[x] اغلاق
إدراج الخليل فى لائحة التراث العالمي ضربة موجعة أخرى لإسرائيل
12/7/2017 7:08

إدراج الخليل فى لائحة التراث العالمي

ضربة موجعة أخرى لإسرائيل

الإعلامي أحمد حازم

مدبنة كراكوف البولندبة التي زرتها مرات عديدة في حياتي المهنية، خصوصاً أنها تحتضن منذ عشرات السنوات مهرجاناً عالمياً للأفلام الوثائقية والتسجيلية. هذه المدينة كانت عاصمة الثقافة الأوروبية عام 2000، وهي مشهورة بكنائسها وأديرتها التاريخية التي تعود لمئات السنين. مدينة كراكوف دخلت التاريخ مجدداً وسيظل أسمها يتردد على كل لسان عربي بشكل عام وفلسطيني بشكل خاص، لأنها سجلت حدثاً ثقافياً (سياسياً) تاريخياً سيظل أسمها مرتبط به كل الحياة.

في مدبنة كراكوف عقدت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" دورتها الحادي والأربعين، من الثاني حتى  الثاني عشر من الشهر الجاري. لكن السابع من هذا الشهر كان يوماً مميزاً في أيام المؤتمر. ففي هذا اليوم اتخذت منظمة ألـ "يونيسكو"  قراراً جريئاً منصفاً، حيث أدرجت مدينة الخليل في الضفة الغربية، على لائحة التراث العالمي المهدّد، وأعلنت المنظمة في نفس الوقت أن البلدة القديمة في الخليل منطقة محمية بصفتها موقعاً يتمتع بقيمة عالمية استثنائية، وبذلك أصبح الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة في مدينة الخليل موقعان تراثيان وتاريخيان عالميان.

 مسألة إدراج الخليل فى لائحة التراث العالمى كان في حقيقة الأمر موضوع تحد كبير ومواجهة عنيفة بين إسرائيل وأعوانها في المحافل الدولية من جهة، وبين السلطة الفلسطينية ومؤيدي الحفاظ على التراث التاريخي الفلسطيني من جهة ثانية.

قرار الـ "يونيسكو" أفقد صواب بنيامين نتنياهو، فسارع إلى الإدلاء بتصريحات أقل ما يقال فيها أنها جنونية لا تصدر عن سياسي متزن، بل عن سياسي متهور. فقد صرح على سبيل المثال، بأن قرار أل "يونيسكو"  هو (خطوة جنونية) على حد تعبيره. بمعنى أن إقدام الأمم المتحدة على الحفاظ على التراث الفلسطيني وحمايته من الخطر الذي يتعرض له إسرائيلياً، أصبح في نظر "بيبي"  أمراً جنونياً. ولم يتوقف التصرف الأرعن  لنتنياهو عند هذا الحد فقط. فقد أمر بتقليص التمويل الإسرائيلي لليونسكو مليون دولاراً.

رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، المعروف بنهجه اليميني ونكرانه للحق الفلسطيني، يتلقى ضربات سياسية واحدة تلو الأخرى على صعيد الهيئات الدولية، مما يدل بصورة قاطعة، على أن السياسة التي ينتهجها نتنياهو إزاء الفلسطينيين هي سياسة مرفوضة من المنظومة الدولية.

قبل ذلك، فجرت ألـ "يونيسكو"  قنبلة سياسية في وجه السياسة التي تنتهجها حكومة نتنياهو وللدبلوماسية الإسرائيلية بشكل عام. فقد صادق المجلس التنفيذي لمنظمة "يونيسكو" على قرار ينفي صلة الحرم القدسي الشريف باليهود في القدس،  وذلك بعد تبني مجلسُ المدراء التابع لـ"يونسكو"، قراراً ينفي أي علاقة أو رابط تاريخي أو ديني أو ثقافيٍ لليهود واليهودية في مدينةِ القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك.

ويوم الحادي والثلاثين من شهر  أكتوبر/تشرين أول عام 2014، شهد أول مشاركة لفلسطين في المؤتمر السابع والثلاثين للمؤتمر العام لمنظمة الـ "يونسكو"، كدولة كاملة العضوية فيها، وفي الثاني عشر من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه تم  انتخاب فلسطين العضو 195 في "يونسكو"، وهي أول وكالة في منظومة الأمم المتحدة توافق على انضمام فلسطين كدولة عضو.

نقطة أخرى لا بد من الإشارة إليها، وهي أن  منظمة "يونسكو"، أصدرت  مجموعة قرارات منذ عام 1982، لم تطبق إسرائيل منها أي قرار، بل على العكس طردت بعثة الـ "يونسكو" من الأراضي الفلسطينية المحتلة وحتى من داخل إسرائيل. كما أن المعلومات المتوفرة، تؤكد أن إسرائيل لم تسمح لبعثة الــ"يونسكو"، بدخول الأراضي المحتلة بعد تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، وترفض استقبال أي بعثة منها حتى الآن.

على أي حال، فإن قرار الــ "يونسكو"، هو في الحقيقة صدمة كبيرة لحكومة نتنياهو، الذي سيبقى لفترة في حالة تخبط وعدم وعي، كما أن هذه  المنظمة الدولية أظهرت الضمير الحي الذي تتمتع به كونها هيئة ثقافية مستقلة معتدلة، تدافع عن ثقافات الشعوب وتحمي تراثها التاريخي.