[x] اغلاق
حكاية صوتٍ دافئ
4/5/2017 7:35
حكاية صوتٍ دافئ

بقلم: مارون سامي عزّام

صوت أنثوي في غاية الرقة، اخترق قشرة الصمت التي غلّفت بَرد وحدتي... رُبما معجبة أحبّت أن تُطلِق سهم إعجابها من قوس مللها، لتصيب هدفها في لوحة اللهو، نطقت فقط بكلمة "ألو" وانقطع الاتّصال، وكأنها هربت "خجولة بفِعلتها"!!... وأصدقكم القول أنّي تمنّيتُ أن تُكمل حديثها، لأفهم مبتغاها، رُبما استطعتُ أن أشخّص صوتها... وليتها ذكَرَت اسمها على الأقل... أو قالت مرادها، حتّى تتلاشى غشاوة تساؤلاتي، لعلها أرادت أن أسدي لها معروفًا؟!...

أما أن تسحب صوتها خلف حدود التعارف، التي يحرسها حرَس كرامتي، وتختفي تلك المتّصلة في ثكنة كبريائها، فهذا أعتبره تعدّيًا على منطقة خصوصيّتي منزوعة التطفّل، ومحاولة تسلّل غير مُبرّرة أبدًا، رغم كل ذلك، فإن صوتها رشّ الدفء من حولي في كل مكان، في تلك الليلة الشتوية التي نصب فيها البرد خيمته تحت السماء.

ضربت قنبلتها الصّوتيّة، التي هزّت أركان حاسة سمعي، وتطاير صداها في مخيلتي. يا ترى ماذا أرادت مني؟!... شعرتُ بتوترها الشديد، يشد أوتار صوتها حتّى قطَعها، ووقَعَت الكلمات المتشبّثة بها في أعماق بئر اللاوعي، فليتها منحتني خيط أمل رفيع، لأمسكتُ بطرفه. ربما استطاعت من خلال صوتها الأنثوي أن تصنع زمنًا أكثر عصرية، يكون بديلاً للزّمن الذي أحياه يوميًّا.

كيف استطاعت تلك المتصلة المجهولة في أوج فصل الشّتاء أن تتحدّى عاصفة مشاعري التي عصفت في أعماقي؟! فدفء صوتها قد هبط عليّ من منطاد الأماني، الذي طالما انتظرته، أيُعقَل أن يتركني أمُرُّ مجدّدًا بتجربة فحص حساسيّة الأصوات الأنثوية؟! ربما صوتها أراد اللجوء إلي كي أحميه في مأوى هدوئي! أو لعل صاحبة هذا الصوت الدافئ أرادت أن تُمازحني!... سلسلة تساؤلات مضنية، تلاطم بعضها البعض، نتيجة عدم وضوح وجهة الصّوت الذي تبعثرت حباله مع صدى لحظات عابرة...