[x] اغلاق
عندما يكذب رئيس المجلس المحلي على مواطنيه فماذا بعد؟؟
6/9/2017 7:30

عندما يكذب رئيس المجلس المحلي

على مواطنيه فماذا بعد؟؟

الإعلامي أحمد حازم

تعنبر بلدية العاصمة الألمانية برلين التي يناهز عدد سكانها الخمسة ملايين نسمة من مختلف الأديان والأجناس بما فيهم العرب، كبرى بلديات الاتحاد الأوروبي. وتتكون برلين من إثنتي عشر منطقة وفي كل منها بناية كبيرة مخصصة لمجلس محلي، فيه مئات الموظفين لخدمة المواطنين بشكل خاص، ولا سيما نظافة المنطقة. وعلى فكرة لا يجوز لأي رئيس مجلس محلي وحتى لأي رئيس بلدية، أن يتغيب عن عمله إلا بإذن من وزارة الداخلية.

لكن ما يجري عندنا في غالبية المجالس المحلية في المجتمع العربي هو العكس تماماً، علماً بأن رؤساء البلديات العربية يتعرضون أيضا لانتقادات من المواطنين بسبب سوء الإدارة والتقصير في عملهم والمحسوبيات المتفشية. وما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع ما سمعته عن سلوكيات رئيس مجلس محلي في بلدة جليلية.

 وقد قمت مؤخراً بزيارة لهذه البلدة، بعد أن رتبت موعداً مع رئيس مجلسها من أجل الإطلاع على شؤون البلدة، خصوصاً واني سمعت الكثير من الإنتقادات لممارسات الرئيس، وسمعت عن  تذمر مواطني البلدة من رئيسهم. ومن بين الأشياء التي سمععتها، أن الرئيس دائماً على سفر مثل " ابن بطوطة" أي أنه يقضي معظم وقته خارج عمله، وبما أني التزم الإنصاف وأتوخى الحقيقة في تقييمي للمسؤول، فضلت أن أسمع رأي الرئيس فيما يقال عنه وعن ممارساته.

جلست مع الرئيس في بيته، وبحثت معه ما يقال عنه في بلدته من إهمال متعمد بحق المواطنين والبلدة بشكل عام. وكعادة المسؤولين نفي الرئيس كل ما يقال عنه.  ولم يكن بوسعي سوى تصديقه حتى يتسنى لي سماع رأي المعارضة وما يقوله مواطنون عنه.  ولذلك قررت زيارة البلدة مجدداً وسماع أصوات بعض المواطنين والإلتقاء مرة أخرى بالرئيس لإطلاعه على نتائج لقاءاتي مع مواطنين من البلدة.

اتصلت برئيس المجلس المحلي وأخبرته بأني سأزور البلدة بعد يومين ومن الضرورة أن نلتقي. وقال لي انه سيتصل بي في اليوم التالي وسيحدد موعداً للقائي أثناء وجودي في البلدة. لكنه لم يفعل ذلك أبداً وهذا أول إثبات على إهماله. ومن وجهة نظري انه كاذب لأنه وعد ولم يف بوعده، حتى أنه لم يعتذر وضرب الأمر بعرض الحائط. ورغم ذلك ذهبت إلى البلدة. وأول شيء لمسته هو بالفعل الرائحة الكريهة التي تنبعث من البلدة ووجود نفايات على الطرق.

وقد أخبرني مواطن بأن البلدة لا يوجد فيها "مزبلة"، وأصحاب المحلات ولا سيما محلات اللحوم الذين يقومون بذبح مواشيهم مضطرون لدفن العظام وأشياء أخرى في أرض بالقرب من البلدة ثم يطمرونها بالتراب. حى أن أحد أصحاب الملاحم عرض على رئيس المجلس استعداده لإقامة "مزبلة" على نفقته الخاصة مقابل أن يقدم رئيس المجلس قطعة الأرض، لكنه رفض العرض. وأخبرني مواطن آخر، بأن الرئيس يتعامل مع بعض المقربين منه من أصحاب المصالح بطريقة تختلف عن الآخرين من أصحاب المصالح وأورد لي أمثلة وحقائق تؤكد صحة قوله.

وانطلاقاً من إصراري على لقاء جديد مع رئيس المجلس المحلي، إلاّ اني لم أنجح في ذلك رغم اني اتصلت به عدة مرات ولم يكلف نفسه بالعودة لي رغم انه كان من الواجب عليه أخلاقياً الإتصال بي . وقد أخبرني مواطن من البلدة أن الرئيس يسافر ويعود كما يشاء دون حسيب أو رقيب ضارباً بعرض الحائط القانون الذي يجبره على إبلاغ السلطات العليا في حال سفره. وإذا كان هذا الرئيس  يفعل ذلك دون الإهتمام بالقانون فهذه مصيبة، وإذا كان يفعل ذلك بمعرفة السلطات الرسمية فالمصيبة أكبر وأكبر.

بقي علي القول إن كل راع مسؤول عن رعيته وواجب رئيس المجلس يحتم علبه الإهتمام بمواطنيه والسهر على مصالحهم ومتابعة همومهم. والرئيس الذي لا يلتزم بوعوده ويتنصل منها عمداً، هو رئيس لا يحترم نفسه ولا يحترم كلمته، بمعنى أنه كاذب،  والكذب من المحرمات في الأديان الثلاثة، إلا إذا كان الرئيس لا ينتمي فعلياً إلى أحد هذه الأديان، بل نظرياً فقط.