[x] اغلاق
كفى تلاعباً بأعصاب المواطن العربي وكفاه خيبات أمل
10/8/2017 7:19

كفى تلاعباً بأعصاب المواطن العربي وكفاه خيبات أمل

الإعلامي أحمد حازم

المكان الذي يجتمع فيه نواب الشعب في أي دولة عربية أو أجنبية، يحمل اسم "برلمان"، وإسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تستخدم هذا الإسم أو مصطلح آخر مرادف لذلك. فهي تستخدم  منذ مطلع عام 1949 اسم " كنيست" الذي يعني مكان اجتماع لليهود، وهو اصطلاح صهيوني واستمرار لتقليد يهودي قديم يعود إلى أكثر من ألفي عام، لمحاولة ترسيخ وجود اليهود في فلسطين. ولذلك فإن كافة الانتخابات السابقة التي جرت في إسرائيل منذ تأسيسها، لم يتم فيها استخدام مصطلح انتخابات برلمانية، بل وفقط "انتخابات الكنيست" المرتبط دينيا باليهود. وبما أن العرب في إسرائيل هم أقلية وجزء من نسيج المجتمع الإسرائيلي، فإنهم أيضا (مجبرون) على استخدام مصطلح "كنيست".

كافة القادة والمسؤولين في إسرائيل، يعرفون أن الأقلية العربية تعاني من تمييز مجحف بحقها في هذه الدولة، التي شاء القدر وشاءت السياسة أيضا، أن يكون الفلسطينيون نسبة قليلة فيها، وأن يحملوا في وطنهم اسم "عرب إسرائيل". ويبدو أن الإجحاف اللاحق بــ "عرب إسرائيل" من جانب السلطات الرسمية، جعلهم يندفعون وراء القائمة العربية المشتركة التي وافقت الأحزاب العربية الرئيسية على تشكيلها وكل حسب قوته في المجتمع العربي. صحيح أن لجنة  حملت اسم " لجنة الوفاق"  هي التي كانت وراء "ولادة "هذه القائمة، وصحيح أن التركيبة لم تكن عادلة أو منصفة، لأنها نظرت بعين العطف إلى من لا يستحق، وأهملت من يستحق، لكنها بشكل عام استطاعت أن تجمع الأحزاب الرئيسية في قائمة واحدة بعد أن عجزت هذه الأحزاب عن توحيد نفسها طيلة عشرات السنوات.

 ويبدو أن العرب مكتوب عليهم أن يختلفوا دائماً، وأن يحاولوا التهرب من الإلتزام (وأقصد هنا البعض منهم) بسبب التمسك بمقعد في الكنيست، وأن هذا البعض يحاول بطريقة أو بأخرى، المناورة  للإحتفاظ بالمقعد الذي ليس من حقه. وهذا أمر مرفوض من ناحية أخلاقية وسياسية حسب بنود الاتفاق.

 ان قرار الأحزاب العربية خوض الإنتخابات موحدين في قائمة مشتركة، لم يأت نتيجة قناعة أساسية مبدئية بــ "توحيد الصف العربي" إنما أتى نتيجة ضغط إسرائيلي أجبرهم على "الوحدة" بسبب رفع نسية الحسم، لأن الأحزاب المشاركة في القائمة، من الصعب عليها اجتياز نسبة الحسم هذه، لذلك لم يكن أمام هذه الأحزاب سوى خيارين: فإما المجازفة بتشكيل قوائم منفردة ونسبة نجاحها ضئيلة، وإما التحالف في قائمة مشتركة تضمن النجاح للأحزاب المشاركة فيها. ظاهرياً، تبدو القائمة المشتركة وكأنها تعبير عن وحدة المجتمع العربي، حتى وإن كانت في حقيقة الأمر غير ذلك، لكنها تعبر عن أمر مهم، وهو أن الارادة عندما تتوفر يكون هناك إنجاز.

وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإن الحديث الدائر الآن في المجتمع العربي يتمركز حول  الخلاف  بين بعض مركبات القائمة العربية المشتركة فيما يتعلق بقضية الإلتزام بالتناوب بين مركبات القائمة والذي أقرته لجنة الوفاق. فهناك من التزم بالتناوب وهناك من يحاول التهرب من الالتزام بحجة أو بحجج واهية. والحقيقة أن موضوع التناوب هو خطأ من عدة أخطاء ارتكبتها لجنة الوفاق منذ البداية.

كم كنت أتمنى لو أن الخلاف الدائر بين بعض مركبات القائمة المشتركة أن يكون خلافاً حول كيفية العمل الجاد لخدمة الفلسطينيين الذين بقوا في أرضهم بعد قيام دولة إسرائيل، والذين  يشكلون عشرين بالمائة من سكان الدولة، وكنت أتمنى من الذين يعرقلون وحدة القائمة المشتركة أن يكونوا على قدر المسؤولية تجاه أبناء جلدتهم الذين لا تتوفر لهم الحقوق التامة والكاملة كمواطنين، بدلاً من المراوغة لكسب مقعد في الكنيست.

ان على مركبات القائمة المشتركة التزامات وواجبات كثيرة تجاه الناخب العربي، الذي لا يجوز أبدا أن يصاب بخيبة أمل، فكفى تلاعباً بأعصابه وكفىاه خيبات الأمل التي عاشها خلال السنوات الماضية،