[x] اغلاق
أو يسار، أو لا شيء
10/7/2017 7:17

أو يسار، أو لا شيء

جدعون ليفي ترجمة: أمين خير الدين

تلعثم عمير بيرتس. راوغ وبحث عن الكلمات. كان هذا على  منصّة "مؤتمر إسرائيل للسلام" الذي أقامته جريدة "هآرتس" قبل شهر تقريبا. سأله ربيب دروكر إذا كان لا يزال يؤيّد إطلاق سراح مروان برغوثي، كما نادى بذلك في الماضي، تلعثم بيرتس. "ربّما"، و"ليس الآن"، و"عندما تتهيّأ الظروف". حزنت كثيرا.ها هو الرجل الذي امتاز بالشجاعة حين نادى في سديروت في سنوات ال-80  بالسلام الآن، فقد الشجاعة الآن. ها هو الرجل الذي وضعتُ كلّ ثقتي به كلّ الوقت، يتلعثم. يمكن الاعتقاد أنه لا يزال يدرك حتى هذا اليوم أنّه يجب إطلاق سراح برغوثي وأنه لم يتغيّر شيء منذ أيد إطلاق سراحه. لكن بيرتس  ينافس على رئاسة حزب العمل، ولذلك يظن أنه ينبغي عدم إغضاب أحد الآن. انتظروا حتى يُنْتَخَب.

فقط انتظروا وسترَوْن، هذا ما يقولونه دائما في هذا الحزب. انتظروا حتى يُنْتّخب شمعون بيرس، حتى يُنْتخب فؤاد، حتى تُنْتَخب شيلي، حتى يُنْتخب بوجي، فقط أعطوهم الفرصة وسترون أنهم شجعان. وبعدما انتخبوا في حينه لرئاسة حزبهم لم يتغيّر شيء، يجب ألاّ يتغيّر شيء هذه المرّة أيضا. حان الوقت ليكون حزب العمل يساريّا وحتى بأنَفَة واعتزاز، بلا ذلك ليس ثمّة أمل في اليمين، ليست هناك أية بوادر.

  في الحملة الجوفاء التي ستنتهي غدا لم يَرِد شيء، عدا أحاديث شخصيّة، لدينا مرشحان شرقيّان. لا زال حزب العمل يهرب من الحقيقة، ومرشّحوه يهربون من إبداء الرأي الصريح. آبي غبّاي تكلّم عن دولتين، وأنه على استعداد لإعادة شُعْفاط – أيّة شجاعة -  وبيرتس، الأكثر يسارية ورجل السلام الحقيقي  بينهما، تكلّم عن كتل استيطانية. أوهام سراب.

   أُديرت الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض دون أن تُذكر كلمة  جوهرية عن جرائم السلطة: قطع الكهرباء عن غزّة، أحكام الإعدام على الحواجز، "يكسرون الصمت" الاعتقال الإداري لعضوة البرلمان الفلسطيني. كيف يجرؤون على طلب ثقة أعضاء حزبهم دون تناول هذه الأمور؟ هل يعرف أحد بماذا يفكّرون؟ هل بيرتس 2017 حمامة السلام الشجاعة وقائد حرب لبنان الثانية بكلّ جرائمها، أكثر  تأييدا للسلام من غبّاي؟ وربّما العكس؟  هل مَن يهتمّ بذلك؟ هل من المبالغة التوقّع من المرشّحَين أن يقولا كلاما واضحا، مثلا أنهما سيناضلان من أجل تجديد تزويد غزّة بالكهرباء، ليقولوا الحقيقة: إنّ المستوطنات جريمة، يجب إطلاق سراح الأسرى الإداريين، يجب التفاوض مع حماس، ليس فقط من أجل إعادة الجثث. أحلام.

    لقد اجتاز بيرتس وغبّاي مِفْرَمَة اللحمة التي تُسمّى حزب العمل، وتحوّلا لجزء من أل – دي. أن. إي [الحامض النووي] المعطوب لهذا الحزب، وهو ال- دي. أن. إي  لكل ما يُسمّى بيسار الوسط في إسرائيل، وقانونه الأوّل، ممنوع أن تقول شيئا. اليمين يقول ( يفعل)، وفي اليسار يتأتؤون. يموِّهون، يمسحون جوخا، يرتاحون، يلعقون، ينافقون – ويخسرون. في عالم السياسة الإسرائيليّة الكثير،  لمسح جَوْخ الجماهير  عندنا حزب يوجد مستقبل [ييش عتيد]، وكلّنا ينافق الجميع، غبّاي وبيرتس لا يتقنان النفاق مثل يئير لبيد أو موشي كحلون، إذاً لِمَ التجربة.

  وذُكِر على سبيل الحصر: الحق الوحيد لوجود حزب العمل كونه بديلا. وظيفته أن أن يفكّر بما لم يفكّر به أحد، وأن يقول ما لم يقله أحدٌ، وأن يقترح ما لم يقترحه غيرُهُ. وحزب العمل لم يفعل ذلك، وبذلك لم يقْضِ على مصيره فقط، إنّما قضى على مصير أيِّ تغيير في إسرائيل.

   جزب العمل لعنة اليسار،عائق في خطوط المجاري بدون إزالته لن يكون يسار في إسرائيل. اعتقد حزب العمل أن طريقه للسلطة يمرّ بمسح الجوخ لليمين، ولهذا خسر المرّة تلو المرّة. قالت يحيموفيص إن الاحتلال  ليس هامّا - فخسرت. اقترح هارصوغ خطّة للسلام  باطلة – فخسر. يجب على بيرتس وغبّاي ألا يقعان في حفرة الخوف.. أمام شعبيّة اليمين، عليهما أن يكونا يسارا شجاعا، أو ألاّ يكونا أبدا. حتى من ناحية جلب الأصوات الشجاعة هي الإمكانيّة الوحيدة المُحْتَمَلَة.وأمام مَنْ سيُنْتَخَبُ غدا يرتفع خيار، حادّ كالسكّين: يسار أو لا شيء.