تأسيس نقابة  صانعي الاحذية في شفاعمرو

والمنطقة سنة 1951

تغريد ابو رحمة جهشان –محامية

شفاعمرو – يافا

تاريخ البلد حافل بامور مهمة ومميزة  كثيرة  لم نصل اليها حتى اليوم وقد لا نصل اليها ابدا ما لم يتم البحث الممنهج العلمي عن تاريخ البلد في الارشيفات المختلفة داخل البلاد وخارجها اضافة لبحث اخر مهني للتوثيق الشفهي للبلدة من كبار السن قبل فوات الاوان . لكم اشعر انني اضعت فرصة ذهبية للحديث مع والدي المرحوم امين ابو رحمة عن البلد لأعلم بعض من المعلومات التي لم اعرفها عنه وعرفتها من خلال معاينة ارشيف الجيش الاسرائيلي , على سبيل المثال انه كان عضو البلدية ولكنه  قدم استقالته في فترة لاحقة  وقد كان اقتراح لتعيين المرحوم راشد الياس لوسيا بدلا منه وذلك في اواسط سنة 1953 وتبقى حتى هذه المعلومات ناقصة بالنسبة لفترة العضوية ولاسباب الاستقالة .الا انه وفي وثيقة اخرى وهي  تقرير رئيس البلدية للاعضاء عن تلخيص اعمال البلدية سنة 1951-1952  يتبين ان تعيين والدي عضو البلدية كان في 1951/7/12 مع تعيينات اعضاء البلدية الاخرين في تلك الفترة وهم : جبور يوسف جبور رئيسا , حسين عليان  نائبا  للرئيس , عطالله احمد ابو عبيد , حسين نمر حسين , مبـدا الشيتي , ميخائيل اشقر , نايف صادق خطيب ويوسف حسن خنيفس . (ولنا عودة للتقرير في مقال آخر) 

وفي هذا السياق وايضا من ارشيف الجيش ملف اساسي  1966-263-985 ملف ثانوي رقم 15 صفحة 8 سيطلع العديد من الابناء او الاحفاد على مبادرة ابائهم او اجدادهم اقامة نقابة صانعي الاحذية في شفاعمرو والمنطقة . ففي تاريخ  1951/6/2  اعلن عن تاسيس النقابة واجتمع اعضاءها  وانتخبوا مؤسساتها  : الهيئة الادارية – وديع الخوري , الياس الداموني ورفول بحوث, السكرتير – رشيد بولص وامين الصندوق – امين الجمال .وقد توجه المجتمعون الى الحاكم العسكري من اجل ترخيص النقابة .

هل اقيمت النقابة بالفعل ومارست عملها بعد التاسيس ؟ وهل اعطي الترخيص المطلوب ؟ لم تكن هناك وثائق تدل على ذلك في الارشيف وقد تكون الاجوبة لدى احد الابناء او الاحفاد . ولكن لهذه الوثيقة اهمية كبيرة اولا لان هذه الصنعة كانت حيوية ومهمة جدا في تلك الايام التي لم تكن البضائع الصينية او الاخرى واردة  بالحسبان  حيث كان الاعتماد كليا على الصناعة المحلية , ويعلم ذلك جيدا ابناء جيلي والجيل الذي بعده  اذ كنا نقصد بعض من الاشخاص الواردة اسمائهم في المستند من اجل صنع الاحذية واليوم وبنطرة الى الوراء يجب تقدير  ذلك كثيرا اذ ان هذه الاحذية هي بامتياز من صنع اهل البلد بمعنى انه ممكن الكتابة عليها بالخط العريض Made in  Shefa – Amer  .

الاهمية الثانية للوثيقة انها تشير الى التنظيم العمالي المهم حيث ان وجود نقابة عمالية بامكانها ان ترفع المطالب بشدة وقوة وتضامن بدلا من متابعة الافراد كل على حدة لمطالبه ,وكذلك هناك اهمية لتنظيم ومتابعة العمل وقضايا اخرى مثل استيراد الجلد وتحديد الضرائب وبيع هذه الاحذية وخاصة لاسواق خارج البلدة في زمن لم يسمح بالتنقل الى خارج البلد الا بتصريح من الحاكم العسكري .

ثالثا يلاحظ من الاسماء التي  في الوثيقة ان هذه المهنة كانت منحصرة بعدد من العائلات فهناك الاخوة  او الاباء والابناء الذين  عملوا معا  .  على سبيل المثال عائلة الجمال التي عمل اربعة منها في هذه المهنة فهناك بشكل واضح اب وابنه بينهم امين الجمال وسامي امين الجمال . ما يعني ان العمل بهذه المهنة كان يتم في مصانع عائلية صغيرة بواسطة عدد  من  افراد  العائلة .

اما بالنسبة للجلود التي صنعت منها هذه الاحذية لربما كانت ايضا من انتاج محلي فمن المعلوم ان السباط في البلد كان يحوي لسنوات عديدة مركز كبير لتصنيع الجلود من الماشية .

شفاعمرو كغيرها من مدن العالم قد تأثرث بعوامل كثيرة منها الثورة الصناعية التي انتصرت بها الالات الصناعية على عمل الانسان والاستعمار والعولمة التي جعلت العالم سوق واحد يخضع لخدمة اصحاب رؤوس الاموال وبالتالي اندثار الكثير من المهن والمصالح العائلية الصغيرة . ولكن تبقى بالذاكرة حقبة زمن لها طابع خاص واثر لمهن لولاها لكانت الحياة شبه مستحيلة فلهؤلاء الاباء والابناء والاخوة مكانة خاصة في تاريخ المدينة لصنعتهم وعملهم , فلولاهم لكان سكان المدينة حفاة الاقدام لسنين طويلة . اضافة لذلك وبعد الاطلاع على الوثيقة  تتسع مكانتهم على صفحات التاريخ  لوحدتهم وعملهم النقابي الطلائعي.