[x] اغلاق
هل أصبح شهر رمضان المبارك شهرالمسلسلات التلفزيونية والتسابق في أنواع الأكل؟
31/5/2017 9:52

هل أصبح شهر رمضان المبارك شهرالمسلسلات التلفزيونية  والتسابق في أنواع الأكل؟

الإعلامي أحمد حازم

جاء في آخر إحصائيات موقع (muslim population) أن تعداد المُسلمين حول العالم، وصل إلى 2 مليار و90 مليون نسمة تقريباً. كما أن عدد الدول الإسلامية على الكرة الأرضية يبلغ 55 دولة، جميعها أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلاميّ، ما عدا سورينام وغويانا اللتين تُعتبران من دول أمريكا اللاتينية والمُسلمون فيهما أقلية. وتُوجد دول مُراقبة في المنظمة تضم أقليّات مسلمة أهمها روسيا.

وتتوزّع هذه الدول الإسلامية بين قارّة آسيا التي تضمّ ثمان وعشرين دولة إسلاميّة، وقارّة أفريقيا التي تضمّ ستة عشرين دولة إسلاميّة، وقارّة أوروبا التي تضمّ دولة إسلاميّة واحدة. هذه الدول لها عاداتها وتقاليدها الخاصة بها في شهر رمضان المبارك شهر الخير والعطاء،

عندما تعود بي الذاكرة إلى سنين طويلة أيام الطفولة، أتذكر كيف كنا ننتظر قدوم هذا الشهر الكريم بفارغ الصبر. كان الأهل يحدثونا عنه وعن ميزاته وحسناته. وكان معلموا المدارس يهتمون بتزويد التلاميذ بمعلومات رمضانية ويحثونهم على الصيام. كنا  ننتظر هذا الشهر بفرح وشوق كبيرين  ونشكل (إحنا الأولاد) حلقات فيما بيننا لنتبارى في معلومات حول شهر رمضان.   

كانت الأسرة تتبع نهجاً تثقيفياً معيناً فيما بينها، وكان  الجيران يمارسون عادات رمضانية إنسانية، ولكن هل لا يزال هذا الشهر الفضيل اليوم كما كان في السابق؟ وتتساءل كاتبة إماراتيةعما إذا كانت الأسرة لا تزال متمسكة بعادات هذا الشهر وتقاليده القديمة أم أنها أصبحت بقايا من عادات وسلوكيات جميلة كان يمارسها الأباء، نتيجة عادات دخيلة باتت هي ممارسات الجيل الحالي.

أذكر أن من بين الطقوس التي تلاشت في شهر رمضان ظاهرة تبادل وجبات الإفطار بين الجيران، أي تبادل أطباق رمضانية بسيطة لم يكن فيها إسراف ولا تبذير وكذلك الألعاب الشعبية التي كان يمارسها الأطفال في كل ليلة من ليالي رمضان. وهذا بطبيعة الحال تتحمل مسؤوليته الأسرة التي من المفترض أن تحافظ على الموروث الرمضاني، كون الأسرة هي النواة الحقيقية في تعميق ذلك بين أفرادها.

ويرى أحد المهتمين بتلاشي عادات رمضانية، أن الناس كانوا يتبادلون الزيارات في رمضان للتهنئة بحلول هذا الشهر، أما اليوم فقد حلّت الرسائل القصيرة عبر الواتساب والفايبر أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي، مكان هذه العادة الإجتماعية المحببة والمميزة. وكان المسحراتي يعمل برغبة شديدة في إيقاظ النائمين عبر طبلته وكان الأطفال ينتظرونه قبل الأهل. أما اليوم فقد انتشرت التطبيقات الذكية التي تحدد موعد الإفطار والسحور والإمساك.

إضافة إلى ذلك كان الناس يتبادلون الزيارات والسهرات بعد الإفطار، أما اليوم فقد حلّت البرامج التلفزيونية الرمضانية مكان هذه العادة اذ تكتفي العائلات بمشاهدة البرامج والمسلسلات المتنوعة والكثيرة في هذا الشهر، والتي في غالبيتها تخدش الحياء العام. كان الأطفال يخرجون ليلاً حاملين أكياساً ويطوفون بها في أزقة الحي ويطرقون الأبواب من أجل جمع الحلوى والأمور الأخرى، أما اليوم فيقضي الطفل وقته على الآيباد ويلهو بالألعاب الإلكترونية بدلاً من أن يتمتّع بطفولته مع أصدقائه.

ما نعيشه اليوم في أيام رمضان هو التبذير بعينه، بمعنى أن الكثير من الوجبات  يكون مصيرها القمامة، وفي هذه الحالة نفتقد كلمة"حرام" لأن الأكل نعمة ويجب الحفاظ على هذه النعمة. وقد شاءت الظروف، أن أعيش أربعة أيام رمضانية في مدينة مراكش المغربية، التي زرتها مرات عديدة، ولكن ليس في رمضان. وقد لفت نظري عادة جميلة إنسانية وخيرية بكل معنى الكلمة في رمضان. فالمطاعم هناك تضع بقايا الأكل في أكياس خاصة  ثم يضعونها في أماكن معينة ليأخذها الفقراء.  ومن العادات التي لمستها هناك، انه  بمجرّد التأكد من دخول شهر رمضان، يقوم المغاربة بتهنئة أقاربهم وأصدقائهم بالقول: "عواشر مبروكة"، بمعنى عشر الرحمة، عشر المغفرة وعشر العتق من النار.

هناك من يرى أن  حالة ما يسمى بـ "العولمة" هي المسؤولة عن المتغيرات الجميلة التي كنا نعيشها في الماضي، حيث ساهمت هذه الحالة في إبعاد جماليات الأيام الرمضانية، والأسرة مسئولة عن ذلك كونها النواة الحقيقة في تأصيل هذا الأمر. حين يقترب دخول شهر رمضان، كما ورد على لسان مسن فاضل،  تجد الناس يتجهزون له مبكراً ويعدون العدة وكأنه مناسبة وطنية، لكن هذا  الإهتمام لم يعد موجوداً الآن، فيأتي رمضان وينتهي والوضع كما هو لا يحدث أي تغيرات سوى في زيادة الأكل والشرب ومتابعة البرامج والمسلسلات التلفزيونية حتى على مستوى الصغار. فأطفال الأمس، وحسب المسن،  كانوا يمارسون أجمل الألعاب وينشدون أحلى الأغاني، ويلبسون أفخر الثياب الشعبية، أما اليوم  فقد تغير الوضع كليا نتيجة غزو حضاري متسارع جعل من تقاليد وعادات رمضان مجرد ذكرى لدى أفراد المجتمع.

ولا بد من الإشارة في نهاية المقال، إلى أن الصائمين في أوغندا يصومون 12  ساعة فقط يومياً صيفا وشتاء، لتساوي الليل والنهار هناك لوقوع أوغندا على خط الاستواء.  صياماً مقبولاً.