[x] اغلاق
دعونا نفكر بلغة المنطق والتحاور بشفافية
15/11/2017 9:58

دعونا نفكر بلغة المنطق والتحاور بشفافية

الإعلامي أحمد حازم

الإنتخابات للبلديات والمجالس المحلية هو حديث الساعة في المجتمع العربي، الذي لا يزال يعاني من أزمة قيادة سياسية حقيقية. وهناك من يرى أن أعضاء الكنيست العرب هم من يمثلون الجمهور العربي، وهناك من يعنقد بأن البلديات والمجالس المحلية هي الممثلة للموطنين العرب. لكن في الواقع   فإن المجتمع العربي على الصعيد العام تمثله لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية التي تعتبر المرجع الأساس للمواطنين العرب في البلاد، بمعنى ان رئيس هذه اللجنة هو من الناحية المنطقية الرجل الأول في المجتمع العربي. لكن في حقيقة الأمر فإن الواقع يقول عكس ذلك.

موضوع الترشيح لرئاسة البلديات والمجالس المحلية في المجتمع العربي مشكلة "عويصة" لآنها لا تعتمد على نظرية الرجل المناسب في المكان المناسب باستثناء حالات قليلة جداً إن وجدت. ومن غير المعقول ان ينجح رئيس بلدية او رئيس مجلس في عمله إذا لم يكن مؤهلاً لذلك، اي قادراً على إدارة البلدية أو المجلس المحلي. وهذه المشكلة لا يمكن حلها إلا بتغيير النمط التفكيري. فالعقلية السائدة في مجتمعنا العربي بشكل عام هي عقلية قبلية عشائرية ترفض المنطق وتهتم بالعائلية، ولا مانع لدى أصحاب هذه العقلية من استخدام لغة العنف والقوة، للوصول إلى الهدف والأمثلة كثيرة على ذلك.

ذات يوم دعاني صديق لي وهو رئيس مجلس محلي إلى الغداء للتداول في موضوع ترشيحه مجدداً لرئاسة المجلس. وقد سمعت منه كلاماً لا يتصوره العقل فيما يتعلق بالصفقات المتوفرة لرؤساء البلديات ورؤساء المجالس وأساليب هدر المال العام لأمور شخصية ومنافع ذاتية. وهذا لا يعني ان كل رئيس بلدية او كل رئيس مجلس يقوم بصفقات لأن "الدنيا إن خليت بليت". لكن ما عرفته من الصديق الرئيس أن عملية شراء الذمم أي شراء الأصوات  هي عملية سارية المفعول بشكل دائم، وكل انتخابات والمواطن بخير. 

وفيما يتعلق بلجنة المتابعة، فمن المفترض ان تكون مؤسسة قوية على كافة الأصعدة كونها تضم كافة الأطياف السياسية في البلاد، بمعنى ان يكون لها مكاتب تتكون من دوائر معينة تهتم بأمور المواطن العربي. لكن ما نراه ونلمسه هو عكس ذلك باستثناء مكتب يتيم لرئيس اللجنة تبرع بمحتواه أحد رجال الأعمال. والملاحظ ان رئيس لجنة المتابعة لا يداوم بشكل منتظم إلا في حالات الضرورة عندما يكون هناك اجتماع لمناقشة موضوع معين، أي ان مكتب المتابعة الذي يقع في طابق  يضم عددا من الغرف لا يوجد فيه سكرتيرة للرد على مكالمات المواطنين واستقبال المراجعين, فكيف يمكن ان تكون هناك لجنة متابعة تمثل حوالي  مليون ونصف المليون عربي داخل إسرائيل لا وجود فيها  لموظفين مسؤولين يمارسون مهام دراسة قضايا المواطن العربي.

يقولون أن الوضع المادي للمتابعة لا يسمح بتعيين موظفين وتوفير أقسام إدارية لهذه اللجنة. وأعتقد بأن هذا مجرد ادعاء والبرهان واضح تماما لسببين: اولهما ان هناك الكثير من المخلصين الذين يريدون معالجة قضايانا لديهم الرغبة في عمل تطوعي وأنا سمعت ذلك من بعض هؤلاء.  وثانيهما ان هناك الملايين من الشواقل التي تتلقاها مركبات لجنة المتابعة البرلمانية حيث بإمكانها تخصيص نسبة معينة من هذه المبالغ لإحياء لجنة المتابعة. ولو كانت هناك نية موجودة لدى مركبات المتابعة  لجعلها مؤسسة قوية لفعلوا ذلك لكن الإرادة غير متوفرة، وكل مركب في المتابعة يغني على ليلاه باستثناء عدد قليل من الأشخاص الذين يريدون بالفعل  النهوض باللجنة لكنهم يصطدمون بواقع مرير أي واقع المماطلة من بقية المركبات.

عندما فاز الصديق محمد بركة (أبو السعيد) في انتخابات رئاسة لجنة المتابعة على خصمه، (وكلنا يعرف كيف فاز) اعتقد البعض ان بركة "سينشل الزير من البير". وعندما زرته مهنئاً بفوزه سألته عما إذا كان لديه تصورات مستقبلية تتعلق بتطوير لجنة المتابعة فأجابني بأن لديه برنامج عمل موسع سيسعى لتحقيقه. فضحكت في داخلي لأني كنت واثقا من أن برنامج ابو السعيد لن يتحقق أبداً، ليس لأنه غير قادر على ذلك بل على العكس، فالصديق ابو السعيد لديه خبرة كافية لكن اليد الواحدة لا تصفق. وقد مضى على انتخاب رئاسة لجنة المتابعة فترة طويلة ولا يزال ابو السعيد يحلم في تحقيق برنامجه. وإذا كانت لجنة المتابعة موجودة بالإسم فقط، وفي أحسن الأحوال الدعوة لاجتماعات في مناسبات معينة وإصدار بيانات فهل نحن بحاجة إليها؟