[x] اغلاق
مناسبة يوم السكري العالمي
12/11/2009 11:36

• بروفسور موطي رَڤيد:
- "لا يقدر الجهاز الصحي بمفرده على مواجهة اتّساع أبعاد وباء السكري. أتوقع أن نشهد نقصا ملموسا في وسائل العلاج وفي توافر الخدمات الطبية"
- "يزداد عدد الأطفال البدينين الذين يصابون بالسكري من النوع 2. لقد حكم إهمال الوالدَين وجهاز التعليم عليهم بأن يكونوا مرضى طوال حيواتهم"

• بروفسور إيتَمار راز: "تشكل الأدوية الدارجة في الوقت الحالي سيفًا ذا حدَّين – فهي تخفض مستوى السكر من ناحية، لكنها تؤدي من الناحية الأخرى إلى السمنة وانخفاض السكر في الدم".

في المؤتمر الصحافي الذي عقدته الجمعية الإسرائيلية للسكري بمناسبة يوم السكري العالمي الذي يحل في 14 تشرين الثاني، التقى كبار الاختصاصيين بطب السكري للبحث في سبل تعميق الوعي عن مرض السكري، الذي عُرّف كوباء، بل أُطلق عليه اسم وباء القرن الواحد والعشرين، وعن أهمية علاجه في مراحله الأولى.
توقف الأطباء بتوسع عند مجموعة الأدوية من الجيل الجديد (GLP1) المعدة لمعالجة المرض وموازنته في مراحله الأولى، وطرحوا للبحث أمر العلاقة المباشرة بين السمنة ومرض السكري.
نورد فيما يلي ملخصا لما جاء على لسان الاختصاصيين في المؤتمر الصحافي:

خلفية ومعطيات عن مرض السكري
المرض الوحيد الذي عرفته الأمم المتحدة وباءً (باستثناء مرض نقص المناعة – الإيدز)، هو مرض السكري، الذي بلغ أبعادًا تهدد سكان الكرة الأرضية، فضلا عن التهديد الذي يوجهه إلى الاقتصاد العالمي.
بمناسبة يوم السكري العالمي الموافق في 14 تشرين الثاني، نستعرض فيما يلي بعض المعطيات المثيرة للقلق عن المرض:
 يمكن تسمية السكري "القاتل الهادئ" الحديث الذي ينجح كل 10 ثوانٍ في القضاء على مريض واحد وتكتشَف إصابة مريضين اثنين بدائه. يلقى كل سنة 4 ملايين شخص حتفهم بسبب السكري وتعقيداته. من المتوقع أن تزداد هذه الوتيرة بنسبة 25% إضافية إذا لم نفعل شيئًا لإيقاف الوباء.
 أكثر من 240 مليون شخص مصابون بمرض السكري في العالم.
 يزداد عدد مرضى السكري كل عام بواقع 7 ملايين شخص إضافي.
 في إسرائيل نحو مليون مريض: كل واحد من بين سبعة إسرائيليين يعاني من السكري أو من حالات تسبق السكري!
 يجري كل عام ما يزيد عن مليون عملية قطع للأقدام.
 السكري هو المسبِّب الرئيسي في العالم للإصابة بالعمى.
 السكري هو المسبب الرئيسي لحدوث الفشل الكُلوي وغسل الكلى.
 احتمال إصابة مرضى السكري بمرض القلب والأوعية الدموية يزيد عن سواهم بمعدل ضعفين إلى أربعة.      

البروفسور موطي رڤيد - رئيس الجمعية الإسرائيلية للسكري ومدير مستشفى مَعْيَنيه يِشوعا:
"من ضمن مئات الأمراض التي تواجهنا، ثمّة مرض واحد فقط "يلتهم" أكثر من ربع النفقات الوطنية التي يتم رصدها على الصحة في كافة الدول المتقدمة. إذا لم ننجح في وضع حد لظاهرة التصاعد المتتابع في الإصابة بالسكري، فإننا مقبلون على نقص متزايد في وسائل العلاج، وتقهقر في جودة الخدمات الطبية وتوافرها، وسوف يتعذّر علينا اللحاق بالاحتياجات التي تزداد يوما بعد يوم".
ينسب بروفسور رَڤيد تفشي الوباء إلى العيش في مجتمع الرخاء: "يحيا سكان العالم الغربي كله، كما وسكان إسرائيل، في ظل ميزان تغذية إيجابي، أي أنهم يأكلون أكثر مما يخرجون. وتنضم الفئات العشرية العليا في الدول النامية إلى هذا المهرجان الغذائي. هناك وفرة في الأطعمة والمحفّزات الدائمة التي تثيرها الدعايات المباشرة وغير المباشرة، وأطر التسلية التي يستحوذ فيها الأكل على نصيب متصاعد، والميل إلى اعتبار الأكل الجيد انعكاسا للحياة الجيدة، والأثر الذي يخلّفه وعد الأم لطفلها الصغير بمنحه الحلوى أو الطبق اللذيذ إذا استمع لكلامها – كل ذلك يثبّت مكانة الطعام، لا كحاجة فقط، بل بالدرجة الأولى، كتعبير عن النجاح أو المتعة. يؤدي هذا الاتجاه في أيامنا هذه إلى أن يكون ما يزيد عن نصف سكان البلاد مصابين بالسمنة المفرطة، وأن يكون نحو ثلث هذا العدد أشخاصًا بدينين بكل معنى الكلمة.
يلخص بروفسور رَڤيد حديثه بقوله: "إنها مهمة وطنية لا يستطيع الجهاز الصحي تحملها بمفرده. لكي نتمكن من تربية أجيال معافاة من الأطفال والشبائب، يجب أن نضع خطة متفق عليها يشارك في تطبيقها جهاز التعليم، بدءًا بالحضانة وحتى انتهاء الدراسة الثانوية، والجهاز الصحي، ووزارة التجارة والصناعة، والمجالس المحلية، والجيش، والعاملون في صناعة الغذاء بأنواعه، وأخيرا، وهي أهمها، وسائل الإعلام".

عن علاج السكري- الصعوبات وسبل العلاج الجديدة

البرفسور إيتمار راز مدير المجلس الوطني للسكري ومدير قسم السكري في مستشفى هداسا عين كرم في القدس. تحدث البروفسور راز عن المشكلة المركزية التي تقف في وجه المجتمع الطبي في الوقت الحالي فيما يتعلق بالعلاج الذي يقدمه لمشكلة السكري، فقال: "أكثر من 50% من المرضى لا يبلغون مستويات الموازنة. لا يفلح العلاج القائم في إيقاف تدهور السكري، فمعظم وسائل العلاج القائمة تسبب ارتفاعا في الوزن لفترة طويلة، وهي عاجزة عن وضع حد للارتفاع في ضغط الدم والوفيات الناجمة عن أمراض القلب"، ويضيف: "تشكل الأدوية الدارجة في الوقت الحالي سيفًا ذا حدَّين – فهي تخفض مستوى السكر من ناحية، لكنها تؤدي من الناحية الأخرى إلى السمنة وانخفاض السكر في الدم، أي أننا أمام حلقة مغلقة وغير فعالة لعلاج المرض. يكمن السبب لذلك في الصعوبة الأساسية التي تواجه الدواء الخارجي/العلاج الخارجي في محاكاة طريقة عمل البنكرياس وقدرته الذاتية على الرصد". مع ذلك، فقد أشار البروفسور راز إلى وجود بشرى سارة بفضل "التقدم العلمي الذي يحمل إلينا معه جيلا جديدا من الأدوية، ومنها على وجه الخصوص الهرمون GLP1 الذي "يصل" إلى البنكرياس ويجعله ينتج ويفرز كمية أكبر من الإنسولين. يمتاز الهرمون 1GLP بتأثيره المباشر على عدد كبير من الأجهزة الوظائفية التي يحويها جسم الإنسان، وهو ذو تأثير على عدد كبير من الأنظمة. الدواء بييطه (Byetta) المتوفر في السوق يعمل على أساس الآلية، لكنه يجعل الجسم ينتج مضادات له كونه مصنوعا من لُعاب سحلية، أي من جسم خارجي. وفي النتيجة، يلغى مفعول الدواء، علمًا أن الدور الذي يلعبه في تخفيض الأعراض الجانبية، كضغط الدم، ليس إلا دورا طفيفا جدا، فضلا عن وجوب تناوله مرتين في اليوم. أما الدواء ڤيكتوزا (Victoza) فهو نسخة مطابقة للهرمون المتكوّن في جسم الإنسان (الدواء مصنوع بطرق الهندسة الجينية)، زد على ذلك، فإنه يحقَن مرة واحدة في اليوم فقط وفي أي ساعة يختارها المريض، إذ يبلغ مدى فعاليته 24 ساعة".            

المزيد عن GLP-1
ينتمي هرمون GLP-1 لعائلة المفرزات الصماوية Incretins. تفرزه الأمعاء بشكل طبيعي كرد على وجود الغذاء فيها (بعد تناول الطعام). يعمل هذا الهرمون في عدد من الأجهزة محدثًا موازنة في السكر، وإبطاءً لوتيرة استيعاب الغذاء وتقليصًا للإحساس بالجوع، وهو يخفض الوزن والدهنيات وضغط الدم الزائد، التي تعتبر كلها عوامل خطر معروفة تؤدي للإصابة بالأمراض القلبية والأوعية الدموية. آلية عمل GLP-1 الفريدة من نوعها تقدم لنا حلا لم يكن متوفرا لمرضى السكري من نوع 2، علما أن العلاجات السابقة كانت مصحوبة بخطر كبير لحدوث انخفاض بالسكر في الدم، وارتفاع بالوزن، وارتفاع بمستويات السكر بعد تناول الطعام، وفقدان فاعلية العلاج لفترة طويلة. تبيّن البحوث التي أجريت على أكثر من 6,500 مريض بالسكري من نوع 2 أن للڤيكتوزا تأثيرا كبيرا على تخفيض مستوى السكر في الدم وتخفيف الوزن، مقابل الخطر الطفيف لحدوث انخفاض بالسكر في الدم".        

السكري ووباء السمنة

د. درور ديكار مدير قسم الأمراض الداخلية وعيادة السمنة في مستشفى هَشَرون. تحدث الدكتور ديكار عن العلاقة المباشرة والمثيرة للقلق بين السمنة وخطر الإصابة بالسكري وتحفيز تقدّمه.

تبيّن التحليلات التي عرضها د. ديكار في المؤتمر الصحافي النتائج التالية:
 يعود السبب لنحو 90% من حالات السكري من نوع 2 في الدول المتقدمة إلى الزيادة في الوزن.
 كافة النساء اللواتي يزيد مؤشر كتلة الجسم (BMI) لديهن عن 35، سوف يصبن بالسكري.
 تزيد السمنة مقاومة الإنسولين، ولذلك، تسرّع نمو السكري من نوع 2.
 ثلثا مرضى السكري من نوع 2 ذوو وزن زائد، ونحو ثلثهم بدينون.
 يلجأ مرضى السكري إلى تناول السعرات الحرارية خشية حدوث انخفاض بالسكر في دمهم، ما يؤدي إلى ازدياد وزنهم. 
 من المفارقات أن التحسّن في الميزان الأيضي، الناتج عن علاج السكري، يسفر عن خفض السعرات الحرارية وحدوث السمنة.

يقول د. ديكار: "ينعكس تقدم السكري من نوع 2 بالانخفاض الحاصل في أداء خلايا بيتا (التي تنتج الإنسولين في البنكرياس)، وبتدهور السيطرة على مستوى موازنة السكر في الدم. لا تزال هذه المشاكل مطروحة رغم وسائل العلاج الكثيرة المتوفرة كأدوية مكافحة السكري التي يتم تناولها بالفم. في واقع الأمر، من شأن العلاج المتوفر في الوقت الراهن أن يزيد خطر السمنة وانخفاض السكر في الدم. يساعدنا تطوير علاجات جديدة، كـ- GLP-1في مكافحة هذه الأخطار، وفي منح الأطباء الدواء المثالي المضاد للسكري". إن العلاقة بين السمنة ونشوء السكري من نوع 2، تلقي أمامنا تحديا كبيرا لإيجاد العلاج القادر على إعطاء حل فعال، مثبِّت للوزن، مريح وثابت. يثير GLP-1 إحساسا في الدماغ بالامتلاء الفائض، ما يؤدي إلى إفراغ المعدة شيئا فشيئا، ومن هنا يمنح شعورا بالشبع دون إحداث انخفاض بالسكر في الدم.  

انتشار السكري بين الشبائب والأطفال
- وقد أضاف بروفسور رَڤيد في هذا الموضوع قائلا: "إننا نغوص في أعماق الشره للطعام، ونقبر بأيدينا إمكانية استنفاد طول العمر المتزايد لو اعتمدنا نظام الحياة الصحي. وتجدر الإشارة إلى أنه، مع الزيادة في عدد المصابين بمرض السكري، ثمة انخفاض في سن المصابين بالمرض. هناك عدد متزايد من الشبائب المرضى بالسكري، وكلما كانت سن الإصابة مبكرة أكثر، يُتوقَّع أن تكون التعقيدات الناجمة مبكرة أكثر. علاوة على ذلك، فأننا نشهد عددا أكبر من الأولاد البدينين الذين ينشأ لديهم السكري من نوع 2. لقد حكم إهمال الوالدَين وجهاز التعليم عليهم بأن يكونوا مرضى طوال حيواتهم"