[x] اغلاق
الاستقالة لم تكُن محالة
9/11/2017 19:01

الاستقالة لم تكُن محالة

بقلم: مارون سامي عزّام

لا يمكن لإنسان له مركزه الاجتماعي المرموق، كالدكتور كميل عزّام... له مكانة أخلاقية سامية، أن يبقى في بيئة غريبة عن قِيَمِه وأصلِه، بيئة بشريّة يصعب التأقلم معها، ولا بأي حالٍ من الأحوال، بعدَ أن شَعَر أنّه استنفذ قوتّه التأثيريّة، داخل هيئة تشريعيّة محليّة، من المستحيل التعاطي معها بصورة تفكيريّة عاقلة، هذه الأجواء المركّبة والمشحونة، لم تعُد تحترم حَرم البلدية، لذلك وجد كميل من واجبه كشخصيّة عامّة مرموقة، أن يُقدّم لرئيس البلدية استقالته من عضويّة مجلس بلدية شفاعمرو.

الجميع فوجئ باستقالته، التي كان لها صدىً كبيرًا في شفاعمرو، لأنهم لم يتوقّعوها، لكن بعد أن سمع الشهادات المؤلمة من طاقَم معلّمي المدرسة التكنولوجيّة، خلال الجلسة الأخيرة، التي كان فيها النّقاش محتدمًا، لم يرتقِ إلى مستوى تبادل الآراء بهدوء، أي فقدت البلدية، حاسة استماع الآخر، هذا الأمر أثّر في نفسيّة الدكتور كثيرًا، ممّا دعاه إلى تقديم الاستقالة بشكل فوري، دون تردُّد.

لكن من جهة أخرى الجميع رحَّب، باستقالة الدكتور كميل، لأنهم يعرفونه كطبيبٍ للإنسانية، مُرهف الحس، ليس بمقدوره مداواة مشاكل ناخبيه الخدماتيّة، بصورة أفضل، وتشخيصها كما يجب، من داخل مستشفى بلدي، مديره يعتمد في علاجه على النّظريّات، لا على العلاجات، رؤساء أقسامه لا يملكون حتّى الأدوات العمليّة الضروريّة، لمعالجة مشاكل الجمهور المستعصية.

برأيي هذه الاستقالة، ستُعزّز من قاعدته الشعبية بين الجمهور الشّفاعمري، وأثبت لأهل بلده من خلال هذه الخطوة، أن مصلحة شفاعمرو، هي الأبقى، هي سياسته العُليا المعلنة على الملأ، لتنفيذ رؤيته المستقبليّة الواعدة من أجل دفع البلد نحو الازدهار، لم يسعَ أبدًا وراء مصلحته الشخصيّة، لأنها بنظر الدكتور كميل زائلة، لا تدوم، تتغيّر من شخصٍ لآخر، مع تغيُّر الظّروف السياسيّة.

إن هذا دليل قاطع على أنه يتمتّع ببُعد سياسي أشمل، رأى من خلاله أن سفينة البلدية، سترتطم بصخرة لامبالاتها، هكذا فقدت شرعيتها... تخلّت عن مصداقيتها، انعدم تمامًا إحساسها بهموم المواطن، حطّم الأعضاء حلقة الحوار الرّاقي التي لا بد أن تكون أساس التفاهم بين بعضهم البعض، لانعدام الثّقة بإدارة الرئيس، فمع استقالة الدكتور كميل، بدأ العد التنازلي لانتخابات البلديّة، لكنه سيظل سياسيًّا دبلوماسيًّا.