[x] اغلاق
أنا الأرض والأرض أنت وعلى أرضنا الفلسطينية باقون
30/3/2017 7:32

" أنا الأرض والأرض أنت"

وعلى أرضنا الفلسطينية باقون

الإعلامي أحمد حازم

في العام 1976، أصدر وزير الدفاع الاسرائيلي إسحاق رابين قراراً  بمصادرة حوالي عشرين ألف دونم من أراضي بلدات دير حنا، سخنين وعرابة في منطقة الجليل، فهبت الجماهير العربية في كافة مناطق الـ 48 في  انتفاضة جماهيرية غير مسبوقة في الثلاثين من شهر آذار من ذلك العام أي قبل واحد وأربعين عاماً، لمواجهة سياسة الاستيلاء على الأرض الفلسطينية، ومنذ ذلك الحين يطلق على هذا اليوم " يوم الأرض".

قرار اسحاق رابين لم يأت من فراغ، لأن استهداف الأرض الفلسطينية كان مخططاً له منذ المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية عام 1897، حيث بات واضحاً، أن أراضي فلســطين هو الهدف النهائي للحركة الصهيونية لإنشاء دولة يهودية بأقل عدد ممكن من الفلسطينيين سكانها الأصليين. وقد استطاعت الحركة الصهيونية بالتحالف مع بريطانيا المنتدبة على فلسطين، انشاء دولة إسرائيل في 15 أيار 1948 على نحو عشرين ألف كيلو متراً مربعاً من أراضي فلسطين، تمثل نحو (74%) من مساحتها.

 

وبناءً على ذلك، هناك إجماع فلسطيني على أن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ عام 48 " سعت الى جعل حياة المجتمع العربي داخل أرضه لا تطاق، من خلال فرض وقائع على الأرض، تمنع الفلسطيني من البناء والتوسع الجغرافي، وتم مصادرة مساحات واسعة من الأراضي العربية لإنشاء مزيد من المستوطنات اليهودية عليها".

وبعد مرور واحد وأربعين عاماً على يوم الأرض، الذي سقط من أجله ستة شهداء، ما زالت محاولات المصادرة والتهويد مستمرة، وبالرغم من أن المواطنين الفلسطينيين في مناطق الــ 48 يشـكلون عشرين بالمائة  من السكان، إلا أنهم لا يملكون سوى ثلاثة بالمائة فقط من الأراضي التي أنشئت عليها إسرائيل.

شموئيل طوليدانو الذي شغل منصب مستشار للعديد من رؤساء الحكومات الاسرائيلية، قال ذات يوم:   ”إن هؤلاء الذين يعيشون بين ظهرانينا لم يعودواسقاة وفلاحين بل أصبحوا عربا وأيضا فلسطينيين”. وقال غيره من الساسة الاسرائيليين العنصريين عن فلسطينيي الــ 48: ”العرب عبارة عن قنبلة موقوتة”...”العرب سرطان في جسم دولتنا ويجب استئصاله". هذه التصريحات  العنصرية المناهضة للفلسطينيين في أراضيهم في الداخل الفلسطيني تدل على وجود رغبة إسرائيلية في التخلص منهم بشتى الطرق.

أقرت الكنيست في العام 1950 قانون أملاك الغائبين، وصادرت الدولة بموجبه أراضي وبيوت كل من تم تعريفهم "غائبين". وقد شمل تعريف الغائبين الفلسطينيين هؤلاء الذين نزحوا إلى الدول العربية في النكبة الأولى، وأيضا الذين نزحوا إلى قرى ومدن في الجليل والمثلث، حيث أصبح لهؤلاء النازحين في الداخل الفلسطيني صفة خاصة، فأطلق عليهم مصطلح "الغائبون الحاضرون" بمعنى غير مسموح لهم العودة إلى أراضيهم، رغم وجود إثباتات تؤكد ملكيتها.

وبالرغم من حقيقة أن أيام السنة كلها أيام أرض، لكن يوم الأرض في الثلاثين من شهر آذار، يشكل بالفعل نقلة تاريخية في حياة من بقي من الفلسطينيين في أراضيهم بعد نكبة 48، لأنه بلا شك يوم الاعتزاز بالتمسك بالأرض، ويوم التأكيد على أن الأرض الفلسطينية هي حق تاريخي  للشعب الفلسطيني.

إن بقاء فلسطينيي أل 48 على أرضهم أكبر دليل  على فلسطينية الأرض وعلى وجود أصحابها الأصليين. ولذلك قال الشاعر الكبير الراحل محمود درويش عن الأرض الفلسطينية: " أنا الأرض والأرض أنت". ويضيف:  " أنا الأرض في صحوها..لن تمرّوا / أنا الأرض يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها / لن تمرّوا..لن تمرّوا..لن تمرّوا .  نعم يا شاعر الثورة الفلسطينية، إننا  جميعاً الأرض الفلسطينية ولن يمروا .

"يوم الارض الفلسطيني"  هو بوصلة ضمير وحدث سياسي في غاية الأهمية للفلسطيني بشكل عام أينما وجد، وللفلسطينيين  في الداخل الفلسطيني في مناطق ألـ 48 بشكل خاص، وهو حدث تاريخي مهم في ذاكرة المجتمع العربي داخل هذه المناطق، ويعتبر يوما وطنيا يغذي الذاكرة الجماعية الفلسطينية، بجميع مركباتها،

"يوم الأرض" هو ذاكرة حية سيظل رمزاً للتمسك بالأرض والهوية والوطن، و،سيبقى اليوم الذي صنع فيه الفلسطينيون محطة مهمة جداً في التاريخ الوطني الفلسطيني، وسيبقى أيضاً رمزاً  فلسطينياً يضرب فيه المثل لدى الشعوب، وهنا على أرضنا الفلسطينية باقون.