الخطاب الاول (في كنيسة الكاثوليك(

أهلي الطيبين

نجتمع اليوم في هذا البيت المقدس في الكنيسة العريقة التي تعد شاهدا حاضرا لمجد شفاعمرو في ضيافة أهلٍ لنا ونعتبر أنفسنا في بيتنا إذ لم يمض أسبوعان على لقاء الأشقاء في عكا وإذا بنا نتوج كل مساعينا بزيارات أخوية تكشف وجه شفاعمرو الحقيقي ،هذا الوجه الذي لم تشبه شائبة رغم كل ما حدث.

انظروا حولكم تجدون المسجد بجوار الكنيسة والخلوة ، هل هناك من يظن أن هذا وليد صدفة ؟ لا وألف لا ، لقد علمنا التاريخ أن الوحدة تصنع المعجزات وشفاعمرو سطرت تاريخيا مجيدا على مر العصور فاحتلت مكانة عظيمة تم تدوينها في كتب عديدة منذ الفترة الكنعانية وحتى يومنا هذا ، لا أنكر أن الأحداث الأخيرة المؤسفة أثرت سلبا على المسيرة الحضارية لمدينتنا ولكن الأقوياء ينهضون بسرعة كطائر النار الذي ينهض مفعما بالحيوية منطلقا نحو الخلود ، شفاعمرو أيها السادة هي عنقاء الوسط العربي وعاموده الفقري ، ولولاها لضاع كماً هائلا من انجازاتنا الحية, بلدية شفاعمرو اتخذت موقعها منذ بداية الأزمة ورافقتها حتى استطاعت تبديدها ، وقد تم كل ذلك من خلال المواقف الوسطية ، التي تبنيناها من اجل جسر الهوات وبلوغ نقطة الالتقاء. إن النهج العملي الذي انتهجته البلدية من أجل إطفاء نار الفتة كانت له نتائج ايجابية ملموسة .

لقد انشغل الشفاعمريون بهموم الحياة وغفلوا عن مسائل مصيرية تتعلق بشبابنا حتى بلغنا ما بلغناه ، من هنا فإنني أعلن أمام الجميع أن الشباب سيوضعون في أعلى سلم اهتمامات البلدية وسنصلح كل ما غاب عنا والأيام كفيلة بإثبات صدق نوايانا، التي ستترجم إلى خطوات عملية في المستقبل القريب جدا. حيث سنخلق اطر شبابية هادفة ولن نغفل عن هموم أبنائنا ، وبالنسبة لموضوع التعويضات فكونوا على ثقة أن البلدية ستأخذ دورها على نحو يرضي الجميع .

إن ابرز ما يمز أدائنا في البلدية يتمثل بروح العمل الجماعي, فانا لا أخوض في مسألة دون شورى ، ولا أقوم بالمبادرات بمفردي فانا محاط بأشخاص كثر  همهم الوحيد رفعة ورقي شفاعمرو، وعندما ألمت بنا الأحداث الأخيرة وجدتهم إلى حانبي في كل محفل . وهذا إن دل على شيء فانه يدل على أن شفاعمرو بألف خير. واسمحوا لي في هذه المناسبة الطيبة أن أتوجه بالشكر الجزيل لأئمة الطائفة الإسلامية وقيادتها الحكيمة المسؤولة المحبة لبلدها فكانوا سندنا ومتنفسا، فرجالات شفاعمرو ليسوا صفحة من كتاب قرأتها فانطوت ، ولا كلمات قد قيلت وانتهت ، ولا لحظات قضيتها ومضت ، ولا مجرد أحاسيس أحسستها فمرت وتلاشت إنهم الأصل وبهم تتجلى عظمة هذه المدينة .

شفاعمرو أيها الأخوة مصنع للرجات وإنني مهما قلت وصرحت فلن أفي رجال شفاعمرو حقهم. لقد لمست كل ذلك من خلال تعامل قيادات شفاعمرو على اختلاف انتماءاتهم مع ألازمه ، لم أجد لديهم إلا العزم والعزيمة وجميعهم تعاملوا مع الأحداث بقدر كبير من المسؤولية. لقد لمسنا كلنا ذلك لدى القيادة المسيحية والقيادة الدرزية سواءا الدينية أو الاجتماعية.

شفاعمرو اسطوريا ايها الاخوة اسطورية في تكافلها ، اسطوريه في تسامحها ، اسطوريه في عزتها، اسطوريه في رجالها.

سألني احد الاصدقاء بعد الاحداث المؤسفة : أأنت متفائل بشأن مستقبل شفاعمرو ؟ فاجبته انني اكثر الناس تفائل لأنني أعرف أهلي ، أ‘رف مدى حصانتهم وصلابتهم وحبهم لبلدهم وأعرف انهم يزدادون قوة بعد كل أزمة وسوف ترى الشفاعمرين كيف يتجاوزون كل الصعاب.

لقد راهن البعض على سقوط شفاعمرو فخاب ظنهم وخاب شأنهم فشفاعمرو لم ولن تسقط بل بعثت من جديد لتأكد انها حية وموجودة ولا ترتضي الظلم ولا تصبر على ضيم.

ان الشرفاء من أبناء شعبنا ينظرون إلينا ويراقبون أداءنا الآن وينتظرون منا الكثير ، سنثبت للجميع أننا شفاعمريون.

اليوم يوم عز رموزه انتم، اليوم يوم كبرياء أبطاله انتم ، اليوم يوم عرس عروسه شفاعمرو.

الخطاب الثني (في بيت الطائفة المعروفية(

أهلي الطيبين

بفخر واعتزاز أقف اليوم أمامكم أهل بلدي الأحباء في هذا المكان الرحب ، رجال تملكون التزاما أدبيا وأخلاقيا بكلماتكم ، لكم ثوابت رجولية بالفطرة لا تحيدون عنها ، انتم رموز هذا البلد الشامخ ، فمهما تغييرت الظروف فأنكم لا تتغيرون ولا تبدلون مواقفكم.

لا أدري لماذا ينتابني شعور بالطمأنينة كلما زرت هذا البيت ، فكما انتابني شعور بالاستئناس والألفة في الكنيسة قبل هذه الزيارة فإنني اشعر وكأنني في بيتي سواءاً في هذا البيت أو في قاعة الكنيسة .

أيها الأخوة ليس هناك أدنى شك في أننا بدأنا بخطوات واثقة في الاتجاه الصحيح ، أن هذه الزيارات الأخوية المتبادلة تمثل أفضل دليل لعودة المياه في شفاعمرو إلى مجاريها.

إن شفاعمرو أمانة عظيمة حملها أجدادنا وصانوها وجاء دورنا اليوم لنصونها ومن أكثر دراية من المعروفيين بمفهوم الأمانة . لقد قرأت في كتب الأثر مواقف تثبت مفهوم الأمانة الراسخ لدى بني معروف حيث يفنى الرجال ولا تفنى الأمانة.

إن شفاعمرو اليوم تثبت للقاصي والداني أنها حصينة ، ثابتة ، ذات سعة رحبة ومودة طيبة وغيرة صلبة ومهما اشتدت الامور علينا نثبت اننا شفاعمريون ومهما اتسعت دائرة الفتنة بيننا نثبت اننا شفاعمريون.

شفاعمرو ليست مدينة فحسب ، شفاعمرو قيمة جميلة ذات جذور عميقة غرست في أرواحنا واستوطنت في قلوبنا واجتاحت كياننا.

قالوا لي "ألا تغالي يا ناهض في حبك لشفاعمرو" ؟ لله دركم ، وهل على هذه الأرض بقعة كشفاعمرو ؟!!

بلدية شفاعمرو أعلنت منذ الأحداث المؤسفة انه لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما يحدث ولن تمنح أية  فرصه للعابثين وهواة الصيد في الماء العكر للنيل من وحدة هذا البلد.
فبدأنا بتحركات حثيثة ومكثفة وخطوات عملية لنزع فتيل الأزمة ، والتزمنا بالموقف الوسطي ، فلا يوجد هناك مكان للتحيز مع أخ ضد أخيه ، فشفاعمرو  قامت على ثلاث دعائم وثلاثة محاور ، وكأني بها اليوم مثلث تسامح ، زواياه متساوية ان اختلت زاوية تهاوى جميعه.

أن القيادة الدينية والاجتماعية والسياسية للطائفتين المسيحية والدرزية تصرفت بحكمة ومسؤولية منقطعة  النظير ، فسهلت مساعي الصلح والإصلاح ، فإذا  بالأجواء الضبابية  تتبدد ، وإذا بالعبثية تتهمش . اليوم نبدأ مرحلة جديدة ، مرحلة بناء ونماء بعد أن تقزمت كل المهاترات، واندثرت كل المؤامرات ، وقد عقدنا العزم لنرفع اسم شفاعمرو عاليا من خلال انجازات نشارك فيها جميعاً.

كل من يعرفني يعرف أنني أنبذ الانفرادية والعشوائية ، من هنا تبنيت خطة عمل مهنية ومدروسة لتجاوز كل الأزمات التي قد تحدث مستقبلا ، وسوف تترجم هذه الخطة إلى انجازات  هامة على ارض الواقع وخاصة في رعاية الشباب  وبناء المستقبل، وكل ما أتوخاه منكم هو التحلي بالصبر ومد يد العون  لبناء شفاعمرو الحبيبة  وفق مفاهيم تتماشى مع روح العصر.

إخوتي أئمة المساجد وقادة الطائفة الإسلامية ، أدامكم الله ذخرا لشفاعمرو التسامح وشفاعمرو المحبة ، أبناء المسيح وبني معروف لقد أثبتم اليوم إنكم رجال سلم وتسامح وفقكم الله وسدد خطاكم إلى ما هو خير لنا جميعا.

اليوم نطوي صفحة سوداء عابرة من تاريخ هذا البلد واليوم نعزز وحدة شفاعمرو وشموخها.

في نهاية كلمتي أتقدم بجزيل الشكر والعرفان وأقدر عاليا كل من ساهم معنا في الوصول إلى هذه المرحلة ، شكر من القلب إلى المرجعيات الدينية للطائفة المسيحية والطائفة المعروفية  سيادة المطران د. الياس شقور الكلي الوقار وفضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية. شكر خاص إلى رئيس وأعضاء لجنة تقصي الحقائق التي بذلت جهودا كبيرة في تجاوز هذه الأزمة، شكر إلى زملائي نواب وأعضاء المجلس البلدي ،  الذين كانوا معنا طوال الوقت وساهموا مساهمة كبيرة في إنجاح هذه المساعي الطيبة، وشكر إلى كل أهل الخير من أبناء مجتمعنا العربي الذين لم يدخروا جهدا وكانوا بتواصل دائم معنا في تجاوز الأزمة، والشكر الكبير لأهل بلدنا الأحباء الذين أثبتوا بحكمتهم ومسؤوليتهم ان شفاعمرو عزيزة وغالية على قلوبهم وان وحدتها وتآخيها قيمة لا يمكن التنازل عنها.

وفقنا الله وإياكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.