[x] اغلاق
ألا تكفينا العنصرية الإسرائيلية يا عرب الجامعة العربية؟
5/4/2017 8:24

ألا تكفينا العنصرية الإسرائيلية يا عرب الجامعة العربية؟

الإعلامي أحمد حازم

الأقلية العربية في إسرائيل تعاني من تمييز مجحف بحقها في هذه الدولة، التي شاء القدر وخيانة الأنظمة العربية، أن يكون الفلسطينيون نسبة قليلة فيها، وأن يحملوا في وطنهم اسم "عرب إسرائيل". وكثيراً ما أسمع البعض يقول:" والله إحنا عايشين في هالدولة أحسن من الدول العربية". حتى أني سمعت رجلاً مسناً يقول لصديقه المسن:" خلينا ساكتين أحسن، لو كنا في بلد عربي ما كان حدا بهتم فينا..الله يخليلنا التأمين الوطني". واالبعض ينظر إلى هؤلاء أصحاب هذا الرأي، على انهم على حق فيما يقولون، لكنهم بنظر آخرين مخطئون فيما يفكرون.

الفلسطينييون الذين بقوا في أرضهم بعد قيام دولة إسرائيل يشكلون عشرين بالمائة من سكان الدولة، ولا تتوفر لهم الحقوق التامة والكاملة مثل المواطنين اليهود كمواطنين يشكلون حوالي خمس عدد سكان البلاد، أي أنهم وحسب تعدادهم، لا يحظون بوظائف ومناصب في الوزارات والمؤسسات الرسمية في هذه الدولة، تلائم نسبتهم السكانية، حيث من المفترض قانونياً أن تتعامل الدولة بمساواة مع كافة مواطنيها.

 أضف إلى ذلك، وجود خطوط حمراء ومحظورات للمواطنين العرب الفلسطينيين، والتي تعكس بصورة واضحة التمييز العنصري والعرقي إزاءهم، والأمثلة كثيرة جداً في جميع مجالات الحياة الاجتماعية. حتى في القضاء الإسرائيلي هناك تمييز في الأحكام. صحيح أن القانون من الناحية النظرية واحد وموحد للجميع، لكن عملياً، فإن الأحكام التي تصدر على مواطن عربي أقسى من الأحكام التي تصدر على يهودي، وهذا باعتراف مجموعة من رجال قانون يهود أصدروا دراسة في هذا الشأن.

ما جرى قبل فترة مع مجموعة عربية في العفّولة، يظهر بكل وضوح مدى عنصرية القضاء الاسرائيلي ضد المواطنين العرب. فقد شاركت هذه المجموعة  في مناقصة لشراء قطعة أرض في العفّولة، ورست المناقصة على المجموعة العربية. لكن المحكمة المركزية في الناصرة لم يعجبها ذلك. فقد أصدر القاضي أبرام أبرام قراراً في منتهى العنصرية ألغى فيه المناقصة لأسباب واهية غير منطقية. والحقيقة أن الهدف من إلغاء المناقصة هو إبعاد العرب عنها، مما يعني أن القرار هو تمييزي وعنصري بامتياز.

العرب الفلسطينيون في إسرائيل لا يتعرضون فقط  لظلم مجحف بحقهم من قبل السلطة الرسمية. فهم يتعرضون أيضا لظلم من نوع آخر أقسى وأشد معنوياً، وهو ظلم ذوي القربى العرب، أي ظلم أبناء جلدنهم في العالم العربي. فهم ينظرون إليهم بشكل عام نظرة ارتياب وشك، ليس لسبب مقتع، بل لأنهم بقوا في أرضهم، وكتب الله عليهم أن يحملوا الجنسية الإسرائيلية.

فالشعوب العربية بشكل عام تنظر إلى المواطنين في الداخل الفلسطيني وتقيّمهم من خلال جواز السفر الذي يحملونه، وليس من ناحية قومية عربية، وكأن هؤلاء لا يكفيهم ما يعانون من تمييز إسرائيلي. حتى في الدول العربية التي توجد لها علاقات مع إسرائيل فإن شعوب هذه الدول تنظر إلى أي علاقة مع فلسطينيي ألـ 48 وكأنها تطبيع مع إسرائيل وليس علاقة عرب مع بعضهم.

كنت ذات يوم على موعد مع ممثل معروف جداً صديق لي لإجراء مقابلة معه، وقد اختار الممثل  نقابة الفنانين في بلده مكانا لإجراء اللقاء، وكان الهدف من ذلك، كما قال لي، تقديمي لنقيب الفنانين للتعرف على بعض. وكانت دهشتي كبيرة من عدم ارتياح النقيب عندما عرف بأني موفد لصحيفة عربية تصدر في إسرائيل، لدرجة أن علامات الإنزعاج كانت واضحةً على تقاسيم وجهه. حتى أنه اعتذر بعد دقائق من اللقاء،  بحجة الإرتباط بموعد.

في اليوم التالي أخبرني الصديق الممثل أن النقيب "الوطني!؟" وبّخه على استقباله لي في نقابة الفنانين بحجة أني " صحفي موفد عن صحيفة إسرائيلية"، على حد تعبير النقيب،  واعتبر اللقاء "عملية تطبيع".  وقد تجاهل النقيب أني صحفي عربي أمثل صحيفة عربية. وأستطيع أن أسرد مئات من حكايات عشتها وسمعتها حول هذا االموضوع  في عدة دول عربية، عندما كان الحديث يدور حول فلسطينيي الـ 48.

نقطة أخرى مهمة يجب الإشارة إليها كمثال على التعامل الظالم بحق فلسطينيي الداخل ممن يسمونهم "الإخوة العرب". وأنا هنا لا أعمم، لكني أجزم أن نسبة كبيرة من عرب الجامعة العربية لا تعرف الحقيقة عن وضع فلسطينيي الداخل، وهذا حسب رأيي تتحمل مسؤوليته الأنظمة العربية.

المتمسك بأرضه على وطنه لا يجوز التعامل معه بهذه الطريقة المجحفة من أخيه العربي، بل يجب أن يكافأ على الأقل في دعمه معنوياً. وعلى الأنظمة العربية من ناحية أخلاقية أن تضع برامج تثقيفية لمواطنيها وبرامج تعليمية لطلاب المدارس ليتفهموا حقيقة وضع  فلسطينيي ألــ 48، وعلى  الشعوب العربية أن تكون أكثر وعياً، وتعيد النظر فوراً في كيفية التعامل مع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وتبرهن على أنها متضامنة معهم.

ألا يكفينا العنصرية الإسرائيلية يا عرب الجامعة العربية؟