[x] اغلاق
اليمين يُقيم العدل
25/9/2017 7:25

اليمين يُقيم العدل

 جدعون ليفي ترجمة: أمين خير الدين

     ربّما اليمين لا غيره سيقيم العدل الحقيقي، المُنْصف؛ ربما هو يأتي بالحل الممكن والوحيد المتبقي. بعد أن أثبت أنه الوحيد القادر على إخلاء المستوطنات – أيّ سياسيّ من غير اليمين لا يمكنه أن يُخلي مستوطنات – ربما تأتي المرحلة المقبلة ويثبت اليمين أنه هو القادر فقط، حتى لو لم يكن يقصد ذلك. سيكون ذلك من سخريات القدر المتتالية: ليس من اجل الحلّ، لكنّه يأتي بالحلّ. مَنْ أصرَ أن لا يعيد للفلسطينيين 22% من بلادهم، يعطيهم (ويعطينا) البلاد كلّها، متكافئة وعادلة، يقدّمها على طبق من ذهب لشعبين. من البديهي أن الطريق طويلة، وحتى بدايتها لا تلوح في الأفق، لكن خطاب المهزوم واليائس الذي ألقاه محمود عبّاس أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة أثبت أنه ثمّة أمل وأن هذا هو الاتجاه.

     تكلّم أبو مازن عن دولة واحدة كحلّ مُمْكن وعن حقوق متساوية لكل سكان فلسطين التاريخيّة. وعلى ما يُذْكَر أنه لم يصرح علنا وبشكل واضح هكذا أبدا. لأنه مقيّد بمسيرته التاريخية وبالمؤسّسة التي يترأسها، لم يتخلَّ نهائيّا عن حل الدولتين لشعبين، لكنه يدرك، ككل سياسي مُلمّ بالواقع، أن حلّ الدولتين قد لفظ أنفاسه، وعدم الإعلان عن وفاته ناتج عن تأخير فقط.  بعض الأوروبيين وربّما الأمريكيين يعرفون ذلك ولا يجرؤون على الاعتراف بذلك. لقد لمّح دونالد ترامب بذلك، وعلى ما يبدو دون أن ينتبه لما يقول.

   التخلّي عن حلّ الدولتين إعادة مصيرية جديدة، ليس من السهل القيام بها. ولكن عندما يقرر عبّاس وغيره اجتياز النهر في النهاية، قد يشبّ حريق في حقل من الأشواك قد ينتشر بسرعة غريبة. 

 عندما يتخلّى الفلسطينيّون عن حلّ "دولتَيْن لشعبَين" وينتقلون إلى "رجل واحد، صوت واحد"، لا يُمْكِن للعالم أن يبقى غير مُبالٍ. يبدأ ذلك بالفلسطينيين الذين حسب  آخر استطلاع يشير إلى أنّ 57% منهم لا يؤمنون بحلّ الدولتين، عندئذ ينتقل إلى العرب داخل إسرائيل، حيث أن قسما كبيرا منهم لا زال يتمسّك بحلّ الدولتين، باستثناء تنظيم بلد، وعندئذ تُعْلن البُشْرى للعالم، بسيطة، مفهومة، عادلة، ومعروفة من كفاح تاريخي آخر: " شخص واحد، صوت واحد" عندئذ مَنْ يمكنه أن يعترض؟ وماذا يمكن لإسرائيل أن تقول عن نفسها؟ يهوديّة – ديمقراطيّة؟ أين؟ أبرتهايد عادل؟.

      هذا التحوّل يُبدّد الضباب والبلبلة عن التقسيم التعسّفي والمرفوض الذي قادته إسرائيل  بين "عربي إسرائيلي" و "فلسطيني"، وأحيانا بين أبناء العائلة الواحدة؛ بين سكان القدس الشرقيّة وسكان الضفة الغربيّة، بين سكان الضفّة الغربيّة وسكان قطاع غزّة؛ هذا التحوّل سيوحّد الشعب الذي قسّمته إسرائيل عن لؤم من جديد. وسيلغي أيضا البلبلة حول التعريف المصطنع بين الديمقراطيّة الوحيدة مع قاضٍ في محكمة العدل العليا ومع ثالث قائمة من حيث الكبر في الكنيست وبين الحرمان من حقوق المواطنة لأغلبية أبناء هذا الشعب. الشعب الذي يعيش تحت سلطة نفس الدولة، وفي نفس البلاد.سيلغي هذا التحوّل كل تفرقة وكل امتياز، بدءا من قانون العودة وحتى حقّ العودة، وهل سيكون هناك ديمقراطي يجرؤ على الاعتراض؟

      لا يستطيع اليسار فعل ذلك، لأنه مكبّل بشعارات الماضي، دولتان، وحتى لم يكن معظمه يريد الدولتين أبدا. اليمين الذي كثيرا ما يتحدّث عن ضمّ ألأرض ويدّعي أنه ليس هناك احتلال، يقترب بخطوات حثيثة نحو الدولة الواحدة. هو لا يقصد الديمقراطية أو المساواة في الحقوق، هذه أمور لا تعنيه، ولكن عندما يجرؤ اليمين على الإعلان عن دولة واحدة، سيتجرأ العالم على إعلان الحرب على نظامها، ضد نظام دولة فصل عنصري جديدة تُقام في القرن أل-21. وإلاّ أي خيار  آخر يكون أمام العالم مقابل أبرتهايد  مُعْلَن؟ سيكون نضالا حازما أكثر من النضال الأجوف ضد إقامة بؤرة استيطانيُة مع توسّعها "غير القانوني" لمنطرة  رحبعام  ج .

  بصلال  سموتريتص العنصري يعمل اليوم من أجل العدالة أكثر من آبي غبّاي. نفتالي بينيت وأييلت شكيد  العنصريّان  يعملان أكثر بكثير من يئير لبيد وحتى أكثر من داعية السلام زهافا غلؤون،. اليمين يستحثّ الحلّ الوحيد، يجب أن نتمنى له النجاح.

24.9.2017