[x] اغلاق
المصداقية شعاري في الصحافة والسلوك ولا أخشى في قول الحق لومة لائم
23/8/2017 12:51

المصداقية شعاري في الصحافة والسلوك ولا أخشى في قول الحق لومة لائم

الإعلامي أحمد حازم

المقال الأخير الذي نشرته الأسبوع الماضي (18/8)  بعنوان " ثلاثون عاماً على استشهاد ضمير فلسطين الراحل ناجي العلي والإعلام الفلسطيني الرسمي تجاهل كل ذكرى اغتياله" أحدث ردود فعل متباينة لدى القراء ولدى بعض الزملاء. فمنهم من رأى فيه تعبيراً عن واقع فلسطيني مرير وعن محاولات تستهدف القلم الحر والرأي الجريء، ومنهم من رأى فيه هجوماً على القيادة الفلسطينية وعلى مسؤولين فلسطينيين.

فقد اتصل بي أحدهم معاتباً بالقول: " يا صديقي لا تقحم نفسك في  مشاكل أنت بغنى عنها". وقال لي آخر :" لا تلعب بالنار يا أحمد" وطلب مني أن لا أتجاوز الخط الأحمر " حرصاً على سلامتي" حسب قوله. لكن آخرين شجعوني على المضي في نهجي لأن الصحفي صاحب الضمير الحي يجب أن يكون في منتهى الصراحة مع القراء وأن يعمل على إظهار الحقائق وليس على طمسها أو تزويرها كما يفعل كل الذين "يلعقون من بقايا صحن السلطان".

والذين ينصحوني بعدم زج نفسي بالتهلكة وأن لا ألعب بالنار، أقول لهم ان المؤمن بالله يعرف أن الأعمار بيد رب العالمين، وأن المنية تأتي للإنسان حتى لو كان في أبراج مشيدة. وبما أني أومن بذلك فإني لا أخشى في الحق  لومة لائم.  والذين شجعوني على الإستمرار في قول الحق والكشف عن ممارسات أولئك الذين يرضون بالإذلال لصاحب السلطة، أقول لهم اني تربيت على هذا النهج عائلياً وسياسياً وإعلامياً، ولن أحيد عنه قيد أنملة ما دمت قادراً على الكتابة  والخطابة والنقاش. عندما أتذكر قول الراحل ناجي العلي عندما هددوه بحرق أصابعه في الأسيد : "يا عمي لو قطعوا أصابع يدي سأرسم بأصابع رجلي"  أقول له أنا ماض على نهجك أيها الصديق الراحل أبو خالد.

المصيبة الكبرى للشعب الفلسطيني هي في قيادته. فقد ابتلي هذا الشعب بقيادة تتميز بكافة الصفات السيئة سياسياً وأخلاقياً واقتصادياً ومعاملة، مع احترامي لقليل جداً من هذه القيادة والذين أبت ضمائرهم  الإنزلاق في طرق الفساد، ولذلك لا صوت لهم، لأن صوت الفساد في السلطة الفلسطينية وللأسف يعلو فوق كل صوت، والتجارب عديدة.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يحلو له دائماً  مخاطبته بــ "سيادة الرئيس"  وليس "أخ أبو مازن" أي بعكس الراحل ياسر عرفات الذي كان يفضل مخاطبته بــ "أخ أبو عمار" بمعنى أن عباس بنشرح صدره ويرى في نفسه "صاحب فخامة"  بمخاطبته "سيادة الرئيس" لأن استخدام صياغة "ابو مازن"  لا تكفيه  ويرى فيها انتقاصاً  كرجل يحمل  الرقم واحد في السلطة الفلسطينية، وهذه هي عقدة  بحد ذاتها.

وأنا لا أريد استخدام أيا من الصفتين، فهو في نظري فقط محمود عباس، ولن أتحدث عنه سوى باسمه، لأني ليس من المتملقين الذين يبتغون جاهاً أو مالاً، ولكني من أولئك الناس الذين يقولون الحق ولو "على قطع الرأس" وليس من أولئك الذي يتخذون من التدليس الصحفي والنفاق وسيلة لكسب ود "السلطان" والتصفيق له مهما قال  والإعجاب بكل صوت يخرج منه حتى لو كان يخرج من غير فمه.

المشكلة، هي أن نظام السلطة الفلسطينية شأنه شأن أي نظام عربي فلسد. ومحمود عباس لديه زمرة لا شغل لديها سوى التهليل والتكبير له مقابل امتيازات مالية ومقابل الاحتفاظ بالمنصب، ومن يخرج عن طوع الحاكم فمصيره الهلاك، بمعنى أن كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية إن كان على صعيد الوزراء أو المدراء العامين أو النواب أو حتى الموظفين الصغار، ليس من حقهم  انتقاد محمود عباس ومن يفعل ذلك فالتهمة جاهزة له.

منذ استلام عباس السلطة الفلسطينية لم أتقدم بطلب لمقابلته لأني غير معني بذلك، وحتى عندما تمك انتخابي رئيسا لجمعية الصحفيين العرب في إسرائيل. وعندما استقبل عباس مجموعة من الأشخاص من الداخل الفلسطبني وأطلقوا على هذه المجموعة " وفد من صحفيي الداخل" رغم أن معظمهم لا علاقة له بالصحافة ما عدا قلة قليلة منهم، اعتذرت عن الذهاب رغم أن أكثر من شخصية مقربة من عباس  طلبت مني المشاركة لكني أصريت على موقفي. وقد تصاعد الخلاف بينتي وبين مسؤولين مقربين من عباس عندما كتبت مقالاً في ربيع هذا العام انتقدت فيه عباس وبشدة لأنه أخذ الكويتية أحلام بالأحضان ومدح برنانج "أراب أيدول" وأعاره اهتماما لا مبرر له.

أرادوا لي أن أسكت وأن أغض الطرف عن كل الممارسات السلبية للسلطة الفلسطينية ورئيسها ومسؤوليها، وأرادوا لي أن أكون مع القيادة وليس مع الشعب وأن أكتب فقط عما يريح قيادة رام الله وليس التعبير عن إحساس شعب. ورغم أن الرأس له أربع حركات (إلى اليمين واليسار وإلى فوق وتحت") إلا أنهم أرادو لي أن أستخدم حركة واحدة فقط أي إلى تحت بمعنى طأطأة الرأس بـ "نعم" لكل ما يفعله الرئيس، لكن رأسي لن ينحني سوى للحق وفقط للحق.