[x] اغلاق
السلوكيات التربوية في المجتمع العربي بحاجة إلى إصلاح جذري
1/11/2017 11:27

السلوكيات  التربوية في المجتمع العربي  بحاجة إلى إصلاح جذري

الإعلامي أحمد حازم

التعامل مع الغير هو ثقافة بحد ذاتها، وثقافة التعامل مع بعضنا البعض ومع  الجيران حتى ضمن إطار البيت، أي التعامل مع الأهل والأولاد وتعامل الرجل مع زوجته والأولاد مع آبائهم وأمهاتهم ومع بعضهم البعض،الثقافة تعكس بشكل عام الأخلاق التي يتمتع بها الشخص وتعكس أيضاً مدى استيعابه للطرف المقابل. والسلوكيات تربية، والتربية منذ الطفولة تصنع إنسانا صادقاً إذا كانت سليمة  وتصنع إنسانا مخادعاً إذا كانت غير سليمة.

قبل أسبوع  ذهبت إلى  مركز طبي لإجراء  صورة أشعة، وكان هناك أشخاص آخرون ينتظرون أيضاً  دورهم. وخلال وقت الإنتظار  جلست بجانبي إمرأة تصطحب طفلاً لا يتجاوز سنة الثالتة . كان السكون يخيم على جو الإنتظار وكل يفكر في حالته. وقد رأيت الطفل يقوم بحركات تدل على أنه بحاجة للذهاب إلى المرحاض، وكانت أمه منهمكة بـهاتفها وبالتحديد بــ "الواتس أب" وغير مهتمة بإبنها.  ولم يعد باستطاعة الطفل التحمل وطلب من أمه أن تأخذه إلى المرحاض، فقالت له وهي تواصل الكتابة عبر الواتس أب ولا تنظر إليه : "استنى شوي" لكن الطفل ألح عليها مجدداً بالقول :" يالله ماما". فأجابته: " خلص أسكت إذا بعد بتحكي بخلي الدكتور يغزك إبري". فسكت الطفل مرغماً خوفاً من إبرة الدكتور. وبعد دقائق قليلة،  بدأ الطفل يالبكاء فسألته أمه عن السبب لكنه لم يجب "لأنو عملها في البنطلون" وما كان عليه سوى البكاء.

تصوروا سلوكيات هذه لأم مع طفلها. فأي أم هذه  تفضل الواتس أب على حاجة طفلها. وليس هذا فحسب بل "هددته بإبرة الدكتور". أي أم هذه التي تترك طفلها  يبول في بنطلونه لأنها مشغولة في الواتس أب. ومن خلال سلوكيات هذه الأم مع طفلها نستطيع تقييمها تربوياً، وبمعنى أدق فإن الأم نفسها بحاجة  إلى تربية لتعرف كيف تربي.

حالة أخرى سمعتها من صديق عزيز يملك مطعماً توفاه الله قبل فترة زمنية قصيرة، ومعروف بصدقه وبمكانته الاجتماعية وبالتزامه  دينياً.  ولا أزال أفكر في هذه الحالة حتى هذا اليوم، لما تحمله من دلالات.  قال لي الصديق رحمه الله، انه تعرف على طبيب كان من رواد المطعم وقويت العلاقة بينهما. وذات يوم اتصل الطبيب بالصديق صاحب المطعم وطلب الجلوس معه بدون أي أحد آخر لأهمية الموضوع. والتقى الإثنان في المطعم. فقال له الطبيب بصوت ينم عن حسرة وخيبة أمل:" صار عندي مشكلة يا حاج بدي أحكيلك اياها لأنو ما في حدا أشكيلو همي غيرك". والمشكلة هي أن الطبيب عنده ابنه في العشرين من عمرها كانت في بعض الأحيان تأتي متأخرة إلى البيت بحجة أنها عند صديقتها. ونظراً لتكراًر قدوم الإبنة إلى البيت في وقت متأخر من الليل، اتصل الأب بصديقة ابنته ليسألها عنها. وهنا كانت المفاجأة. فأخبرته الصديقة انها لم تر ابنته منذ فترة. وفي تلك الليلة ظل الأب ينتظر ابنته حتى عادت إلى البيت فسألها مجددا عن سبب تأخرها، وكالعادة قالت انها كانت عند صديقتها، ولم يتحمل الأب ما سمعه من كذب، فضربها على وجهها يمنة ويسرة. وفي اليوم التالي تلقى الأب مكالمة هاتفية من مقر للشرطة للذهاب إلى هناك. وعندما وصل إلى مركز الشرطة عرف أن إبنته اشتكت عليه. واعترف الأب أنه ضربها وشرح للشرطي سبب ذلك. وأراد الشرطي تسوية الموضوع بسبب معرفته بالأب كونه طبيباً معروفاً لكن الإبنة رفضت ذلك ووضعت شرطاً للتسوية. وقالت للشرطي بكل وقاحة:" لازم أبوي يبوس رجلي لحتى أسامحو وما يعود يسألني وين كنتي". فوافق الأب مرغماً وانحنى أمام إبنته "وباس رجلها" فاستغرب الشرطي مما سمع وما  رأى وقال له: " والله يا دكتور أنا لو محلك برضى بالسجن وما بعمل هيك" فأجابه الطبيب بحسرة وألم" غلب وستيرة أحسن من غلب وفضيحة".