، فقط لاهاي توقفهم عند حدِّهم، فقط في لاهاي يتوقّفون، والطريق إلى لاهاي لا زالت طويلة.