[x] اغلاق
القدس تصرخ: الحكام العرب وين... الدم العربي وين... الشرف العربي وين
20/12/2017 11:00

القدس تصرخ: الحكام العرب وين... الدم العربي وين... الشرف العربي وين

الإعلامي أحمد حازم

في السادس من الشهر الحالي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف إدارته بالقدس عاصمةً لإسرائيل، حتى أنه قال صراحة أن (قادة؟!) أنظمة عربية كانت على علم مسبق بالقرار، ولم يتخذوا أي خطوة عملية رادعة لمواجهته على الأقل قولاً.  هذا الموقف من النظام العربي الرسمي يظهر بوضوح أن حكام العرب بشكل عام ينحنون أمام أي قرار أمريكي. هذا الموقف يؤكد صحة ما قاله لي وزير الخارجية اليمني الأسبق أبو بكر القربي، إذ قال لي حرفياً  خلال مقابلة معه:" لا يستطيع أي ملك عربي أو أي رئيس عربي معارضة البيت الأبيض من الناحية الفعلية".   

مواقف الأنظمة العربية على قرار الرئيس الأمريكي، لم تكن  لغاية الآن أكثر من رفع عتب، وفي حقيقة الأمر كانت هذه الأنظمة تفضل الصمت على رفع العتب، وكلما مرت السنوات يكون الوقت لصالح إسرائيل وليس لصالح العرب. وردود فعل الزعامات العربية يذكرني بقول رئيسة الحكومة الإسرائيلية جولدا مائير عندما ارتكب الصهاينة جريمة حرق المسجد الأقصى في 21 آب 1969 إذ قالت: " لم أنم ليلتها، وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلون إسرائيل أفواجا ًأفواجاً من كل حدب وصوب، لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعل ما نشاء فهذه أمة نائمة". وأنا أضيف على ذلك، أن الحكام العرب أصبحوا مبتوري الكرامة والإحساس، لأنهم دائماً في عد تنازلي سياسياً.

إعلان ترامب عن القدس عاصمة لإسرائيل جاء بالفعل لتعرية الحكام العرب وإسقاط ورقة التوت التي كانوا يتسترون بها. والشيء الواضح للعيان أن القادة العرب الذين لم تعد فلسطين تعنيهم إستناداً إلى ممارساتهم، ولم تعد القدس قضية مركزية لهم، وظهر ذلك في ردود فعلهم تجاه إعلان ترامب، لدرجة أن حكام بني يعرب بشكل عام، تركوا كلياً (العداء) لإسرائيل. حتى أن بعضاً منهم الذين لا توجد لهم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مثل دول الخليج، أصبحوا يتسابقون في إقامة علاقات سرية معها، لكن إسرائيل وعلى ما يبدو غير مهتمة بإقامة مثل هذه العلاقات (المستورة) وتريد علاقات (مكشوفة)،

قمتان انعقدنا أحدهما عربية في القاهرة والأخرى إسلامية في اسطنبول، والقرارات التي صدرت عن القمتين لم تتجاوز سقف ردود الأفعال الدولية والشارع العربي من تضخيم عبارات الإدانة، والتأكيد على فقدان الولايات المتحدة لحياديتها وعلى انحيازها التام علانية لإسرائيل، وكأن الإدارة الأمريكية لم تكن كذلك قبل إعلان ترامب.

 نتائج قمة العرب وقمة المسلمين لم تكن مفاجأة للشارع العربي لأن القمتين هما قمة أنظمة وليس قمتي شعوب والفرق كبير بين الجهتين. الشعوب العربية والإسلامية كانت تتوقع من الدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل قطع هذه العلاقات أو على الأقل تجميدها، وإغلاق المقرات الدبلوماسية لها، أو على الأقل أيضاً استدعاء سفرائها لدى إسرائيل. ولو كانت الدول العربية لديها اهتمام بالقدس، لسارعت في قطع علاقاتها السياسية والتجارية مع الولايات المتحدة . في العام 1975 تم إنشاء  لجنة القدس بتوصية من وزراء خارجية البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي مهمتها حماية القدس، وأسندت رئاسة اللجنة إلى ملك المغرب الحسن الثاني، وبعد وفاته تولى إبنه محمد السادس رئاسة اللجنة. ومنذ تأسيس هذه اللجنة لم نسمع أي شيء عن أي نشاط أو إنجاز لها لصالح القدس.

إن فلسطين بقدسها وكافة مدنها، لها جاذبية قوية لدى أبنائها، والشعب الفلسطيني وحده كما تعلمنا من التاريخ هو المسؤول الأول عن القدس والأقصى. وقد سجل التاريخ في شهر يوليو/تموز الماضي انتفاضة ضد إغلاق الأفصى، ورفض الفلسطينيون بشدة وضع أبواب إلكترونية على مداخله وأجبروا المحتل الإسرائيلي على إزالة هذه الأبواب من مداخل المسجد الأقصى، والأمل ليس معقوداً على أنظمة عربية قمعية، بل على أبناء الداخل الفلسطيني والضفة الغربية بشكل عام وابناء زهرة المدائن بشكل خاص. وطالما هناك شعب فلسطيني حر يناضل من أجل قضيته، ستبقى القدس عربية إسلامية عاصمة لفلسطين، ولن يكون هناك دولة فلسطينية بدون القدس، التي تصرخ دائما: "الحكام العرب وين... الدم العربي وين... الشرف العربي وين"، لكن الفلسطيني يعرف تمام المعرفة بحكم تجاربه، أن  من تستغيث القدس بهم هم طرشان لا يسمعون ، وتأكد للفلسطيني أيضاً المثل القائل : " ما حك جلدك مثل ظفرك".