[x] اغلاق
بين آذار المنار والمجرم الغدار
26/3/2017 8:05

بين آذار المنار والمجرم الغدار

هادي زاهر

نص الكلمة التي القاها الكاتب هادي زاهر بمناسبة يوم الارض واحياء ذكر
الشهيد كمال جنبلاط وسلطان الأطرش وشكيب ارسلان وذلك في مقر لجنة
المبادرة العربية الدرزية في قرية يركا.
كمال جنبلاط أسم سيبقى يسطع أمام ناظرينا كالبرق، واسم سلطان الاطرش
سيبقى يُسمع كالرعد، لقد فقدنا في مثل هذا الشهر، شهر آذار المعلم
والثائر، وإذا فقدنا كمال وسلطان  في سوريا وفي لبنان، فقد فقدنا هنا في
معركتنا الوجودية عدد من خيرة شبابنا في يوم الأرض الخالد، وهكذا فان هذا
الشهر يجمعنا مع هؤلاء العمالقة الذين ربطوا مصيرهم مع الارض، ولا نغالي
إذا قلنا أن الزمن قلما يجود بمثل هؤلاء الذين قرنوا النظرية مع الممارسة
والتطبيق، فالشهيد كمال جبنلاط الذي أقترت بكريمة أحد عمالقة الأمة
العربية، أمير البيان شكيب أرسلان، والذي غزل اللغة بحبكته الفنية
ليزيدها بهجة، والذي مثل الامة العربية في المحافل الدولية  بشموخ، والذي
كانت وصيته عبارة عن كلمتين: " أوصيكم بفلسطين"
وبالمناسبة، نحن سعداء بموقف حفيده وليد جنبلاط قبل أيام حين قال لابنه "
تيمور": أكمل طريق جدك الكبير كمال جنبلاط وأوصاه بما أوصى به جده شكيب
ارسلان: "اوصيك بفلسطين" كان ذلك عندما البسة الكوفية الفلسطينية، هذه
الكوفية التي هي رمز التضحية والعطاء.. رمز البطولة والفداء
لقد حارب كمال جنبلاط الطائفية  السياسية ودعا إلى العلمانية في كفاحه
لحفظ الوطن، ونحن نرى اليوم كم كان صادقًا في توجهاته، فاليوم بعد أن
تعزز الفكر الديني، السياسي الرأسمالي إذا صح التعبير، أضحت الحركات
التكفيرية السادية تبقر البطون وتأكل قلوب البشر.
قلنا في السابق، إن إسرائيل وداعش وجهان لعملة واحدة فعتب علينا بعض
الإخوة وقالوا: " شو جاب هذا لذاك" وهنا أتذكر قول المعلم كمال جنبلاط :
" إذا كان محدثك يجهل الحقيقة فلا تزوده بها دفعة واحدة لانه لن يصدقك.
داعش يقتل ويبدع في اساليب القتل ويتفنن في ساديته، وإسرائيل تقصف
المدارس والمساجد والمستشقيات وتبدع أكثر في فن القتل الجماعي، ولا
تستثني الملاجئ، عندها صواريخ ذكية تخترق هذه الملاجئ وتقتل النساء
والاطفال والشيوخ وأكياس الطحين.!! وقد قتلت جوالي ال 3000 مواطن في
عدوانها الأخير على غزة، منهم 92 أسرة أبيدت عن بكر ابيها، وسط صمت عالمي
سافر،
ويخطئ من يطن بان لدى إسرائيل لحى ممشطة، فهي عندما تنتهي مهمة من خدمها
تخرج ما كانت تدخرة في الجوارير من تجاوزات وتلاحق عملائها.
أيها الاخوة ترابط وثيق كان بين فكر الكمال وفكر شيخ الثائرين سلطان باشا
الاطرش الذي رفع شعاره " الدين لله والوطن للجميع وأعلنها ثورة هادرة ضد
العثمانيين بعد أن اضطهدوا امتنا أكثر من 400 سنة، ولى اتاترك هاربًا
ذليلا حاقداً، وما أن وصل بلاده حتى أمر بإسقاط الأحرف العربية في كتابة
اللغة التركية، وعندما جاء الفرنسيين هددوا الملك فيصل الأول واغروه بقصر
في ايطاليا ليتنحى عن الحكم فأذعن وترك سلطان في المعركة.
كُتب التاريخ في الوطن العربي تسّوق الحكام بدلا من إنصاف الأبطال
الحقيقيين، الأعمال الدرامية مثل مسلسل "الخوالي" ومسلسل " باب الحارة"
لا تتطرق إلى الحقائق التاريخية وتبرز دور أم جوزيف" على اعتبار أن
الثورة شملت كل الشعب وهذا لا يبرر استثناء قائد الثورة وابطالها
الحقيقيين، هذه الثورة فتحت الباب أمام الشعوب العربية للتحرر من
الاستعمار، ونقول تجاوزًا، واغفروا لي ذلك، أكرر نقول تجاوزًا: ليتنا
بقينا في الكثير من المناطق تحت حكم الاستعمار في ظل الكثير من الحكومات
العربية العميلة .. الذليلة.
 أيها الإخوة ولا نستطيع أن نفصل هنا - عن هناك – لقد ربطتنا هذه المحطات
في بوتقة واحدة، فشعبنا العربي يُلاحق في كل مكان، وهنا  تريد سلطات
الاحتلال ان تسلبنا الحلة والحلال، من هنا، ندعو أهلنا جميعا إلى
المشاركة في أحياء يوم الأرض، وذكرى شهداء يوم الأرض.
وعودة إلى القائد المعلم الفيلسوف، كمال جنبلاط كان ثروة وثورة.. كان
ينبوعًا دفاقًا يسقي من جانبية الحقولا، قرن فكره بالعمل،  كما قلنا حيث
وزع الكثير من أملاكه على الفقراء بعكس الحكام الذين يكدسون المليارات
لخدمة أطماعهم وشهواتهم البهائمية، وإلى جانب كونه اشتراكيا، كان صوفيًا
متقشفًا يأكل النباتات ويكره أكل اللحوم.
جوانب كثيرة لا يعرفها الكثيرون عن كمال جنبلاط ، فبالإضافة إلى كونه
يجيد عددًا كبيرًا من اللغات.. كان شاعرًا وقال في ديوانه "فرح":-
"اموت او لا اموت فلم ابالي فعذا العمر من نسج الخيال"
 وكان رسامًا.. وكان عالما كيمائيا أنشأ مصنعًا لاستخراج القطران وأخترع
آلة لتحويل غاز أسيد الكلورية وتذويبه بالماء
لقد غرف كمال جنبلاط من كل الحضارات التي مرت عبر الدهور، الأمر الذي
جعله موسوعة فريدة من نوعها، جعله يحمل أسمه " بجدارة ولا نغالي إن قلنا
أنه كان فلتة من فلتات الأزمنة عبر التاريخ البشري كله.
 ومن هذه القاعدة الاستثنائية كان ذو طاقة سحريه على محدثه، وخير دليل
على ذلك أنه استطاع أن يقنع حتى الحكام العرب أن يستعملوا سلاح النفط ضد
أسيادهم في البيت الأبيض لأول مرة ، واستطاع أن يقنع مصطفى البرزاني
بالالتزام بالهدنة لتمكين الجيش العراقي تقديم قسطه في المجهود الحربي
العربي
كان نصيرًا للشعوب المضطهدة وقف إلى جانب الثورة الفلسطينية ، وأتذكر
زيارتنا للشهيد ياسرعرفات عندما قَدِم إلى غزة، قدم له شيخنا الكاتب
الكبير نمر نمر كتابه الذي جاء تحت عنوان " الشهيد كمال جنبلاط،
وعندها وثبت  الدموع على وجنتي القائد الذي قال للكاتب نمر:- كان يجب أن
يكون عنوان الكتاب " شهيد فلسطين كمال جنبلاط".
حقد المحتلين الصهاينة على هذا الرجل الذي حجمهم، دفع جهاز " الموساد"
لان يترصده لاغتيال، ففي تموز 1973  تم اعتقال ضابط إسرائيلي يحمل جواز
سفر الماني مزيف باسم " اورلخ لوسبرغ" واسمه الحقيقي " حجاي هداس" وهو
نائب مدير الموساد حتى عام  2010.
ايها الاخوة كان يمكن أن نسترسل في الحديث مع هؤلاء الابطال ولكن نكتفي
بهذا القدر ولكن ليس قبل أن نذكر أن كمال جنبلاط
ترأس كمال جنبلاط مؤتمر تضامن الشعوب الافر- اسيوية.
كان من مؤسسي منظمة دول عدم الانحياز.
نال وسام "لنين" للسلام .
وقد حاز على تقدير كل من عرفه
 قال عنه المطران غريغوار حداد : "  كمال جنبلاط كان يحمل الكثيرين على
كتفيه لان الكثيرين كانوا غير قادرين على حمل أنفسهم.
وقد وصفة الشيخ العلامة عبد الله العلايلي بينبوع الضمير.