[x] اغلاق
الحب الشقي
13/7/2017 15:22
الحب الشقي
بقلم: مارون سامي عزّام

لا أدري ماذا جرى لفتيات هذا العصر؟!، ما بال بعضهن يتمرّد على نصيبهن بلا أي مصداقيّة؟!!... مع أن بعضهن يعتبرن بعض الشّبان، كأنهم لعنة خاصّة حلّت عليهن، يُرِدن التّخلص منها بسرعة، لذلك عندما يتقدّم الشبان إليهن طالبين التقرب من عروشهن!!، تتلعثّم ردودهن المتأرجحة على حبال الحيرة، لخوفهن من دخول نفق المماطلة الطويل والمتعِب مع الشاب.

يُحرَجن من ذلك الشّاب "المسكين، لأنهن لا يعرفنَ حُسن التخلّص الأمثل من "جرأته"!!، لذا يفضّلن مسايرته، والدّوران حول دائرة إعجابه لمدة ما، وبعد أن يصاب الشّاب بدوار من التّساؤلات التي أوقعته على أرض الحيرة، تتوقف بعض الفتيات عن لعبة الشطرنج العشقية معه، "ويدّعين" أنهن تغلّبن عليه، فيعتذرن له بلباقة أنثويّة "مفرطة"، رافضات طلبه، هذا جزء من شقاوة الحب العصريّة.         

بعضهنّ حوّل الحب من حالة عشقيّة مميّزة إلى حالة عَرَضيّة، دخيلة على مفاهيمهن، رغم أن بعض الفتيات نسين أن الحبُ لا يكبر وسيبقى مدى العمر طفلاً شقيًا، لا يستطعن السّيطرة عليه، سيبقى طفيليًا بطبعه... متطفّلاً بطباعه على آرائهن غير المنطقيّة... يتحرّش بهن كيفما تحرّكن... يغزو غُرف نومهن... ينكث أغراضهن الشخصيّة... يتغلغل في وسائد أحلامهن الوردية، كي يستطيع تبصُّر مصيرهن الغامض، لكن لا جدوى. 

مهما حاولنا إبعاد المؤثّرات الجانبيّة للحب عن مشاعرنا، مهما حاولنا نفيه عنا لبضع لحظات، مهما حاولنا محو اعترافنا بوجوده عن جدران كبريائنا الشّاهقة، إلاّ أنّه في الأخير، يبقى يحوم حول قلوبنا وأحلامنا كالنحلة، ليلسعنا بلظى شهده، فهو يظل يراقب نظراتنا، التي تلاحق كالمخبرين كلَّ فتاة تمر، يتجسّس على أحاديثنا الشّبابيّة السّريّة، لأنّه يدخل خفيةً من جُحر غفلَتِنا ليتملّك حاضرنا... مُقتَحِمًا ثكنات ضمائرنا، تحاصرها الأنا، كي يسبح بحُريّة في محيط خيالنا الرحب، فيضيء لنا فنار الآمال.

نشأ الحب الشّقي في بيئة متحرّرة من قيود تحكّم الفتيات اللواتي يحاولن تحطيم قوة احتماله لفظاظة قراراتهن غير المبرّرة أحيانًا، حتّى يومنا هذا يكره تقييد تحركاته المسالمة، أو عرقلة مساعيه الرومانسية الحثيثة للتوفيق بين القلوب... شقاوة الحب تؤمن أن التطوّر الشعوري ينمو في البداية ببطء لدى الجنسَين، عندها تبدأ تسمع نبضات الغبطة، تتسارع وتيرتها في رحم أحاسيس الطّرفين، إلى أن يبدأ جنين الصّدق بالتكوّن، عندها تبدأ أطراف التودّد تتكامل رويدًا رويدًا بين الشّخصين.

ذات يوم قرّر الحب الشّقي الغوص في أعماق وجداننا، فوجد في داخلنا كتلة من العواطف الرّقيقة، نائمة منذ سنين على سرير مخيلتنا السّري، بعد أن تعبنا من البحث الدّقيق عن فتاة في ذِهنِها مرآة تعكس لها الأمر الواقع بدون زيف. الحب الشّقي يحاول بشتّى ألاعيبه وأحابيله، إيقاظ عزيمة بعضنا المتخاذلة والخاملة، للبدء برحلة استكشافيّة جديدة، لاكتشاف قارة الأنثى جديدة التي تتمتّع بمناخٍ جمالي، فيه دفء البساطة، جوّها الفكري معتدل، لا ترتفع فيه حرارة متطلباتها أكثر من المعدّل المطلوب.

نحن نريد اكتشاف قارات غير تلك القارات الأنثويّة الباردة التي اكتشفناها في عصر طيشنا، لأن أنهُر الوفاق والتفاهُم كانت جليديّة، لم تسطع فيها شمس الوعي... لم تعكس ظل ماضيها على حاضرها، قمر جمالها محتجبٌ خلف غمام التجمّل!!، فخوض تجربة جديدة في الحب، يتطلّب تمهيديات أوّلية لضبط عقليّة أي فتاة، وتنبيهها إلى أنها قد تخطّت خط اللامبالاة الأعوج... تخطّت حدود المراهقة المتهوّرة، بعد أن قطعت باعًا عمريًّا، تعدّى الثلاثينيّات. الآن عليها ترتيب أولويّات تفكيرها من جديد وبجديّة، لذا... نجد الحب الشّقي يضجر من انعدام الرؤيا المستقبلية لدى الفتاة، فيصرف النظر عنها، لأن طبيعة الحب الشقيّة، تكره الوحدة والتوحّد، دائمًا يبحث عن الواقعية.

هيّا أيها الشّقي الصغير، الذي لا يهدأ أبدًا، لا تَدَع أية فتاة خارج نطاق سيطرتك، لا تترك أي شاب بعيدًا عن سقف توقّعاتك لهُ بالنّجاح في الحب... لا تَدَع أحدًا يفرض عليك عزلةً قصريّة في منزل الاكتئاب، هاجم طيش الفتيات المعزول عن يوميّاتهن... حطّم أصنام مبادئهن التي يعبدونها، قُم واقتحم أسوارَ مبادئهن الوهميّة بمعظمها!، قُم وصوّب نظرات الشّبان التّائهة والخائفة نحو لوحة النّصيب المنسيّة، لامس رغبات الفتيات الدّفينة، حتّى يتلمسّن أنوثتهن، كي يعترفن بوجودك يومًا ما. وأتحدّى أي شخص يستطيع كتمَ دويِّ صوتِكَ!