[x] اغلاق
شرعنة النّصوص الإبداعيّة
26/4/2017 7:34

شرعنة النّصوص الإبداعيّة

محمد جمال صُبح
 

 

ان احياء النصوص الإبداعيّة من الأمور البالغة الأهمية التي سعى ورائها أوائل المستشرقين وكبار المحققين العرب على حد سواء، فقد شهدت العقود الأخيرة من القرن الماضي اهتماما متزايداً بالنصوص الإبداعيّة، فلقد وجدوا ان رجوعهم لنصوصها يعتبر انجازاً من الإنجازات العلمية لان إخراج الكتاب من ظلمات المكتبات الى النور، وتكشيف النص من الغبار وتقديمه بين ايدي الباحثين هي نقلة فكرية تربط محور النص بين فلسفة أفكار الماضي والتطور الفكري الحالي، وخصوصاً ان أكثر تلك النصوص يسودها الغموض والابهام او الأفكار التي وضعت اسساً لكنها وقفت عند معطيات قد تتغير بتغير الزمان والمكان والحالة الفكرية للمجتمع.
يعتقد عدد كبير من مبدعي النصوص والفن بأنواعه أن مشاركتهم بمهرجان أو معرض مهم أنه نال شرعيته الفنية، وبالتالي فهو أدعى أن يكون متجليا في الصف الأول من مثقفي البلاد ومفكريها ومبدعيها، وبالتالي يحق له التواجد في كل الأمكنة صغيرها وكبيرها، وربما يحمله شعوره المتضخم إلى الغرور والحديث بأرنبة أنفه.رأيت عديدين من هؤلاء الذين تنقصهم الرؤية النقدية لما يكتبون، مثلما تنقصهم القراءة النقدية الجادة التي يتولاها نقادنا الموثوق بقدراتهم النقدية وحياديتهم.ولنعترف أن ساحتنا الثقافية كما الساحات الأخرى ابتليت بكتاب نصوص تحتاج إلى تقييمات تعيدها إلى مقاعدها وتقدم النصح والإرشاد إلى كتابها
المشكلة الآن أن هؤلاء الكتبة يتصدرون صفحات الكتابة والمهرجانات ليس بتجاربهم الإبداعية الناجحة وإنما بعلاقاتهم العامة الناجحة، ومزاحمتهم بسيرهم غير الصادقة سير الكتاب الكبار. لقد وضعتهم قدراتهم على نسج العلاقات العامة في مراكز ثقافية مرموقة، وسهلت لهم الطريق إلى مهرجانات ثقافية كبرى، وإلى مراكز نفوذ القرار الثقافي.ومن خلال تجاربي في عديد من المهرجانات لاحظت أن بين المشاركين من لا يحسن قواعد اللغة، ومن يخطئ بقراءة نصوصه وكأنه لم يقرأها سابقا.من هنا أريد التركيز على مقولة أن المشاركة بمهرجان إبداعي مهم أو غير مهم، لا تعطي النص الإبداعي شرعيته، كما أن عدم المشاركة لا تنزع عنه شرعيته.وبالتأكيد أن هذا هو سر استمرار حياة النص بعد صاحبه، وأيضا سر اختفائه بعد صاحبه.الأول نص إبداعي يحمل في داخله نبض الحياة دون مهرجان أو علاقات عامة ترفعه.والآخر بلا نبض أو جناحين، أي أنه مجرد جثة محنطة رفعته علاقات صاحبه العامة، ثم بمجرد أن أزيحت الرافعة سقط في موجة النسيان.سقت هذا الكلام لما رايته في الساحة الثقافية العربية إجمالا من محاولات مؤلمة القفز عن أسماء إبداعية كبيرة وإبداعات راقية يجب أن تكون بمواقعها التي تستحق.المشكلة كبيرة.. يمكن تجاوزها بتفعيل النقد التطبيقي، والتخلي عن إقصاء الإبداعات الراقية، وإعطاء المبدعين الحقيقيين مواقع القرار الثقافي.