[x] اغلاق
لؤلؤة حبي الضائعة
13/4/2017 7:35
لؤلؤة حبي الضائعة

بقلم: مارون سامي عزّام

    لماذا قسوتِ علي يا حاضنة قلبي الرضيع؟

    لماذا سرقتِ حرية الإبداع من دُرج خيالي الرحب؟

سؤالان محيران يضربان بشدة حائط تساؤلاتي، ليعرفا خبايا حيرتي هذه، رغم أني أذكر قبل ضياعها مني، قلت لها بصوتٍ أوتاره مهزومة، كادت أن تقطعها نبرته المثقلة بالحزن: "أنت طليقة أحلامك، ومنذ الآن وصاعِدًا لن أضغط على زناد مُسدّس خياراتي العشقيّة، لأرهبكِ أن تختاريني عنوةً، فإنّي قد تركتكِ تسيرين على مسار تفكيركِ الحُر كما أردتِ".

جعلتْ قلمي عبدًا لها، جلدَته بسوط الفراق الموجع، أمرَته أن يملأ دواته حبًّا، فسَكبها فوق صفحات هذه الصحيفة لأجلها، مع أنّي توسّلتُ إليها أن ترحمه من عناء الكتابة عن حبٍّ مُبهمٍ... حُبٍّ مسلوب الإرادة، عاجز عن الإبداع اللغوي الذي تميّزتُ به... أخفقتُ في صفّ حروف النّسيان فوق صفحة الزّمن الوهميّة، اعتبرتْ حُبّي مجرّد ورشة عمَل مُسَلّية، وضعَتها ضِمن فعّاليّات أوقات فراغها!!

ليتها ترحمني من هذا العذاب! ألم يحن الوقت بعد... ألم؟!

جعلَتني أنحني لجمالها غير المنصف بحقي... كنت أرى فيه لؤلؤة أنارت عتمة آمالي... أثارت متعة إلهامي، رغم أنّي لمحت في فضاء انتظاري، نجمة أملٍ نورها خافِت، أضاءت مدار صبري، حاولت قدر استطاعتي البقاء في دائرة هالة ضوئها، لكنها اختفت بين غمام غموضها. حاولت أن أعثر على مصدر سطوع لؤلؤة حبّي، كي يتغلغل في عقلي وقلبي، لأظلّله بأغطية أوراقي، لكن... كل ما تبقّى من أثر هذه اللؤلؤة، لمعان جمالها فوق قطرات حروفي الندية، الثائرة بعواطفها على لؤلؤة حبي الضائعة مني.

هَمَمت أن أضع سلسلة ذكرياتي الجميلة معها حول عنقي، التي شكّلت ذات يوم حلقة الوصل بباقي حلقات سلسلة ذكرياتي البرّاقة، فلو تواجدت لؤلؤة حبّي بينها، لزيّنت حلقاتها... لكن دون انتباه منّي تناثرت حبّات سلسلة ذكرياتي معها رغمًا عنّي، وتبعثر بعضها، فتسرّبت بين شقوق أرض الواقع المتشققة من جفاء الزمن، وتهشّم بعضها لهشاشة هذا الحب الزجاجي. اكتشفتُ فيما بعد أن هذا اللمعان، بفضل أشعة شمس تخيّلاتي، التي تعتقد أنها وجدت مكان اختباء لؤلؤتي المفقودة.

بحثت عنها عند الصاغة الملمين بأنواع الذهب والماس المصقول بأيديهم المتمرسة، فلم أجدها عندهم، لأنها لؤلؤة فريدة بنوعها، فيها بريق الحنان، نقاوة الإخلاص ونصاعة الوفاء، لكن أين هي بحق السماء؟! لست أدري! أذكر أنّي عندما التقيت بها أوّل مرّة، كانت تتوهج دلالاً، وشقاوة العشرين تلوح في سحنتها، أهديتها يومئذ جوهرة الصّداقة الغالية علي، لكنها رفضتْ التمسُّك بها، فأغرَقَتها في أعماق محيط الأيام المنسي، لربما أجد تلك الحبيبة، راكعةً في معبد الذّكرى الطّاهر، وحرقة النّدم تكوي ذاكرتها!